القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

الأحيان وحده ثم يلحقه بعض غلمانه سوقا ، وقال فيه بعض أصحابه وهو محب الدين بن أبي السعود البغدادي [يرثيه] :

لئن غودرت تلك المحاسن في الثرى

بوال فما وجدي عليك ببالي

ومذغبت عني ما ظفرت بصاحب (١)

أخي ثقة الا خطرت ببالي

وملك دمشق بعده ولده الناصر داود بن المعظم وبايعه الأمراء انتهى.

[ام الملك المعظم]

وقال ابن كثير في سنة اثنتين وستمائة وفي يوم الجمعة العشرين من ربيع الأول : توفيت الخاتون أم السلطان المعظم زوجة العادل فدفنت بالقبة بالمدرسة المعظمية بسفح قاسيون انتهى.

[الملك المغيث]

وقال في سنة ست وستمائة : وفيها توفي الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك العادل ودفن بتربة اخيه الملك المعظم بسفح قاسيون انتهى.

[الملك الجواد]

وقال : ولما توفي الملك الجواد يونس (٢) بن مودود ابن الملك العادل

__________________

(١) في الاصل وتنبيه الطالب :

وان كنت قد غيبت عن ناظري

مصاحب أخي ثقة ولا خطرت ببالي

والتصحيح من البداية والنهاية لابن كثير (١٣ / ١٢٣).

(٢) في الاصل وتنبيه الطالب «مؤمن بن مودود» والتصحيح من

٢٢١

مسجونا بحصن عزتا نقل الى تربة المعظم من سفح قاسيون انتهى.

[الملك الناصر داود]

وقال في سنة خمس وخمسين وستمائة في ترجمة الملك الناصر : داود ابن المعظم عيسى بن العادل رسم عليه الناصر بن العزيز بقرية البويضا التي لعمه محيي الدين يعقوب حتى توفي بها في هذه السنة ، فاجتمع الناس وحمل منها فصلي عليه حتى دفن عند والده بسفح قاسيون انتهى.

[الملك الزاهر]

وقال في سنة اثنتين وتسعين وستمائة : الملك الزاهر محيي الدين (١) ابو سليمان داود بن الملك المجاهد اسد الدين شيركوه صاحب حمص ابن ناصر الدين محمد (٢) بن الملك المعظم توفي ببستانه عن ثمانين سنة وصلي عليه بالجامع المظفري ودفن بتربته بالسفح وكان دينا كثير الصلاة في الجامع وله اجازة من المؤيد الطوسي وزينب الشعرية وابي الروح وغيرهم توفي في جمادى الآخرة انتهى.

__________________

مرآة الزمان ٨ / ٤٩٢ والبداية والنهاية ١٣ / ١٦٣ وفوات الوفيات ٢ / ٣٢٧ وشذرات الذهب ٥ / ٢١٢.

(١) كذا في الاصل وتنبيه الطالب. وفي البداية والنهاية لابن كثير : مجير الدين. ولعل ذلك هو الصواب لان مجير الدين من القاب الامراء ومحيي الدين من القاب العلماء.

(٢) هكذا في الاصل وتنبيه الطالب والبداية والنهاية لابن كثير ، ولكن هذا النص خطأ لان «ناصر الدين محمدا» هو ابن اسد الدين ابن شادي عم صلاح الدين اخو ابيه وأصل الاسرة المالكة لحمص.

وليس «ناصر الدين محمد» ابنا للملك المعظم وسيأتي ذكر نسب الملك الزاهر على الصحة في التربة الزاهرية.

٢٢٢

[الامير محمد حفيد المعظم]

وقال البرزالي في تاريخه في سنة ثلاث وسبعمائة وفي بكرة السبت عاشر جمادى الآخرة توفي الامير الفاضل العالم سيف الدين ابو بكر محمد بن صلاح الدين بن الحسن محمد ابن الملك الامجد مجد الدين الحسن ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين داود ابن الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن الملك العادل سبط ابن ابي بكر محمد بن ايوب بن شادي بسفح جبل قاسيون وصلي عليه الظهر بجامع الصالحية ودفن بالتربة المعظمية عند والده وأجداده.

وكان فقيها فاضلا ، وله شعر كتبت عنه منه في سنة خمس وسبعمائة وذكر لي انه مدح الخليفة والسلطان وقاضي القضاة نجم الدين بن صصري والشيخ كمال الدين بن الزملكاني وذكر لي أن الشيخ كمال الدين (١) اجابه بقصيدة مدحه فيها عوضا عن قصيدته ، واقام بحماة مدة ثم عاد الى دمشق واقام بها وسمع معنا علي الفاروثي وغيره ، وكان يسمع مع والده أيام الجمع بالكلاسة بقراءة الشيخ جمال الدين المزي ، وسمع بقراءتي على ابن مؤمن سنة تسعين وستمائة انتهى.

