القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

شوال سنة احدى وعشرين وتسعمائة فقتلوه وقيل انهم فلاحينه بقرية دمر. ودفن بتربة البواعنة شمالي الزاوية المذكورة عند والده ، ثم ولي نظرها ومشيختها ولده عبد الرزاق الاسمر واستناب في المشيخة الشيخ مبارك القابوني ، ثم تركها وصار يقام الوقت فيها بلا شيخ يصلح واضمحل حالها جدا وصارت غير مسكونة لتعطل مدارها (١).

* * *

[الزاوية الرجيحية]

ومنها الزاوية الرجيحية بحارة الجوبان ، انشأها القاضي محيي الدين ابو المواهب عبد القادر بن محمد بن محمد (٢) بن عمر بن عيسى رجيحي (٣) بن سابق بن هلال بن يونس بن يوسف بن جابر بن ابراهيم ابن مساعد الشيباني المخارقي القنيي (٤) المزي ثم الصالحي الحنبلي الشهير بالرجيحي مولده [ص ٩٢] بالمزة وميلاده ثاني عشر ربيع الاول سنة اثنتين وخمسين ونشأ بها نشأة حسنة وحفظ القرآن ، واشتغل ثم تصوف فلبس الخرقة من جماعة منهم والده والعلامة ابو العزم القدسي نزيل الديار المصرية وغيرها وناب في الحكم للقاضي نجم الدين ابن مفلح ثم تحول الى الصالحية وسكن بها (٥) وبنى هذه الزاوية في

__________________

(١) هذه الزاوية لا تزال معروفة باسم الداوودية ولم يبق من آثارها شيء غير عرصة فيها قبور ، وقد استولى الجيران على اطرافها ، ويقول شيوخ هذه المحلة ان تحت هذه العرصة مغارة كانوا ينزلون اليها وهم صغار ثم سدت. انظر موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) في الاصل مكررة مرتين ، وفي شذرات الذهب مرة واحدة.

(٣) كذا في الاصل ، وفي الشذرات : ابن عيسى بن سابق.

(٤) نسبة الى القنية قرية من اعمال دارا ، وهي بضم القاف وفتح النون وتشديد الياء المثناة من تحتها تصغير قناة (وفيات الاعيان ٢ / ٥٥٦).

(٥) في شذرات الذهب : وسكن آخرا بالسهم الاعلى من الصالحية ، وبنى به زاوية وحماما وسكنا.

٣٠١

حدود سنة خمس وتسعمائة واستمر يقيم بها الوقت الى ان توفي ليلة الخميس رابع عشر المحرم سنة عشر وتسعمائة ودفن بالحواقة لصيق صفة الدعاء (١) من جهة الشرق أسفل الروضة بسفح قاسيون ، ثم أقام الوقت بعده ولده الزيني عمر ، ثم ترك ذلك وانتقل الى دمشق ، وكان حالها منتظما بامامها الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن ابراهيم الذنابي الحنبلي فلما توفي انفرط.

[وصف الزاوية الرجيحية]

وهي (٢) تشتمل على محل للذكر بشباكين من جهة الغرب مطلين على حارة الجوبان المذكورة وفي شماليها سلم يصعد منه الى خلوة مركبة على بابها معدة للامام بها ، ومنها يصعد الى رواق على الحرم المشار اليها ، ولها ميضأة وجرن ماء للوضوء غربيها بقبلة ومن شرقيها بيت لطيف سمعت الواقف المذكور يقول انه للشيخ بهذه الزاوية ، والى جانب هذا البيت من داخل بيت الواقف لهذه الزاوية ، وبه حمام من انشائه.

* * *

[الزاوية النحلاوية]

ومنها الزاوية النحلاوية باسفل الخميسيات غربي مقبرة الشيخ ابي عمر.

انشاء الشيخ علي النحلاوي ، واقام بها الذكر الى ان توفي في

__________________

(١) سألنا كثيرا عن صفة الدعاء اسفل الروضة فلم يخبرنا بها احد ، ولكنهم يقولون عن مكان أعلى الروضة انه صفة الدعاء فيه عدة قبور على أحدها اسم شجاع الدين اسمعيل بن عمر الطوري. أثبتنا موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) مجهولة.

