القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

[الخانقاه العزية]

ومنها الخانقاه العزية بالجسر الابيض على حافة نهر ثورا قبلي دار عبد الباسط وغربي الماردانية ومدرسة الخواجا ابراهيم بغرب.

قال ابن شداد خانقاه على نهر ثورا إنشاء الامير عز الدين أيدمر الظاهري نا [ئب السلطنة] بالشام انتهى.

(قلت) ومكتوب على عتبة بابها انه أنشأها في زمن لم يعينه وانما عين وقفها ورأى شيخنا المحيوي [وقفها في] مصادقة : بين بهاء الدين الباعوني (١) وولد البقاعي (٢) ابراهيم ملخصها : ان التربة العزية بالجسر الابيض بصالحية دمشق و [المسجد] بها والرباط الوقف على

__________________

[الخانقاه الشبلية]

قال ابن شداد : انشأها شبل الدولة كافور المعظمي بسفح قاسيون وقد مرت ترجمته في مدرسة الشبلية.

[ابن القرشية]

وقال الذهبي في العبر في سنة اربعين وسبعمائة : ومات بدمشق الشيخ المعمر نجم الدين بن بركات [بن] ابي الفضل بن القرشية البعلبكي الصوفي احد اعيان الصوفية واكابر الفقراء القادرية عن تسعين سنة او اكثر حدث عن الشيخ الفقيه [شمس الدين بن ابي عمر] ، وكان خاتمة اصحابه وعن ابن عبد الدائم وابن ابي اليسر وجماعة وولي مشيخة الشبلية والاسدية توفي في رجب انتهى.

وقال السيد الحسيني في ذيله في سنة خمس وخمسين وسبعمائة مات شيخنا سابق الدين عثمان بن علي بن بشارة الشبلي الحنفي عن ثلاث وثمانين سنة حدث عن ابن البخاري وغيره وولي نظر خانقاه الشبلية توفي في ثامن عشرين جمادى الاخرة انتهى.

(١) في الاصل البابوعي والتصحيح من تنبيه الطالب النسخة المونيخية.

(٢) كذا في الاصل ، وفي تنبيه الطالب النسخة المونيخية : الباقعي ابراهيم.

٢٨١

ذلك الحصة وقدرها احد [ى] وعشرون قيراطا وربع قيراط من اصل اربعة وعشرين قيراطا من قرية دسيا (١) بضم الدال ثم سين مهلة مفتوحة ثم ياء تحتانية مشددة ثم ألف مقصورة من وادي بردى وجميع الخان بمحلة باب الجابية المعروف بخان العميان الذي حده من القبلة خان ابن حجي ومن الشرق البايكية من جملة أوقاف التوريزي وتمامه الدخلة وفيه الباب قب [لمي تربة] الجعبا (٢) ومن الشام أملاك الحمصاني ومن يشركه ، ومن الغرب الخان المعروف قديما بابن الحارة ، ويومئذ بخان المرأة وجمي [ع الفرن] المعروف قديما بوقف التربة المذكورة بصالحية دمشق بالقرب من حمام المقدم ، وغير ذلك مما هو منسوب لوقف التربة المذكورة انتهى.

* * *

[وصف العزية]

وهذه الخانقاه قد خربت وكذلك الرباط ، ولهما شبابيك مطلة على نهر ثورا.

وأما التربة فهي الى الآن عامرة ، ولها [شباكان] مطلان على النهر المذكور وآخر الى الشرق مطل على الجسر المذكور ، ولصيقه بابها الخارج ، ومنه يدخل في دهليز فيه باب [ها] الجواني ، وفيه باب الرباط ، وفيه باب الخانقاه ، الخرابتين وشبابيك هذه التربة كانوا من حديد فسرق أحدهما ففك الآ [خر] وعمل عوض الجميع شبابيك من الخشب فعل ذلك احد نظارها البدري ابن الشيخ عيسى الحنفي وسبب خراب هذه الخانقاه ... [ص ٨٥] المحتسب الحنفي وكان مقيما بهما

__________________

(١) الراجح انها هي المشهورة بآدسيا وهي قرية غربي دمشق تحاذي قرية الهامة تبعد عن دمشق ١٢ كيلو مترا.

(٢) كذا في الاصل وتنبيه الطالب ويترجح لدي أن صوابها «تربة الجيعان».

٢٨٢

منها لنزول حرامية عليه بها والى الآن ولده مستول عليها بسبب عدة وظائف له فيها (١).