[حفيد المعظم]

وقال الصفدي في حرف الباء : ابو بكر بن داود بن عيسى ابن ابي بكر محمد بن ايوب بن شادي سيف الدين الملقب بالملك العادل

__________________

(١) هذا آخر ص ٦٣ وما بعد هذه الصفحة مخروم في الاصل ، ويبدو ان المخروم هو آخر المدرسة المعظمية واول المدرسة المرشدية. ولما كان المؤلف يستمد النصوص الواردة في المدارس من تنبيه الطالب للنعيمي فقد رأينا تتميم هذا النقص من الكتاب المذكور. كما اشرنا هنا الى اول النقص فسنشير الى آخره حينما نصل اليه في المدرسة المرشدية

٢٢٣

كان جمع بين حسن الاوصاف ومكارم الاخلام وحسن الصورة وسعة الصدر وحسن العشرة وكثرة الايصال ، واحتمال الاذى. وبذل المعروف ما لا يضاهيه في ذلك أحد من ابناء جنسه وكان له ميل الى الاشتغال بالعلم والادب وعنده ذكاء مفرط ، وحدة ذهن ، وعبارة حلوة ، وآدابه ملوكية ، لم ير في زمانه أوفر عقلا منه ، وكان له وقار وحشمة وميل الى ارباب القلوب واصحاب الاشارات ، يلازمهم ويقتدي بهم ، ويمتثل ما يأمرونه به ، ويزور الصلحاء حيث سمع بهم. وروى عن ابن اللتي ، وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وستمائة ، وصلي عليه بالجامع الاموي وحمل الى تربة جده الملك المعظم بسفح قاسيون وهو في عشر الاربعين لم يبلغها انتهى.

[الملك المعظم]

وقال الاسدي في تاريخه في سنة اربع وعشرين وستمائة : الملك المعظم عيسى بن ابي بكر بن ايوب بن شادي. السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد صاحب دمشق الفقيه الحنفي الاديب. ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين «قيل» انه ولد بعد اخيه موسى بليلة واحدة ، ونشأ بالشام وحفظ القرآن ، وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصري ، وبرع في المذهب ولازم التاج الكندي مدة ، وكان ينزل الى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت ابطه فيأخذ عنه كتاب سيبويه ، وشرحه للسيرافي ، واخذ عنه الحجة في القراءات لابي علي الفارسي والحماسة وغير ذلك من الكتب المطولة ، وحفظ الايضاح في النحو ، وسمع المسند من حنبل وسمع من عمر بن طبرزد وغيره ، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدة مجلدات بمعاونة غيره ، وصنف في العروض ،

٢٢٤

وله ديوان مشهور وكان محبا لمذهبه مغاليا فيه.

«قيل» ان اباه قال له كيف خالفت أهلك وصرت حنفيا؟ قال يا خوند الا ترضون ان يكون منكم واحد مسلم. قاله على سبيل المداعبة.

وكان كثير الاشتغال مع كثرة الاشتغال. وكان يحب كتاب سيبويه وطالعه مرات ، وكان يحب الفضيلة ، جعل لمن يحفظ المفصل للزمخشري مئة دينار ، ولمن يحفظ الجامع الكبير مئتي دينار ، ولمن يحفظ الايضاح ثلاثين دينارا سوى الجامع ، وقد حج سنة احدى عشرة ، وجدد البرك والمصانع ، واحسن الى الحجاج كثيرا ، وبنى سور دمشق والطارمة التي على باب الحديد (١) وبنى بالقدس مدرسة ، وبنى عند جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه مسجدا. قال أبو المظفر [سبط ابن] الجوزي وبنى بمعان دار مضيف وحمامين ، وكان قد عزم على تسهيل طريق الحجاج وان يبني في كل منزلة مكانا.

وكان يتكلم مع العلماء ويناظر ويبحث وكان ملكا حازما ، وافر الحرمة مشهورا بالشجاعة والاقدام ، وفيه تواضع وكرم وحياء.

وكان قد اعتد للجواسيس والقصاد ، فان الفرنج كانوا على كنفه (٢) فلذلك كان يظلم ويعسف ويصادر ، واخرب القدس لعجزه عن حفظه من الفرنج ، وكان يملك من العريش الى حمص والكرك ، وكان يركب وحده مرارا عديدة ، ثم يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه ، وكان مكرما

__________________

(١) باب الحديد هو باب القلعة الذي في زاويتها الشمالية الغربية قريبا من سوق الزرابلية والطارمة هي غرفة أو شبهها عالية حولها شبابيك كثيرة ويسمى ما هو قريب منها في دمشق طرمة.

(٢) : الكنف : الجانب ، والتكنيف : الاحاطة.