٣٠٢

حدود خمسين وثمانمائة ودفن بها ، ثم اقام بها الوقت بعده بنته عائشة ، وكنت وانا صغير احضر عندها الذكر عقيب صلاة العصر يوم الجمعة فلما توفيت انقطع ، ثم في الفتنة الدوادارية اخذ سقفها ثم خربت ، ويقال ان [ه] كان لها مرتب على داريا.

* * *

[زاوية عين الملك]

ومنها الزاوية الملكية تحت تربة السبكيين وكهف جبريل (١) انشاء علم الزهاد قدوة العباد قطب الاولياء زين الاصفياء بركة المسلمين الشيخ تقي الدين ابي محمد عين الملك ابن الشيخ زين الدين رمضان الاخلاطي بعد قدومه الى دمشق سنة احدى عشرة وستمائة ، وخلفه ولده قدوة العارفين وسراج الناسكين ابو الصفا خليل في الزاوية هذه ، وهو الذي اوقف الحصة. وهي الربع والسدس شائعا من قرية عين يعفور من الاقليم الداراني من عمل دمشق في عشرين شعبان سنة اربع وستين وسبعمائة على اولاده الثلاثة جمال الدين ابي محمد عبد الله وشهاب الدين احمد والست عاشورا ومن عساه يحدث له من الاولاد ثم من بعدهم على اولادهم واولاد اولادهم فاذا انقرضوا عاد الوقف المذكور على المقيمين بالزاوية المذكورة وجعل النظر في ذلك للارشد فالارشد من اولاده وعند مآله الى الزاوية المذكورة يكون لناظرها والى الآن يقام بهذه الزاوية الوقت ليلة السبت ويطبخ بها الاطعمة والقائم بذلك صاحبنا الشيخ الصالح نور الدين علي بن ابي بكر الصالحي الشهير بابن عين الملك وهو من ذرية العلامة قاضي القضاة حسام الدين ابي الفضائل الحسن بن احمد بن الحسن بن انوشروان الرازي الحنفي وهذه الزاوية من محال الخير بالصالحية يقرأ فيها عدة بخاريات ويطبخ لها في

__________________

(١) انظر محلهما في مخطط الصالحية.

٣٠٣

العيدين هريسة فتجتمع لها الفقراء وفي رمضان تزدحم الخلق [ص ٩٣] في صلاة التراويح بها.

* * *

[وصف زاوية عين الملك]

وهي تشتمل على محل للذكر بشباكين قبليين مطلين على قبر الواقف واولاده ولها [مناظر] حافلة على دمشق ، وفي شرقيها بيت شيخها ، يدخل اليه من باب عند باب الزاوية المذكورة الجواني ، وفي شماليها [مدار] بجرن لصيق مصّاصة كان بطل ، ثم داره الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون الشافعي من ماله مدة ثم ترك ذلك بسبب [ماجرى] من قتال اهل المحلة على الماء (١).

* * *

[الزاوية القطنانية]

ومنها الزاوية القطنانية بالقرب من الزاوية الملكية بمحلة مدرسة الشرفا انشأها الشيخ الصالح المبارك محمد بن أحمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ القطناني الاصل الداري المولد والمنشأ الشافعي اخذ [الطريق] على والده وعمه الشيخ محمد القطناني قدم علينا الصالحية فارا من الفتنة

__________________

(١) هذه الزاوية اصبحت دارا يسكنها احد الفقراء ويدعي انه من ذرية الواقف وهي عبارة عن اكواخ حقيرة لهاباحة كبيرة فيها بضعة قبور. وقد جاء على احد هذه القبور ما يلي بعد آيات قرانية : هذه روضة السعيد الشهيد / الزاهد العابد اوحد الدهر / فريد العصر الشيخ عين الملك ابن الشيخ رمضان الرومي رحمه‌الله تعالى / توفي / الى رحمة الله تعالى في ثالث عشري من شهر المحرم / سنة احدى وخمسين وسبعمائة / رحمه‌الله ورحم من ترحم عليه. وهذا مخالف لما جاء في نص المؤلف من أنه قدم دمشق سنة (٦١١). وجاء على شاهد قبر ولده خليل أنه توفي سنة (٧٦٦) وقد أثبتنا موضعها في مخطط الصالحية.