* * *

[الخانقاه الحاجبية]

ومنها الخانقاه بجامع الحاجب الامير محمد بن مبارك ، وقد مر ذكرها فيه فراجعها (٢).

* * *

[الخانقاه القلانسية]

ومنها الخانقاه القلانسية غربي المدرسة القاهرية الحنفية وقد مر ذكرها في دور الحديث فراجعه فيها (٣).

* * *

(تنبيه) قال الدميري في باب الاحياء والاموات (٤) : والخانقاه بالكاف وهي بالعجمية ديار الصوفية ولم يتعرضوا للفرق بينها وبين الزاوية ، والرباط وهو المكان المسبل للافعال الصالحة والعبادة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا ادلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال : اسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطى الى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط» وقوله تعالى (وَرابِطُوا) قيل هي انتظار

__________________

(١) اصبحت الآن عقارات مملوكة راجع موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) ص ١٠٢.

(٣) ص ١٤٣.

(٤) كذا في الاصل وتنبيه الطالب ، والصواب «باب إحياء الموات» لان هذا الباب هو الذي ذكر الدميري فيه هذه المسألة.

٢٨٣

الصلاة بعد الصلاة اذ لم يكن في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم غزو يرابط فيه.

الباب السابع عشر

في الزوايا التي للفقراء بالصالحية

[زاوية الارموية]

منها الزاوية الارمورية فوق الروضة بجبل قاسيون.

[عبد الله الارموي]

قال الذهبي في العبر في سنة احدى وثلاثين وستمائة. والشيخ عبد الله بن يونس الارموي الزاهد القدوة صاحب الزاوية بجبل قاسيون ، كان صالحا متواضعا مطرحا للتكلف يمشي وحده ويشتري الحاجة ، وله احوال ومجاهدات وقدم في الفقر توفي في شوال وقد شاخ انتهى.

وفيها في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة في ترجمة الشيخ غانم بن علي المقدسي الزاهد ما عبارته : واتفق موته عند صاحبه الشيخ عبد الله الارموي في غرة شعبان فدفن عنده انتهى.

[ابراهيم الارموي]

وقال فيها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة : والارموي الشيخ الزاهد ابراهيم ابن الشيخ القدوة عبد الله روى عن الشيخ الموفق وغيره توفي في المحرم وحضر ملك الامراء والقضاة وحمل على الرؤوس وكان صالحا خيرا تقيا قانتا لله انتهى.

[علي الارموي]

وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة خمس وخمسين

٢٨٤

وسبعمائة : ومات بالصالحية الشيخ الصالح المعمر القدوة علاء الدين علي ابن محمد بن ابراهيم ابن الشيخ عبد الله الارموي حدث عن الفخر بن البخاري وتوفي في شوال ودفن في زاوية جده انتهى.

* * *

[وصف الارموية]

وهذه الزاوية نقر في صخر بها عدة خلاوي وخارجها كان عدة ابنية وثمة عدة قبور (١).

* * *

[الزاوية الارموية الشرقية]

ومنها الزاوية الارموية الشرفية قبلي المعظمية بسفح قاسيون.

[شرف الدين الارموي]

قال الذهبي في العبر في سنة اربع وثمانين وستمائة : والرومي الشيخ الزاهد شرف الدين محمد بن الشيخ الكبير عثمان بن علي صاحب الزاوية التي بسفح قاسيون كان عجبا في الكرم والتواضع ومحبة السماع توفي في جمادى الاولى وقد نيف على السبعين انتهى.

* * *

[وصف الارموية]

وهذه الزاوية على هيئة مربع ، بابها الداخل الى الشرق ، ولصيقه شباك ، وخارج هذا الباب فسحة بها عدة قبور وبير ماء وعدة خلاوي ، يغلق على هؤلاء الباب الخارج الآخذ الى السكة. وقد اشتهرت في عصرنا بزوايا الشيخ محمد القاري ، ثم بتلميذه الشيخ حسن ، والآن

__________________

(١) مجهولة.

٢٨٥

ساكن بها ولده اخونا شمس الدين محمد واولاده وهي عامرة بهم (١).

[الزاوية الدينورية]

ومنها الزاوية الدينورية بسفح قاسيون.

[عمر الدينوري]

قال الذهبي في العبر في سنة تسع [ص ٨٦] وعشرين وستمائة : والشيخ عمر بن عبد الملك الدينوري الزاهد نزيل قاسيون ، كان صاحب احوال ومجاهدات واتباع ، وهو والد خطيب كفر بطنا جمال الدين انتهى.