القلائد الجوهرية م ـ ١٥

٢٢٥

لاصحابه كانه واحد منهم ، ويصلي الجمعة في تربة عمه السلطان صلاح الدين رحمه‌الله تعالى ويمشي منها إلى تربة ابيه وكان اخوته وملوك الاطراف يعظمونه.

قال الملك الظاهر صاحب حلب عنه : هو والله واسطة العقد وعين القلادة ، وكان الملك الكامل يقول : وهل انبت الشعر على رؤوسنا الا الملك المعظم.

قال ابن الاثير كان عالما بعدة علوم فاضلا فيها. منها الفقه ، ومنها علم النحو وكذلك اللغة ، نفق سوق العلم في زمنه ، وقصده العلماء من الآفاق فاكرمهم واعطاهم ، الى ان قال : ولم يسمع أحد منهم ممن صحبه كلمة نزقة. وكان يقول كثيرا : اعتقادي في الاصول ما سطره ابو جعفر الطحاوي وكان يقول في مرضه : لي عند الله في امر دمياط ما ارجو ان يرحمني به.

وقال ابن واصل : كان جند الملك المعظم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند اخوته جند مثلهم ، في فرط تجملهم وحسن زيهم. وكان بهذا العسكر القليل يقاوم اخوته ، وكان الكامل يخافه لما يتوهمه من ميل عسكر مصر اليه ، لما يعلمونه من اعتنائه بامر اجناده.

وكان المعظم يخطب لاخيه الكامل في بلاده ويضرب السكة باسمه ولا يذكر اسمه مع الكامل. وكان مع شهامته وعظمة هيبته قليل التكلف جدا لا يركب في الصناجق السلطانية في غالب اوقاته ، بل في جمع قليل ، ولقد رأيته بالقدس الشريف في سنة ثلاث وعشرين :

[و] الرجال والنساء يزاحمونه فلا يردهم. فلما كثر هذا منه ضرب به المثل فيمن يفعل فعلا لا تكلف فيه قيل «فعله كالمعظم» توفي رحمه‌الله في سلخ ذي القعدة واوصى ان لا يدفن في القلعة ويخرج [به] إلى الميدان

٢٢٦

ويصلي عليه الناس ويحمل الى قاسيون فيدفن على باب تربة والدته فلم تنفذ وصيته ودفن في القلعة ثم اخرجه الملك الاشرف لما ملك دمشق ودفن مع والدته في القبة و [هي التي دفن] فيها اخوه المغيث وجرى على الرعية ما لم يجر عليهم عند موت احد من الملوك انتهى.

وقال الاسدي في سنة احدى عشرة وستمائة. وفيها حج المعظم فسار على الهجن في حادي عشر ذي القعدة ومعه عز الدين ايبك صاحب صرخد وعماد الدين بن موسك ، والظهير بن سنقر الحلبي ، وجدد المصانع والبرك ، واحسن الى الناس ، وتلقاه سالم صاحب المدينة وقدم له خيلا ، وقدم سالم معه الى الشام واما قتادة صاحب مكة فقصر في خدمته ولم يرفع له رأسا انتهى. ورأيت على الهامش عن [ابي] المظفر [سبط] ابن الجوزي : وكانت اقلا لبني صخر وهي قلعة فأخذها منهم ورتب فيها جماعة.

[الملك العزيز]

وقال في سنة تسع وعشرين وستمائة : العزيز اخو المعظم وشقيقه عثمان بن محمد بن ايوب. الملك العزيز ابن الملك العادل باني قلعة الصبيبة وكان صاحب بانياس وتبنين وهونين وهو الذي بنى الصبيبة وكان عاقلا قليل الكلام مطيعا لأخيه المعظم ، وكان بعد موت المعظم قد قصد بعلبك ليأخذها من الملك الامجد فارسل اليه الملك الناصر داود فرحله عنها كرها فلما جاء الكامل الى القدس ذهب اليه وحسن له اخذ دمشق [ثم توفي] ودفن في تربة المعظم انتهى.

[المدرسون بالمعظمية]

ثم قال العز الحلبي : اول من ذكر الدرس بها القاضي مجد الدين قاضي الطور الى ان توفي ، ثم وليها صدر الدين ابن الشيخ برهان الدين

٢٢٧

ابن مسعود ثم وليها بعده القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحوراني ثم وليها بعده القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي وبقي مستمرا بها الى ان توفي ، ثم وليها تقي الدين سليمان التركماني وهو مستمر بها الى الآن انتهى.

وقال ابن كثير في سنة اربع وتسعين وستمائة : وفي شهر رجب منها درس بالمعظمية القاضي شمس الدين بن العز انتزعها من يد العلاء ابن الدقاق انتهى.

[خطبة بالمعظمية]

وقال في سنة سبع وتسعين : وفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر اقميت الجمعة في المدرسة المعظمية وخطب فيها مدرسها القاضي شمس الدين بن العز الحنفي انتهى.