٣٠٤

بداريا ، وقطن بها ، وبنى هذه الزاوية ، وساعده في بنائها الامير برسباي بيده وماله والى الآن يقام الوقت بها ليلة الخميس.

* * *

[الزاوية السبيلية]

ومنها الزاوية السبيلية تحت الجسر الابيض ، انشاء الشيخ محمد ابن السبيلي ، وكانت منزله واقام بها الذكر الى ان توفي في حدود التسعين وثمانمائة ، ثم خربت وفكت.

* * *

[الزاوية الكريمية]

ومنها الزاوية الكريمية انشاء ابي اللطف الامياتي وكانت اولا مسجدا يعرف بمسجد الشرب بالدخلة الثانية تحت الجسر الابيض واقام بها الذكر ولده عبد الكريم الامياتي ليلة الجمعة وهو مستمر الى الآن وهي مكان لطيف بشباكين مطلين على الدخلة المذكورة من جهة القبلة وغربيها ميضأة (١).

* * *

[الزاوية المنصورية]

ومنها الزاوية المنصورية عند جامع الجديد ، انشاء العلامة الخواجا برهان الدين بن منصور الشافعي ، وكان اصلها مسجدا لطيفا فوسعه من جهة الغرب ، وجعل بهذه التوسعة خلوة للشيخ وشباكين مطلين على الطريق الآخذ الى الجامع المذكور وجعل لها رواقا من جهة الغرب مركبا على نهر يزيد قدام شباك الجامع المذكور القبلي الشرقي ، واقام بها

__________________

(١) دثرت.

٣٠٥

الذكر الى ان توفي في حدود التسعين وثمانمائة ثم اقام بها الذكر بعده ولده الشهابي احمد ، ثم ترك ذلك وباع غالب وقفها واقتصر على امام يصلي بها الصبح ثم ترك ذلك ايضا (١).

* * *

[الزاوية المباركية]

ومنها الزاوية المباركية بالقرب من التربة الكيلانية ؛ انشأها الشيخ مبارك بن عبد الله القابوني ، وكان اصلها تربة ومسجدا ، واقام بها الذكر ، وهو مستمر بها ليلة الجمعة ، ولكن غالب الليالي لا يكون حاضرا ويسد فيه جماعته ، فان همته مصروفة الى زاويته بالقابون التحتاني عند سكنه (٢).

* * *

[الزاوية العذراوية]

ومنها الزاوية العذراوية بالقرب من مسجد قيس شرقي الصالحية الجديدة انشاء الشيخ محمد العذراوي وكان اصلها تربة ، واقام بها الذكر وهو مستمر بها ليلة الجمعة ولكن غالب الليالي لا يكون حاضرا ويسد عنه جماعته فانه ساكن بقرية عذرا بغوطة دمشق ، ويتعاني علاج المجانين بالتكبيس والضرب.

وهذه الزاوية والتي قبلها أنشأتا بعد التسعمائة في عصرنا (٣).

* * *

__________________

(١) لا تزال موجودة وهي مسجد قبلي الجامع الجديد بينهما باب يتوصل به من احدهما الى الاخر.

(٢) دثرت.

(٣) دثرت.

٣٠٦

[الزاوية الصمادية]

ومنها الزاوية الصمادية غربي زاوية عين الملك انشاء احمد وبكيرة ولدي الجاموس الزرعيين المتسببين لما تلمذا للشيخ محمد الصمادي في حدود الخمسة عشر وتسعمائة واقاما بها الذكر وهو مستمر بها ليلة الجمعة (١).

* * *

[الزاوية العلائية]

ومنها الزاوية العلائية (٢) بمحلة الحواكير شمالي باب حاكورة القاضي قوام الدين الحنفي ، انشاء الشيخ علي بن شعيب المجدوب المكنى بابي عدي واقام بها الذكر [ص ٩٤] الى ان توفي ليلة الاثنين ولم ندركه ، وانما ادركنا الزاوية وقد خربت لخراب محلتها.

* * *

[الزاوية الرحمانية]

ومنها الزاوية الرحمانية ، شمالي الشيخ ولي الله تعالى أبي بكر العرودك (٣) بشرق انشاء الشيخ عبد الرحمن بن شعيب الصالحي في حدود الثمانين وثمانمائة واقام بها الذكر الى ان توفي فبطل.