وقال الاسدي في تاريخه الاعلام في السنة المذكورة عمر بن عبد الملك بن ابراهيم الدينوري الزاهد نزيل سفح قاسيون. كان شيخا زاهدا عابدا قانتا محببا منقطعا الى عبادة الله عزوجل صاحب احوال ومجاهدات له زاوية واصحاب. قال الضياء : اجتمعت به بالبلاد وزرت شيخه وبدلالتي قدم الشام وسكن الجبل.

قال الذهبي : هو والد الخطيب جمال الدين محمد امام كفر بطنا مات في شعبان انتهى.

وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وثمانين وستمائة والدينوري خطيب كفر بطنا الشيخ جمال الدين بن البركات محمد بن القدوة العابد الشيخ عمر بن عبد الملك الصوفي الشافعي ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدينور وقدم مع ابيه وله عشر سنين فسكن بسفح قاسيون ، فسمع

__________________

(١) دثرت والراجح انها كانت ملاصقة للمكان المسمى ساحة الاولياء وهي فسحة كان بها عدة قبور دثرت من وقت قريب وهي قريبة من جادة السكة.

٢٨٦

الكثير ونسخ الاجزاء واشتغل ، وحصل ، وحدث عن ابن الزبيدي ، والناصح بن الحنبلي ، وطائفة. توفي في رجب وكان دينا فاضلا عالما انتهى.

وهذه الزاوية ليست بمعروفة ولعلها في الخراب.

* * *

[الزاوية الدينورية الشيخية]

ومنها الزاوية الدينورية الشيخية بسفح قاسيون ، قال ابن كثير في سنة احدى وستين وستمائة الشيخ ابو بكر الدينوري وهو باني الزاوية بالصالحية وكان له فيها جماعة مريدون يذكرون بأصوات حسنة طيبة انتهى.

[ابو بكر الدينوري]

(١) ثم رأيت أبو [كذا] شامة قال في ذيله في سنة احدى وستين وستمائة وفي ذي القعدة توفي الشيخ الصالح صلاح الدين ابو زبد (٢) الدينوري صاحب الشيخ عز الدين الدينوري وهو الذي بنى له الزاوية بسفح قاسيون غربي الجامع المظفري وصار بجماعته يذكرون فيه عقيب صلاة الصبح باصوات حسنة ثم مات عز الدين وبقي الشيخ الصلاح يقوم بهذه الوظيفة ، بت عنده ليلة في الزاوية المذكورة.

وهذه الزاوية ليست بمعروفة ولعلها في الخراب.

* * *

__________________

(١) هذه الجملة على الهامش بخط المؤلف.

(٢) كذا في الاصل وذيل ابي شامة.

٢٨٧

[الزاوية السيوفية]

ومنها الزاوية السيوفية بسفح قاسيون من نهر يزيد ، غربي التربة العادلية ، وشرقي الزاوية القوامية البالسية.

قال الذهبي في المختصر الذي أصغر من العبر في سنة عشر وسبعمائة : مات الشيخ السيوفي بزاويته التي بقاسيون وهو (١) نجم الدين عيسى ابن شاه ارمن الرومي انتهى.

ولم يذكره في ذيل العبر واوقف عليها وعلى ذرية الشيخ نجم الدين المذكور الملك الناصر قريتي عين الفيجة ودير مقرن فوقها بوادي بردى الثلث للزاوية والثلثان للذرية وبنى له ولجماعته بيوتا حولها ثم زالت.

* * *

[وصف السيوفية]

وهي (٢) قبو على النهر المذكور ، لها من جهة الشرق والغرب شباكان متسعان مطلان على النهر ، وقدام الغربي منهما صفة عليها سقف مركب على عمود مسدس قلعة نائب الشام سيباي ووضعه في ايوان مدرسته الغربي خارج باب الجابية ، وجعل عوضه خشبة.

وباب هذه الزاوية الى الشمال ، وقدامه فسحة كان بها البيوت المذكورة ولها دهليز ممتد الى الخارج عند محلة الفواخير ، وفي دهليزها من جهة الغرب كان رواقا من بناية الملك الناصر على عواميد من حجارة زرزورية (٣) ودائره حجر أصفر وأبيض وشباك مطل على الطريق فك

__________________

(١) في الاصل وهم نجم الدين.

(٢) دثرت ولا اثر لها.

(٣) يريد بالحجارة الزرزورية احجار الجرانيت.