ثم درس بالمعظمية الشيخ عز الدين بن عزيز ، وقد مرت ترجمته في العزيزية (١) وانه استقر عوضه في تدريس المدرستين المذكورتين القاضي بدر الدين الحسيني وشرف الدين بن الاذرعي كما تقدم في العزيزية انتهى.

[محمد الاذرعي]

وقال الاسدي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة : الشيخ شمس الدين ابو عبد الله محمد بن شهاب الدين احمد بن سليمان الاذرعي الحنفي ، اشتغل على القاضي بدر الدين بن الرضي ، والقاضي بدر الدين المقدسي ، ثم انه بعد الوقعة صار شافعيا وولي في

__________________

(١) راجع ص ٢٠٥ وقد لقب هناك بشمس الدين لا «عز الدين» وهو كذلك في تنبيه الطالب.

٢٢٨

زمن القاضي ابن عياش بعلبك وغيرها ثم إنه عاد الى مذهبه واشتغل وفضل وأفتى ودرس واشغل ، وولي نيابة القاضي شمس الدين بن القبابي واختص به ، وحصل منه اذى للقاضي شهاب الدين بن العز ، فلما توفي ابن القبابي استمر الشر بينه وبين القاضي ابن العز ، واشتكى عليه الى المؤيد ثم انه اصلح بينهما ، واستنابه مدة يسيرة ، ثم وقعت له قضية فاغرى النائب جقمق به فضربه في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وبقي بعدها منجمعا ويجلس بالجامع للفتوى ، وكان يكتب على الفتوى جيدا ، وخطه جيد وكان بيده تدريس جامع القلعة ونظره ، وحصته من تدريس المعظمية والعزيزية بها ، وكان يقرأ البخاري قراءة حسنة ، ويقرأ في المحراب جيدا ، وبلغني أنه كان له تهجد في الليل ، ثم إنه توجه في آخر عمره الى مصر لبعض مآربه وسافر مع الحاجب برسباي فبعد ما وصل الى هناك طعن ومات شهيدا غريبا ، وكانت وفاته في نصف الشهر عن نحو ستين سنة ، واستقر ولده في غالب جهاته ، وقال لي ان جده سليمان الكردي كان يسكن عند باب المصلى ، ثم انتقل الى اذرعات وخدم عند الكاشف ، اظنه قال دوادار (١) واقام هناك وولد له (٢).

* * *

[المدرسة المرشدية]

ومنها المدرسة المرشدية على نهر يزيد ، جوار دار الحديث الاشرفية.

__________________

(١) في نسخة اخرى من التنبيه «داود».

(٢) آخر ما ورد عن المدرسة المعظمية في تنبيه الطالب. وقد خسرنا وصف ابن طولون لهيئة هذه المدرسة ، ولا وجود لهذه المدرسة الآن ولكن الاستاذ هرزفيلد أثبت رسميا لجبهتها الجميلة في مقالته عن العمارة الاسلامية زمن الايوبيين [مجلة آرس اسلاميكا الامريكية عام ١٩٤٧].

٢٢٩

قال ابن شداد : منشئتها [خديجة خاتون] بنت الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن الملك العادل في سنة اربع وخمسين وستمائة.

[المدرسون بالمرشدية]

وأول من درس بها صدر الدين احمد بن شهاب الدين علي الكاشي ، ثم انتزعت من يده ، ووليها صدر الدين ابراهيم بن عقبة الى ان توجه الى حلب المحروسة ، فوليها بعده صدر الدين علي وهو مستمر بها الى الآن انتهى.

[عبد الله الاذرعي]

«قلت» قال قاضي القضاة النجم الطرسوسي في شرح منظومته : ان اول من درس بها قاضي القضاة شمس الدين ابو محمد عبد الله ابن محمد بن عطاء (١) بن جبير بن جابر بن وهيب الاذرعي الحنفي المعروف بالقاضي عبد الله ميلاده سنة تسع (٢) وتسعين وخمسمائة تفقه على الشيخ رشيد الدين سعيد بن علي البصروي ، وقاضي القضاة صدر الدين علي بن ابي القاسم البصروي واتفق أن والده كان حنبلي المذهب كان يتغالى في الشيخ الفقيه اليونيني البعلبكي ورحل اليه الى بعلبك ، واقرأ ولده عبد الله المشار اليه القرآن على الشيخ الفقيه ، ثم استأذنه فيم يشغل به ولده ، فأشار الشيخ الفقيه بان يشغله على مذهب الامام الاعظم ابي حنيفة رضي الله تعالى عنه ، فاشتغل وحفظ القدوري ورحل الى دمشق فتفقه بها حتى صار رئيس الحنفية ، ودرس بالخاتونية العصمتية ، وبالمرشدية ، وهو اول من درس بها وباشر نيابة

__________________

(١) ورد نسبة في البداية والنهاية (١٣ / ٢٦٨) هكذا : ابن عطاء ابن حسن بن عطاء بن جبير.