* * *

[الزاوية الشعيبية]

ومنها الزاوية الشعيبية عند الشيخ العرودك المشار اليه انشاء شيخنا الصالح الشيخ محمد بن شعيب الصحراوي نفعنا الله ببركاته ، واقام بها الذكر وهو مستمر بها ليلة الاثنين.

__________________

(١) دثرت.

(٢) هكذا في الاصل والظاهر ان تكون منسوبة الى علاء الدين لان لقب «علي» يكون علاء الدين في الغالب.

(٣) راجع مخطط الصالحية : زاوية عرودك.

٣٠٧

وقد تقدم ان بجامع الجديد في ايوان ابن العيني وقت للصوفية كل ليلة جمعة وقد ادركناه وهو يطبخ به عدة اطعمة وقطعته بنته.

الفصل الثامن عشر

في الترب الخاصة بالصالحية

وقد فك منها عدة ترب وزالت اعيانها. ومن الترب بها :

* * *

[التربة الاسدية]

التربة الاسدية (١) بسفح قاسيون ، قال الاسدي في تاريخه في سنة ثمان عشرة وستمائة : علي بن عبد القادر بن علي بن الخضر بن عبد الله نجم الدين ابو الحسن القرشي الاسدي الزبيري الدمشقي العدل اخو كريمة ولد سنة اثنتين وخمسين وسمع من علي بن احمد الحرستاني وعبد الرحمن بن ابي الحسن الداراني وحمزة بن الجبويي (٢) وغيرهم واجاز له جماعة روى عنه ابن خليل والضياء المقدسي والشهاب القوصي توفي في صفر وله تربة بالجبل انتهى.

[التربة الايدمرية]

ومنها التربة الايدمرية (٣) بالقرب من اليغمورية بحارة السكة بسفح قاسيون ، وهي تربة الامير عز الدين ايدمر بن عبد الله الحلي (٤)

__________________

(١) راجع موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) كذا في الاصل ، وفي تنبيه الطالب المونيخية الحبولي ، وفي شذرات الذهب (٥ / ١٧٤) ترجمة مكرم القرشي سمع من حمزة الحبوني.

(٣) مجهولة.

(٤) كذا في الاصل وتنبيه الطالب المونيخية ، وفي تاريخ ابن كثير (١٣ / ٢٥٥) الحلبي ولعل ذلك هو الصواب.

٣٠٨

الصالحي كان من اكابر الامراء واخصائهم عند الملوك ثم عند الملك الظاهر كان يستنيبه اذا غاب ، فلما كانت سنة سبع وستين وستمائة اخذه معه فكانت وفاته بقلعة دمشق ودفن بتربته بالقرب من اليغمورية وخلف اموالا جزيلة واوصى الى السلطان في اولاده ، وحضر السلطان عزاءه بجامع دمشق ، قاله ابن كثير في السنة المذكورة ، وقاله شيخه الذهبي في عبره في سنة سبع بمعناه في بعض نسخه.

* * *

[التربة الايدمرية]

ومنها التربة الايدمرية (١) عند الجسر الابيض بالخانقاه العزية ، قال الذهبي في عبره في سنة سبعمائة ايدمر الكبير عز الدين الظاهري الذي كان نائب دمشق في دولة مخدومة بيبرس (٢) حبس مدة ثم اطلق فلبس عمامة مدورة وسكن بمدرسته عند الجسر الابيض ، توفي في ربيع الاول ودفن بتربته ، وكان ابيض الرأس واللحية انتهى.

وقال في مختصر تاريخ الاسلامفي سنة سبعمائة المذكورة : والامير عز الدين ايدمر الذي كان نائب دمشق في دولة الظاهر انتهى.

* * *

[التربة الاستديارية]

ومنها التربة الاستديارية جوار تربة ابن تميرك بقاسيون (٣) قال

__________________

(١) راجع موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) في الاصل تتش. وفي تنبيه الطالب تنش والتصحيح من «اعلام الورى» لابن طولون ، ومختصر تنبيه الطالب للعلموي (ص ١٤٩ و ١٥٠) وايدمر الظاهري المذكور نسبة للملك الظاهر بيبرس المشهور.

(٣) مجهولة.