٢٨٨

ذلك كله النائب المذكور واخذه لمدرسته المذكورة.

كان وقتها يوم الجمعة بعد الصلاة وفي عصرنا جعل يوم السبت بعد العصر.

وكانت مشيختها في يد العم جمال الدين بن طولون ، ثم انتزعها منه بالشركة الشيخ يونس الحلبي وادعى انه من ذرية الواقف ، وهي الآن بيد اولاده ، وقد توفي بدار الحديث الاشرفية الدمشقية ودفن بمقبرة باب الصغير ، وكان وافق سيباي على هدم ما تقدم.

* * *

[الزاوية العمادية]

[ص ٨٧] ومنها الزاوية العمادية المقدسية عند كهف جبريل بسفح قاسيون.

[العماد احمد المقدسي]

قال البرهان بن مفلح في طبقاته : أحمد بن إبراهيم بن عبد الكريم ابن علي بن سرور الشيخ الامام عماد الدين ابن الشيخ العماد المقدسي الصالحي سمع من أبي القاسم بن الحرستاني وابن ملاعب والشيخ موفق الدين ، ثم رحل الى بغداد متفرجا وله حظ من صلاة وصيام وذكر ، سمع منه المزي والبرزالي واقام مدة بزاوية له بسفح قاسيون عند كهف جبريل وكف بصره توفي ودفن يوم عرفة عند قبر والده بالروضة (١) سنة ثمان وثمانين وستمائة انتهى.

وهذه الزاوية ليست بمعروفة.

__________________

(١) مقبرة في جبل قاسيون ، أثبتنا موضعها في مخطط الصالحية.

٢٨٩

[الزاوية الغسولية]

ومنها الزاوية الغسولية بسفح قاسيون.

قال الذهبي في ذيل العبر في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ومات بقاسيون شيخ الفقراء ابو عبد الله محمد بن ابي الزهر الغسولي عن ثلاث وثمانين سنة روى عن ابراهيم بن خليل حضورا وعن عماد بن عبد الهادي وابن عبد الدائم وجماعته ، وله زاوية ومريدون انتهى.

وهذه الزاوية ايضا ليست بمعروفة.

* * *

[الزاوية الفقاعية]

ومنها الزاوية الفقاعية بسفح قاسيون.

قال الذهبي في العبر في سنة تسع وسبعين وستمائة والشيخ يوسف الفقاعي الزاهد ابن نجاح بن موهوب توفي في شوال ودفن بزاويته بسفح قاسيون وقد نيف على الثمانين وكان عبدا صالحا خائفا قانتا كبير القدر له اصحاب ومريدون انتهى ،

وهذه الزاوية ايضا ليست بمعروفة.

* * *

[الزاوية الفرنثية]

ومنها الزاوية الفرنثية بسفح قاسيون.

قال الذهبي في العبر في سنة احدى وعشرين وستمائة والشيخ علي الفرنثي الزاهد صاحب الزاوية والاصحاب بسفح قاسيون وكان صاحب حال وكشف وعبادة وصدق توفي في جمادى الآخرة انتهى.

٢٩٠

[علي الفرنثي]

وقال الاسدي في تاريخه الاعلام في السنة المذكورة : علي الفرنثي قال الذهبي الرجل الصالح كبير القدر صاحب كرامات ورياضات وسياحة وله اصحاب ومريدون وله زاوية بسفح قاسيون ، وذكر الشيخ محمد بن ابي الفضل قال : شاهدت الشيخ علي الفرنثي والحجر ينزل من المقطع فيشير اليه يا مبارك يمين فينزل يمينا ويقول يا مبارك شمال فينزل شمالا توفي في جمادى الآخرة بقاسيون وبنوا على قبره قبة انتهى.

وقال الذهبي في المشتبه : والزاهد الشيخ علي الفرنثي بسفح قاسيون وأولاده قال ابن ناصر الدين في مسودة توضيحه في حرف الفاء : الكمال ابو الحسن علي بن محمد بن حسين بن علي الفرنثي بفتح الفاء وسكون الراء وفتح النون وكسر المثلثة ويقال الفرنثي بالتاء بدل المثلثة سمع من ابن اللتي وطبقته مات في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة بسفح الجبل قاسيون وكان شيخ زاويتهم بعد أبيه ، وأبوه هو خليفة الشيخ علي الفرنثي وابن زوجته وخادمه وصاحبه ، وقائم مقام ولده فيما ذكره العلم ابن البرزالي وأخوه موسى بن (١) مات في رمضان سنة ست وثمانين بزاويتهم بالجبل انتهى كلام ابن ناصر الدين.