(٢) في البداية والنهاية (١٣ / ٢٦٨) ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.

٢٣٠

القضاء بدمشق مدة عن قاضي القضاة احمد بن سني الدولة الشافعي ، وعمن بعده من القضاة الشافعية يعني قبل حدوث القضاة الاربعة ، ثم ولي القضاء استقلالا من السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحي في سنة اربع وستين وستمائة ، وفي سادس جمادى الأولى منها استناب القاضي بدر الدين بن المظفر بن رضوان المنبجي المدرس بالمعينية ، واستمر قاضي القضاة الى ان توفي ، وجرت له حكاية مليحة مع السلطان الملك الظاهر لما احتاط على البساتين بدمشق حين حضر السلطان بدار العدل بدمشق ، وجرى الكلام في ذلك. فتكلم قاضي القضاة شمس الدين عبد الله المذكور بين الحاضرين وقال :

«اليد لارباب الاملاك ، ولا يحل لأحد ان ينازعهم في املاكهم ، ومن استحل ما حرم الله فقد كفر».

فغضب السلطان غضبا شديدا ، وتغير لونه ، ثم قال انا اكفر ، انظروا لكم سلطانا غيري.

وكان الذي حمل القاضي على هذا الكلام مخافة الله وخشيته ، والقى الله تعالى على خاطره هذه الآية الكريمة (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) الآية ، وانفض المجلس على وحشة من السلطان. فلما كان الليل ارسل السلطان طلب القاضي فخاف وأوصى وودع أهله وراح الى السلطان وفي ذهنه انه لا يعود. فلما دخل قام السلطان وعظمه وقال : يا قاضي تكفرنا اليوم؟

فقال : يا مولانا ، انا ما خصصت مولانا السلطان بهذا الكلام ، ولكن كل من استحل ما حرّم الله فقد كفر ، فقال السلطان لحاشية القاضي : كما هو يكفرنا. وخلع عليه ورجع الى بيته مجبورا معظما.

قال البرزالي في المنتقى : واجاز لي جميع مروياته وتوفي في يوم

٢٣١

الجمعة الثامن من جمادى الاولى سنة ثلاث وسبعين وستمائة ودفن [بالقرب من المعظمية] بسفح قاسيون انتهى.

ثم درس بهذه المدرسة قاضي القضاة شمس الدين الحريري (١)

(٢) قال ابن كثير في تاريخه : وهو قاضي القضاة شمس الدين محمد بن عثمان بن ابي الحسن بن عبد الوهاب الانصاري المعروف بابن الحريري حافظ الهداية.

[شمس الدين الحريري]

قال قاضي القضاة نجم الدين الطرسوسي في شرح منظومته : ميلاده بدمشق في عاشر صفر سنة ثلاث وخمسين وستمائة. وقرأ الفقه على الشيخ عماد الدين بن الشماع وعلى الشيخ رشيد الدين بن البصروي. وتفقه عليه (٣) والدي (٤) [ص ٦٤] وعمي وقاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق واخوه الشيخ شهاب الدين والشيخ شمس الدين بن هاشم وشيخنا الشيخ نجم الدين وجماعة ، وشرح الهداية وعلق فوائد فقهية ، وولي تدريس المدرسة الخاتونية البرانية في سنة ثمان وتسعين وستمائة ، وولي القضاء بدمشق في يوم الاثنين ثاني شهر رمضان سنة تسع وتسعين وستمائة ، واستناب جدي لأمي اقضى القضاة شمس الدين بن العز ، وذكر الدرس بالمدرسة الخاتونية ،

__________________

(١) في تنبيه الطالب بعد هذه الجملة ما يلي «وقد مرت ترجمته في المدرسة الفرخشاهية».

(٢) هذا أول ترجمة شمس الدين الحريري ننقلها من بحث المدرسة الفرخشاهية.

(٣) في نسخة من التنبيه : وتفقه على والدي وعمي.

(٤) هنا ينتهي ما نقلناه من تنبيه الطالب تممنا به ما خرم من كتاب القلائد الجوهرية. وما بعد رقم (٤) هو نص الاصل.

٢٣٢

ودرس بالفرخشاهية ايضا قديما في سنة احدى وثمانين وستمائة. وفي سنة سبعمائة درس بالظاهرية بدمشق عوضا عن القاضي شمس الدين الملطي ، وفي ثاني عشر ذي القعدة سنة سبعمائة عزله قاضي القضاة جلال الدين وكانت هذه العزلة غير صحيحة فانها لم تكن من السلطان وانما كانت من الوزير ، والنائب ، ولهذا احكام جلال الدين فيها لا تنفذ.