٣٠٩

الاسدي في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة شمس الدين بن استديار الامير ، قال السبط كان كيسا متواضعا حسن العشرة كريم الاخلاق مليح الصورة جوادا من بيت مشهور ، وكانت داره مأوى الفضلاء والعلماء والفقراء والاعيان ، ودفن بتربته بقاسيون المجاورة لتربة ابن تميرك انتهى.

* * *

[التربة البزورية]

ومنها التربة البزورية (١) بسفح قاسيون فوق سوق القطن ، قال الذهبي في العبر في سنة اربع وتسعين وستمائة وابن [ص ٩٥] البزوري ابو بكر محفوظ بن معتوق البغدادي التاجر روى عن ابن القبيطي ووقف كتبه على تربته بسفح قاسيون وكان نبيلا سريا جمع تاريخا وذيل به على المنتظم توفي في صفر عن ثلاث وستين سنة وهو ابو الواعظ نجم الدين انتهى كلامه.

* * *

[التربة البلبانية]

ومنها التربة البلبانية بطريق الصالحية غربي سويقة صاروجا (٢) قال تقي الدين بن قاضي شهبة في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثمانمائة : الامير سيف الدين بلبان المحمودي تنقل الى ان استقر اتابك العساكر بدمشق لما انتزعها المؤيد من نوروز في صفر سنة تسع عشرة ، ثم قبض عليه في شوال منها وسجن بقلعة دمشق ثم اطلق ونفي الى طرابلس ، ثم اعطي تقدمة في رمضان سنة عشرين ، ثم انتقل الى تقدمة اخرى خير منها وهي التي كانت اقطاع الحجوبية ، منها القصير

__________________

(١) مجهولة.

(٢) انظر موضعها في مخطط الصالحية وهي لا تزال موجودة.

٣١٠

والمعظمية وحج بالناس سنة تسع وعشرين وكان امير الشاميين في غزوة قبرص في سنة ثمان وعشرين ، وعمر دارا حسنة بطريق الصالحية غربي سويقه صاروجا ، وعمر مصنع غباغب ، ووقف عليه نصف البلد اشتراه من السلطان ووقفه ، واستمر بدمشق الى ان نقل الى حجوبية طرابلس في المحرم من السنة الخالية ، فباشرها بعنف زائد ، وكان موصوفا بشجاعة وعنده مروءة كثيرة ومساعدة لمن يقصده ، لكنه كان مصرا على انواع من الفواحش. توفي في طرابلس في هذا الشهر بعد مرض كثير وسر اهل طرابلس بموته ، وحمل الى دمشق فدفن بتربته شرقي داره ، وكان قد جد فيها وبيضها ، ودفن فيها ابنه انتهى.

* * *

[التربة البهنسية]

ومنها التربة البهنسية بسفح قاسيون (١) قال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وستمائة المجد البهنسي وزير الملك الاشرف ، ثم عزله وصادره ، ولما توفي دفن بتربته التي انشأها بسفح قاسيون ، وجعل كتبه وقفا بها ، واجرى عليها اوقافا جيدة دارة انتهى.

* * *

[التربة البهائية]

ومنها التربة البهائية (٢) بالقرب من اليغمورية ودار الحديث الناصرية بينهما غربي الصالحية.

__________________

(١) مجهولة.

(٢) الراجح انها القبة التي كانت تسمي «ابو رمانة» وقد ازيلت من الطريق. راجع مخطط الصالحية الملحق بالمروج السندسية رقم (٨٨).

٣١١

[بهاء الدين الحلبي]

قال ابن مفلح في طبقاته : محمود بن سلمان بن فهد الحلبي ثم الدمشقي بهاء الدين ابو الثناء كاتب السر وعلامة الادب ، سمع بدمشق من الرضي بن البرهان ، وابن عبد الدائم ، وتعلم الخط المنسوب وتفقه على الشيخ شمس الدين بن ابي عمر ، واخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك ، وتأدب بالمجد بن الظهير ، وفتح له في النظم والنثر وكان يكتب التقاليد بلا مسودة ، وله تصانيف في الانشاء وغيره ، ويقال انه لم يكن بعد القاضي الفاضل مثله ، وله خصائص ليست لغيره فانه بقي في ديوان الانشاء نحوا من خمسين سنة بدمشق ومصر ، وحدث روى عنه الذهبي في معجمه ، وتوفي في ليلة السبت ثاني عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وسبعمائة بدمشق بداره وهي دار القاضي الفاضل بالقرب من باب الناطفيين وشيعه أعيان الدولة وحضر الصلاة عليه بسوق الخيل نائب السلطنة ودفن بتربته التي انشأها بالقرب من اليغمورية انتهى.