[محمد الفرنثي]

وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة سبع واربعين وسبعمائة : ومات الشيخ الصالح الزاهد ابو عبد الله محمد بن موسى بن محمد بن حسين الفرنثي الصوفي الصالحي احد مشايخها الزهاد ولد سنة ست وستين وسمع الشيخ شمس الدين وابن البخاري وغيرهما ، توفي في رمضان ودفن بزاوية جده بقاسيون انتهى.

__________________

(١) كذا في الاصل وتنبيه الطالب النسخة المونيخية.

٢٩١

وهذه الزاوية أيضا ليست بمعروفة (١).

[الزاوية القوامية]

ومنها الزاوية [ص ٨٨] القوامية البالسية غربي قاسيون والزاوية السيوفية على حافة نهر يزيد بمحلة الفواخير.

[ابن قوام]

قال الذهبي فيمن مات سنة ثمان وخمسين وستمائة من تاريخه العبر : وابن قوام الشيخ الزاهد الكبير أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي جد شيخنا ابي عبد الله محمد بن عمر كان زاهدا عابدا صاحب حال وكشف وكرامات وله زاوية واتباع ولد سنة اربع وثمانين وخمسمائة وتوفي في سلخ رجب ببلاد حلب ثم نقل تابوته ودفن بسفح قاسيون في اول سنة سبعين وقبره ظاهر يزار انتهى.

وقال في ذيل العبر في سنة ثمان عشرة وسبعمائة : ومات في صفر بزاويته الامام القدوة بركة الوقت الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير ابي بكر بن قوام البالسي عن سبع وستين سنة ، روى لنا عن اصحاب ابن طبرزد ، وكان محمود الطريقة متين الديانة انتهى.

وقال في مختصر تاريخ الاسلام في السنة المذكورة : وفيها توفي شيخنا القدوة الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير ابي بكر بن قوام البالسي وله ثمان وستون سنة انتهى.

وقال تلميذه ابن كثير في سنة ثمان عشرة وسبعمائة : وممن توفي فيها من الاعيان الشيخ الصالح العامل الناسك محمد بن عمر ابن الشيخ الكبير العارف ابي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي ولد سنة

__________________

(١) لصيق المدرسة المرشدية من جهة الغرب قبة مدفون فيها الشيخ علي الفرنثي راجع التربة الفرنثية في مخطط الصالحية.

٢٩٢

خمسين وستمائة ببالس ، وسمع من اصحاب ابن طبرزد ، وكان شيخا جليلا بشوش الوجه حسن السمت مقصدا لكل احد ، كثير الوقار عليه سيما الخير والعبادة ـ الى ان قال ـ توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين الثاني والعشرين من صفر بالزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والناصرية والعادلية ، وصلي عليه بها ودفن فيها ، وحضر جنازته ودفنه خلق وجم غفير ـ الى ان قال ولم يكن للشيخ مرتب على الدولة ولا غيرهم ولا لزاويتهم مرتب ولا وقف وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل ، وكان يزار ، وكان له معرفة تامة ، وكان حسن العقيدة ، وطويته صحيحة ، وكان محبا للحديث وآثار السلف ، كثير التلاوة والجمعية على الله عزوجل وقد صنف جزءا فيه اخبار جده رحمه‌الله وبل ثراه انتهى.

وقال الصفدي : وقف عليها بعض التجار بعض قرية وجمع سيرة لجده قل ان ترى العيون مثله ، توفي سنة ثمان عشرة وسبعمائة ، ودفن بزاويتهم بسفح قاسيون ، وله من العمر ثمان وثمانون سنة انتهى.

وخلف من الاولاد نجم الدين محمد ميلاده في ذي الحجة سنة تسعين وستمائة سمع وتفقه وحدث عن عمر بن القواس وغيره وكان شيخ زاوية والده ودرس بالرباط الناصري وسمع منه الشريف الحسيني وكان رجلا حسنا جيد المعاشرة فيه اخلاق وآداب حسنة وعنده محبة للعلم توفي في رجب سنة ست واربعين وسبعمائة ودفن في زاويتهم الى جنب [والده].