ثم في يوم الثلاثاء خامس جمادى الآخرة سنة احدى وسبعمائة اعيد الى القضاء بتقليد السلطان ، فصارت المدة التي لا تنفذ فيها احكام جلال الدين ستة اشهر وثمانية عشر يوما.

ودرس بالمدرسة المرشدية هذه ، والصادرية ، وولي بعد [ة] مدارس اخر [ى].

وفي ثامن شهر ربيع الاول سنة عشر وسبعمائة ، وصل البريد بطلبه الى القاهرة حاكما وتوجه يوم الاثنين العشرين من الشهر المذكور وبلغني ممن أثق به أنه امتنع عن ركوب البريد وركب بغلته.

وتوفي بمصر على القضاء في يوم السبت خامس جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة انتهى.

وآخر من رأيناه درس بها شيخنا القاضي نور الدين بن منعة الحنفي ، ثم درس بها الشيخ شمس الدين ابن الشيخ عيسى الفلوجي وكانت مشتركة بينهما نظرا وتدريسا ، ثم درس بها العم القاضي جمال الدين ابن طولون وكانت اولا بيده وهو الذي نزل للقاضي نور الدين شيخنا.

* * *

٢٣٣

[وصف المدرسة المرشدية]

وهذه المدرسة مشتملة على حرم مقبي بشباكين الى القبلة مطلين على جنينة ، وشباكين مطلين من جهة الشمال على الطريق ، وفي قرنته الغربية من جهة القبلة باب تربة الواقفة ، وفي قرنته الشرقية من جهة الشمال باب الحرم ، وقدامه فسخة بها صفة ، وباب في هذه الفسحة الى القبلة يتوصل منه الى قاعة معدة للمدرس وجنينة قبليها على حافة نهر يزيد من جهة الشمال وفي هذه الفسحة باب المدرسة الخارج وفي قرنة هذه المدرسة الغربية مئذنة بابها من الطريق المذكور وعلى باب هذه المدرسة طبقة معدة للبواب والمؤذن (١).

[المدرسة القاهرية]

ومنها المدرسة القاهرية على حافة نهر يزيد من جهة الشمال ، غربي المدرسة العمرية ، وشرقي دار الحديث القلانسية ، المشهورة الآن بالخانقاه يفصل بينهما الطريق.

* * *

[الملك القاهر]

انشأها الملك القاهر اسحاق ـ ابن الملك العادل ابي بكر بن ايوب اخو (٢) الملك المعظم لابيه في حدود سنة احدى وثلاثين وستمائة.

وبها تربة زوجة الملك المعظم عين الشمس وابنتيها ربيعة وكلثوم منه.

__________________

(١) هذه المدرسة لا تزال موجودة بحالة خربة وقد اصبح قسم منها دارا ، وتعتبر مئذنة هذه المدرسة اقدم مئذنة في دمشق وهي في حالة سيئة تحتاج الى اصلاح. انظر موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) في الاصل اخي.

٢٣٤

[المدرسون بالقاهرية]

لم اقف على احد من مدرسيها ولكنها كانت سكن العلامة الشيخ عيسى الفلجوجي (١) البغدادي الصالحي الحنفي مدرس الحنفية بمدرسة ابي عمر وولده من بعده شهاب الدين احمد.

* * *

[وصف القاهرية]

وهي شبه قاعة بأربعة لواوين ، اكبرها الذي فيه المحراب ، وله شباكان مطلان على جنينة شمالي نهر يزيد ، وفي شرقيها بقبلة بير ، وقبالته في الغرب بشمال باب الدهليز للباب الخارج (٢) [ص ٦٥] وفي هذا الدهليز باب التربة المذكورة ، ولها شباكان مطلان على الطريق الذي به الباب الخارج ، ويتصل بذلك باب اخر للجنينة المذكورة. ولهذه التربة شبابيك اخر مطلة على صفة مطلة على الجنينة وعلى المدرسة المذكورة من جهة الشرق.

* * *

[المدرسة الجمالية .. جمال الدين المعظمي]

ومنها المدرسة الجمالية بارض السكة غربي الصالحية بسفح قاسيون أنشأها جمال الدين ابو المحاسن يوسف بن بهاء الدين ابي اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى الاميري المعظمي الحنفي ، وزوجته ست الامناء ابنة الصاحب شهاب الدين احمد الحنفي في شهور سنة ثمان واربعين وسبعمائة. والذي أدركناه من مدرسيها شيخنا القاضي

__________________

(١) كذا في الاصل والصواب الفلوجي نسبة الى الفلوجة بلدة على الفرات.

(٢) هذه المدرسة لا تزال موجودة ولا نعلم هيئتها من الداخل وهي مسكونة من بعض الفقراء. انظر موضعها في مخطط الصالحية.