وخلف من الاولاد ولده الشيخ الاصيل الفقيه نور الدين ابو عبد الله محمد ميلاده في رمضان سنة سبع بتقديم السين عشرة وسبعمائة وسمع من جماعته وتفقه ودرس وحدث. قال ابن كثير كان من العلماء الفضلاء ودرس بالناصرية البرانية مدة سنتين بعد ابيه وبالرباط الدواداري

٢٩٣

داخل باب الفرج وكان يحب السنة ويفهمها جيدا. وقال الحافظ ابن رافع سمع وتفقه ودرس وكان حسن الخلق توفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بزاويتهم انتهى.

وقد مر ذكره في دار الحديث الناصرية وترجمة والده ايضا.

* * *

وهذه الزاوية اندثرت وفي عصرنا جدد بعض الاعيان غربي قبر الشيخ ابي بكر بن قوام صاحبها ايوانا وشباكا تجاه قبر الشيخ واولاده من جهة الشمال مطل على الطريق الذي به بابها (١).

* * *

[الزاوية الصوابية ـ الصوابي]

ومنها الزاوية الصوابية غربي سفح قاسيون شمالي الزاوية القوامية البالسية وكان اصلها تربة قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات : بدر الحبشي الصوابي الخادم الطواشي الامير بدر [ص ٨٩] الدين ابو المحاسن وهو منسوب الى الطواشي صواب العادلي كان موصوفا بالشجاعة والراي في الحرب والعقل والرزانة ، والفضل والديانة ، والبر والصدقة ، والاحسان الى اصحابه وغلمانه ، وكان اميرا مقدما اكثر من اربعين سنة وخبزه مائة فارس ، قال شمس الدين قرأت عليه جزءا سمعه من ابن عبد الدائم وحج بالناس غير مرة نيّف على الثمانين ، ومات فجأة سنة ثمان وتسعين وستمائة بقرية خيارة ، ودفن بتربته التي بناها بلحف الجبل شمالي الناصرية انتهى.

__________________

(١) لم يبق فيها غير قبة على القبر راجع موضعها في مخطط الصالحية وارجع الى المروج السندسية (ص ٥٠).

٢٩٤

وقال الذهبي في العبر سنة ثمان وتسعين وستمائة والصوابي الخادم الامير الكبير بدر الدين بدر الحبشي من المقدمين بدمشق وله [امرة] مائة فارس توفي فجأة بقرية الخيارة في جمادى الاولى وكان دينا معمرا موصوفا بالشجاعة والعقل والرأي روى لنا عن ابن عبد الدائم انتهى.

وقال فيها في سنة اربع وثمانين وستمائة : وشبل الدولة الامير ابو المسك كافور الصوابي الصالحي الصفوي خزندار قلعة دمشق روى عن ابن روح وجماعة وكان محبا للحديث عاقلا دينا توفي في رمضان وقد نيف على الثمانين سنة.

وقد رأيت في ذيل العبر في سنة ست وسبعمائة ومات بالكرك الطواشي المعمر صواب السهيلي وكان محتشما متمولا بعيد الصيت انتهى.

وصواب المنسوب اليه هذه التربة هو شمس الدين العادلي الخادم مقدم جيش الكامل وفاته في صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وله شعر وترجمة طويلة.

* * *

[وصف الصوابية]

وقال الجمال ابن المبرد ولم يكن لها في ابتداء زمننا كبير حال ولا ذكر انما هي مغارة وقدامها رواق صغير وبها طبقة صغيرة حتى نزلها رجل اعجمي (١) يقال له : الشيخ احمد (٢) فجعل الامراء يصعدون الى

__________________

(١) في الاصل حتى نزلها رجل اعجمي يقال له : رجل أعجمي الشيخ احمد.

٢٩٥

عنده ، فبنى الحاجب الكبير طقتمش اصطبلا كبيرا بسبب ما كان يأتي معهم من الخيول وحفر بيرا وجعل له مصنعا وبركة كبيرة للماء ، وغرس عندها حاكورة و [انشئت] دور ، ثم جاء نائب الشام قجماس باني القجماسية داخل دار السعادة فوسع رواقها فبقي مكانا جيدا وانفتحت اعين الناس اليه فقصد وجعل له ليلة الجمعة لاقامة الذكر ووقف عليه ورتب له بداريا قمحا ، ثم مات هذا الرجل ودفن اعلاها ، فوليه اخونا الشيخ عبد الرحمن الذهبي ، وهو رجل جيد لا بأس به وصار هذا المكان من النزه ، حتى انه في وقت الياسمين في الليالي المقمرة يصعد الى وقته غالب اهل دمشق انتهى.

(قلت) رأيت الشيخ عبد الرحمن يكره ذلك وربما سعى بالمناداة في منعهم لما يحصل من الفساد هناك (١).