٢٣٥

نور الدين محمد بن محمد بن منعة الخزرجي الحنفي وهو ناظرها تلقى التدريس المذكور عن قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن عربشاه العثماني الحنفي.

* * *

[وصف الجمالية]

وهذه المدرسة مشتملة على حرم في قبلته ثلاثة شبابيك مطلة على حوض على حافة نهر يزيد من الشمال وشباك في شماليها يطل على الطريق العظمى وفيه بابها غربيه وفي شرقها خزانة يصعد منها الى طبقة حسنى.

وينزل من بابها في سلم الى بيت المدرس.

الباب الرابع عشر

في مدارس الحنابلة بالصالحية

منها المدرسة الصاحبة شرقيها بسفح قاسيون. قال ابن شداد انشاء ربيعة خاتون بنت نجم الدين ايوب بجبل الصالحية انتهى.

[مظفر الدين كوكبوري]

قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث واربعين وستمائة اتصل مظفر الدين بخدمة السلطان صلاح الدين وتمكن منه وتزوج باخته ربيعة واقفة مدرسة الصاحبة واخت العادل ايضا وقد نيفت على الثمانين ودفنت بمدرستها بالجبل توفيت في شعبان منها انتهى.

[مسعود بن أنر]

وقال ابن كثير في سنة احدى وثمانين وخمسمائة : الامير الكبير

٢٣٦

سعد الدين مسعود ابن معين الدين انر (١) كان من الامراء الكبار ايام نور الدين وصلاح الدين وهو اخو الست خاتون وحين تزوجها صلاح الدين زوجه باخته الست ربيعة بنت ايوب التي تنسب اليها المدرسة الصاحبة بالسفح على الحنابلة وقد تأخرت وفاتها فتوفيت سنة ثلاث واربعين وستمائة وكان [ت] آخر من بقي من اولاد ايوب لصلبه انتهى.

[ربيعة خاتون]

وقال في سنة ثلاث واربعين وستمائة المذكورة : الخاتون ربيعة واقفة الصاحبة بقاسيون ربيعة خاتون بنت ايوب اخت السلطان صلاح الدين زوجها اخوها اولا بالامير سعد الدين مسعود بن معين الدين انر وتزوج هو باخته عصمة الدين خاتون التي كانت زوجة الملك نور الدين رحمه‌الله. لها الخاتونية الجوانية والخانقاه ثم لما مات الامير سعد الدين زوجها من الملك مظفر الدين صاحب اربل فأقامت عنده باربل ازيد من اربعين سنة حتى مات ثم قدمت دمشق فسكنت في دار العقيقي دار ابيها ايوب حتى كانت وفاتها في هذه السنة وقد جاوزت الثمانين ودفنت بقاسيون وكانت في خدمتها الشيخة الصالحة العالمة امة اللطيف بنت الناصح الحنبلي وكانت فاضلة لها تصانيف وهي التي ارشدتها الى وقف المدرسة الصاحبة بقاسيون على الحنابلة انتهى. وقد مر في دار الحديث العالمة انها صودرت لاجلها ، وقال الصفدي في الراء : ربيعة خاتون بنت

__________________

(١) رسمها في الاصل «اتز» في جميع الكتاب ومثل ذلك في تنبيه الطالب ولكن جاء فيه في المدرسة المعينية نقلا عن الذهبي : (أنر) على الالف ضمة وفتح النون وصح عليها ، وجعل الراء مهملة ، ومع ذلك فقد اخذ الناسخ يرسمها اتز.

٢٣٧

نجم الدين ايوب بن شادي اخت الناصر [ص ٦٦] والعادل تزوجت بالامير سعد الدين مسعود ابن الامير معين الدين انر فلما مات تزوجت بالملك المظفر صاحب اربل فبقيت عنده «وهو امعه» (١) فلما مات قدمت الى دمشق وفي خدمتها العالمة امة اللطيف بنت الناصح بن الحنبلي فاحبتها وحصل لها من جهتها أموال عظيمة واشارت عليها ببناء المدرسة الصاحبة بسفح قاسيون فبنتها ووقفتها على الناصح والحنابلة وتوفيت بدمشق سنة ثلاث واربعين وستمائة في دار العقيقي التي صيرت المدرسة الظاهرية ودفنت بمدرستها تحت القبو. ولقيت العالمة بعدها شدائد من الحبس ثلاث سنين بالقلعة والمصادرة ثم تزوج [بها] الاشرف صاحب حمص ابن المنصور وسافر بها الى الرحبة فتوفيت هناك سنة ثلاث وخمسين وستمائة.

ولربيعة عدة محارم سلاطين وهي اخت ست الشام الآتي ذكرها ان شاء الله في حرف السين.

واستولى الصاحب معين الدين ابن الشيخ على موجودها فلم يمتع وعاش بعدها اياما قلائل.

قال ابن خلكان كانت وفاتها بدمشق وغالب ظني انها جاوزت ثمانين سنة وادركت من محارمها الملوك واولادهم واولاد اولادهم اكثر من خمسين رجلا فان اربل كانت لزوجها مظفر الدين ، والموصل لاولاد بنتها ، وخلاط وتلك الناحية (٢) لابن اخيها وبلاد الجزيرة الفراتية للاشرف ابن اخيها وبلاد الشام لاولاد أخيها والبلاد المصرية والحجاز واليمن لاخوتها وأولادهم.

__________________

(١) كذا في الاصل وهذه العبارة ساقطة من التنبيه.

(٢) في الاصل : وخلاط وملك الناحية.

٢٣٨

(قلت أنا) فهي مثل عاتكة بنت يزيد بن معاوية امير المؤمنين زوجة عبد الملك بن مروان وسياتي ذكرها ان شاء الله في حرف العين انتهى.

[المدرسون بالصاحبة]

ثم قال ابن شداد : اول من ذكر بها الدرس ناصح الدين الحنبلي ثم من بعده ولده سيف الدين يحيى الى ان توفي وناب عنه فيها صفي الدين خليل المراغي حين توجه الى بغداد وابن اخيه شرف الدين محمد ابن عبد الله ابن الشيخ ناصح الدين وبقيت على أولاده وينوب عنهم فيها الشيخ تقي الدين المعروف بابن الواسطي وهو مستمر بها الى الان انتهى.

[الناصح الحنبلي]

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة وفيها درس الناصح بن الحنبلي بالصاحبة بسفح قاسيون التي أنشأتها الخاتون ربيعة بنت ايوب اخت ست الشام انتهى.

زاد الاسدي في سنة ثمان وعشرين المذكورة ودرس بالصاحبة مدرسة ربيعة خاتون الناصح بن الحنبلي في رجب وكان يوما مشهودا وحضرت الواقفة وراء الستر انتهى.

ثم قال ابن كثير في سنة اربع وثلاثين وستمائة : والناصح الحنبلي في ثالث المحرم توفي الشيخ ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب ابن الشيخ ابي الفرج الشيرازي وهم ينتسبون الى سعد بن عبادة رضي‌الله‌عنه ، ولد الناصح سنة اربع وخمسين وخمسمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث وكان يعظ في بعض الاحيان وقد ذكر انه وعظ في حياة الحافظ عبد الغني وهو اول درس بالصاحبة التي بالجبل وله

٢٣٩

تصانيف وقد اشتغل على ابن المنى ببغداد وكان فاضلا وكانت وفاته بالصالحية ودفن هناك انتهى.

وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة اربع وثلاثين وستمائة : والناصح بن الحنبلي ابو الفرج عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب [ص ٦٧] ابن الشيخ ابي الفرج الشيرازي الانصاري الحنبلي الواعظ المفتي ولد بدمشق سنة اربع وخمسين وبرز في الوعظ ورحل فسمع من شهدة وطبقتها وسمع باصبهان من ابي موسى المديني وغيره وله خطب ومقامات وتاريخ الوعاظ انتهت اليه رئاسة المذهب بعد الشيخ موفق الدين توفي في ثالث المحرم انتهى.

وقال ابن مفلح في طبقات الحنابلة : عبد الرحمن بن نجم بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب ابن الشيخ ابي الفرج الشيرازي الانصاري الحنبلي الواعظ المفتي ولد بدمشق سنة اربع وخمسين وبرز في الوعظ فرحل فسمع من شهدة وطبقتها ، وسمع من والده والقاضي ابي الفضل محمد بن الشهرزوري وعلي بن نجا ، وشرع في الاشتغال ، ثم رحل الى البلاد وسمع ببغداد واصبهان والموصل من جماعة ودخل بلادا كثيرة واجتمع بفضلائها واشتغل ببغداد على ابي الفتح بن المنى ، واشتغل بالوعظ وبرع فيه ، وحضر فتح بيت المقدس مع السلطان صلاح الدين ، ودرس بعدة مدارس منها مدرسة جده الحنبلية ودرس بالمسمارية دولا مع اسعد بن المنجا ثم استقل بها بنو المنجا بحكم أن نظرها لهم ، ثم بنت له الصاحبة ربيعة خاتون مدرسة بالجبل تسمى الصاحبة فدرس بها وكان يوما مشهودا ، وحضرت الواقفة من وراء الستر ، وانتهت اليه رياسة المذهب بعد الشيخ موفق الدين ، وكان يساميه في حياته وبينهما مراسلات حدث بدمشق وبغداد وغيرهما ، وكان له مصنفات وهو من بيت الحديث والفقه ، سمع منه خالد النابلسي وابن النجار الحافظ ، توفي يوم السبت

٢٤٠