* * *

[الزاوية الشياحية]

ومنها زاوية الشيخ محمد الشياح بالوادي الشرقي عند الزاوية الارموية انشأها في حدود الخمسين وثمانمائة وكان يقيم بها الذكر ويعمل فيها الوقت الى ان توفي ودفن بها (٢) ثم ولي مشيختها من بعده احد ولده احمد الى ان توفي بالقرمانية بالمرجة وحمل فدفن عند والده.

__________________

(١) دثرت ولم يبق لها اثر. ويقول الشيخ عبد الله المنجد احد الشيوخ في الصالحية انه رآها وهو صغير وكانت لا تزال تعرف بالصوابية وقد ارشدني الى مكانها فأثبته في مخطط الصالحية.

(٢) هذه الزاوية هي عبارة عن مغارة في واد يعرف بوادي الشياح وفيها قبر يعرف بالشيخ محمد الشياح وقد أثبتنا موضعها في مخطط الصالحية.

٢٩٦

وأما اخوه عبد السلام فانه قتل ودفن عند قبة العظام ، تعطل حال هذه الزاوية وخربت ثم تعطل بعض حال الزاوية الارموية فاني ادركتها يقام بها الوقت ، وتلك لم ادرك ايام اقامة الوقت بها.

* * *

[الزاوية الشهيدية]

ومنها الزاوية الشهيدية بالسهم الاعلى وكانت بيت الشهيد الصالحي ثم صارت بيت الحجيج الطحان [ص ٩٠] قال شيخنا الجمال ابن المبرد وقد شهد جماعة قديما انها زاوية وكان اخونا صلاح الدين البعلي كتب قصة للقاضي قطب الدين الخيضري وقرره فيها. ثم ان زوجة الحجيج وهو استوليا عليه [ا] ومحيا الكتابة التي على بابه [ا] واتخذاها بيتا انتهى.

وقد صارت في زمننا جنينة بعد ان فكت واخذت آلاتها.

* * *

[الزاوية الاحمدية]

ومنها الزاوية الاحمدية غربي عين الكرش بالارض التي هي وقف المدرسة البلخية.

قال شيخنا الجمال ابن المبرد ذهب اليها مرة سالم بن الزملاوي لما اعطي مشيخة الاحمدية وأقام الذكر فيها. وهكذا كل من ولي هذه المشيخة يذهب الى هذه الزاوية ويقيم بها الوقت مرة ثم يترك والذي يعلم من وقفها قطعة الارض حولها وهي صغيرة (١).

__________________

(١) كتب على الهامش ما نصه : وهذه الزاوية الآن في تعلق أولاد الشيخ محمد بن دميلكو الذي كان اماما بالمدرسة السليمية.

٢٩٧

[الزاوية المعايية]

ومنها الزاوية المعايية شمالي تربة المحيوي بن العربي.

بناها وأقام بها الذكر المعلم معاية الكيال ، وكان رجلا طوالا ، واستمر الذكر بها الى ان توفي في حدود السبعين وثمانمائة عن غير ولد ، ثم خلفته زوجته عائشة اخت خليل الكيال في اقامة الذكر بها الى ان توفيت فانقطع. وقيل ان بناءها كان من مال عائشة هذه وكانت صالحة.

وفي ايامنا اقام الذكر بها صاحبنا عماد الدين الاخفافي لما سكن بها ، ثم ترك ذلك.

* * *

[وصف المعايية]

وهذه الزاوية (١) تشتمل على محل للذكر بشباكين قبليين مطلين على الطريق الضيق ، وقدام بابها الجواني ساحة بها عدة قبور ، وبابها الخارج يفتح الى الشمال بالشارع الاعظم وسط الصالحية.

وأفادني الشيخ رزق الله الحنبلي ان عائشة المذكورة مدفونة وسط هذه الزاوية في محل الذكر وحدها.

* * *

[الزاوية الداودية]

ومنها الزاوية الداوودية : انشاء الشيخ ابي بكر بن داود الصوفي الصالحي الحنبلي في حدود الثمانمائة ، وتوفي في ربيع الاول سنة

__________________

(١) صارت عقارات مع ساحة القبور منذ خمسين عاما تقريبا.

٢٩٨

ست وثمانمائة ولم يتممها ، فتممها ولده الشيخ عبد الرحمن الصالحي الحنبلي عرف بجده ، ولد سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة ووجد بخطه في بعض الاجازات انه سنة اثنتين وثمانين ، وذكر انه سمع من المحب الصامت صحيح البخاري ، لكن وجد في بعض الطبقات فوت له فيه ، وكذا سمعه من عائشة بنت عبد الهادي ، وسمع من تاج الدين محمد بن بردس ، بعض مسلم والترمذي وسيرة ابن اسحق وغير ذلك ، وسمع على اخيه علاء الدين بن بردس ، وعدة ، ولبس الخرقة من الشهاب الناصح ، والشمس بن الجزري وغيرهما ، وصنف عدة مؤلفات منها : الكنز الاكبر في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والانذار بوفاة المصطفى المختار ، وتحفة العباد بادلة الاوراد ، ونزهة النفوس والافكار في خواص الحيوان والنبات والاحجار ، وتسلية الواجم في الطاعون الهاجم ، وعمر خانا بقرية الحسينية من وادي بردى على طريق بعلبك وطرابلس ، وسهل عقبة دمر وغيرها من الطرق ، وعمر مدرسة ابي عمر ، والمارستان القيمري لما كان متكلما عليهما.

توفي من غير علة ولا ضعف ليلة الجمعة تاسع عشري ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثمانمائة عن غير ولد ذكر ، ودفن بهذه الزاوية شرقي بابها البراني تحت الرواق.

[وصف الداودية]

وقال شيخنا الجمال ابن المبرد : [ص ٩١] اعظم زوايا الصالحية زاوية ابن داود. وهذه الزاوية كان قد بناها الشيخ ابو بكر بن داود ثم جاء ولده الشيخ عبد الرحمن زادها ووسعها وجعل لها الاوقاف والمرتبات السلطانية : كحملي الثلج فانه كان قد بقي عين المملكة يسعى الى خدمته القضاة والامراء والنياب والسلاطين ولا ترد له كلمة ، وجعلها من العجائب ، فانه جعل لها مدارا للماء وصهريجا ومغارة جيدة

٢٩٩

ورواقا جيدا ، وبه ايوان جيد ، ومسجد جيد ، وخلاوي كثيرة للفقراء ، وميضأة ، وبيت للكتب الموقوفة بها ، ومساكن للنساء ، وقرر فيها اماما ومؤذنا وقيما وواعظا ، حتى صارت من محال الدنيا الغريبة ، يقام بها الذكر كل ليلة ثلاثاء ويقصدها الناس من كل جهة ، ويجعل لهم ألوان الاطعمة. ثم بعد موته ولاها السلطان للشيخ قاسم الديري الصوفي وكان رجلا جيدا ، فوقع بينه وبين ولد ابنة الشيخ عبد الرحمن النزاع على ذلك ، ثم اصطلحا على المناصفة ، ثم مات الشيخ قاسم فاستقل بها ابن بنته ، وكان قد ركبته ديون بسبب ذلك فجعل يطالب بها ويضيق عليه فيتسلم اوقافها المدد الطويلة اصحاب الاواجر منه فتلاشى امر وقفها انتهى.

«قلت» ابن بنته هذا هو علي بن عمر بن علي الصالحي الحنبلي الشيخ الصالح القدوة علاء الدين ابو الحسن الشهير بابن البانياسي ، اشتغل يسيرا واخذ الحديث عن النظام بن مفلح والجمال بن الحرستاني وابي العباس بن الشريفة ، ولبس خرقة التصوف القادرية من جماعة منهم الشيخ قاسم المذكور ، وولي النظر على زاوية جده هذه ومشيختها ، ولديه تواضع زائد وتودد للناس ومحبة لطلبة العلم ، اجازني شفاها وانشدني عدة اشياء. توجه الى طرابلس بسبب بنت له في سنة ثمان عشرة وتسعمائة ، ثم بلغنا فيها أنه توفي هناك رحمه‌الله تعالى ، فولى مشيخة هذه الزاوية مع نظرها شمس الدين محمد بن احمد بن البانياسي الصالحي الحنبلي ابن بنت الشيخ عبد الرحمن ايضا ، اشتغل بعض شيء وسمع على البدر بن نبهان بعض الصحيح ، وذكر لي صاحبنا ابو العباس بن البغدادي انه سمعه عليه كاملا واكثر عن شيخنا ابي البقاء ابن ابي عمر واجاز له جماعة ، ثم اشتغل بجمع الدنيا والاعتناء بها ، نزل عليه ناس بهذه الزاوية بعد فراغ الوقت ليلة الثلاثاء العشرين من

٣٠٠