وقال ابن كثير في سنة خمس وعشرين [ص ٩٦] وسبعمائة : الشهاب محمود هو الصدر الكبير الشيخ الامام العالم العلامة شيخ صناعة الانشاء ، الذي لم يكن بعد القاضي الفاضل مثله في صناعة الانشاء ليس له نظير ، وله خصائص ليست للفاضل فهو شهاب الدين ابو الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحلبي ، ولد سنة اربع واربعين وستمائة بحلب وسمع الحديث وقد مكث في ديوان الانشاء نحوا من خمسين سنة ، ثم عمل كتابة السر بدمشق نحوا من ثماني سنين ، الى ان توفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان في منزله قريبا من باب الناطفيين ، وهي دار القاضي الفاضل ، وصلي عليه بالجامع ، ودفن بتربته التي أنشأها بالقرب من اليغمورية انتهى.

* * *

٣١٢

[التربة التكريتية]

ومنها التربة التكريتية بسوق الصالحية بسفح قاسيون ، قال الذهبي في العبر في سنة ثمان وتسعين وستمائة : والتقى الصاحب الكبير ابو البقاء توبة بن علي بن مهاجر التكريتي في جمادي الآخرة ودفن بتربته (١) بسفح جبل قاسيون ، وكان ناهضا كاتبا في فنه وافر الحشمة والغلمان ، عاش ثمانيا وسبعين سنة ، وكان مولده بعرفة انتهى.

وقال الصفدي في كتابه الوافي في المحمدين : محمد بن علي بن

__________________

(١) قال ابن شاكر الكتبي : وعمر لنفسه تربة حسنة تصلح للملك (فوات الوفيات ١ / ٦٦) وهذه التربة لا تزال موجودة تحتفظ بتخطيطها وبعض رونقها القديم وهي من اجمل الابتية في دمشق وفي داخلها حجرة مزخرفة بالجص على طراز الفن الاندلسي آية في الابداع. وقد اهملتها مديرية اوقاف دمشق اهمالا شاننا حتى سرق بعض قطع من هذه الزخارف ثم رممتها مصلحة الاثار عدة مرات انظر موضعها في مخطط الصالحية.

وقد ذكر ابن شاكر الكتبي في ترجمة تقي الدين التكريتي قصة لطيفة قال : اتى اليه رجل من بادية تكريت وقال له يا مولانا الصاحب اشتهي منك شفاعة الى شيخ الخانقاه السميساطية حتى ينزلني فيها. فدعا بنقيبه وقال له رح مع هذا الى شيخ الخانقاه وسلم عليه من جهتي ، وقل له تقبل شفاعتي في هذا وتنزله في الخانقاه. فلما جاء شيخ الشيوخ وادى الرسالة قال له : قل للصاحب هذا ما هو صوفي ولا ينزل عمره في خانقاه ، وهذه الخانقاه شرطها انه لا ينزل فيها الا صوفي مؤدب يعرف آداب القوم. فجاء اليه الرجل باكيا وقال له : يا سيدي لم يسمع مني رسالتك فغضب وارسل خلف الشيخ وقال : يا مولانا لاي معنى لا تنزل هذا؟ قال يا مولاي ما هذا صوفي ، فقال الصاحب للرجل : ما تعرف تأكل رز مفلفل ، قال بلى والله قال ما تعرف ترقص في السماع؟ قال بلى. فقال الصاحب : ما تعرف تلوط بالمليح؟ قال بلى والله. فقال الصاحب صوفي انت طول عمرك ١ ه‍.

٣١٣

مهاجر الصاحب كمال الدين أبو الكرم الموصلي قدم دمشق وسكنها وسمع وروى ، قال نجم الدين بن السابق سكن في دار ابن البانياسي ، وشرع في الصدقات وشراء الاملاك ليوقفها ، وكان اتفق مع والدي على عمل رصيف عقبة الكتان بدمشق وقال تجيء غدا وتأخذ دراهم تعملها فلما اصبح بعث اليه الاشراف جرزة بنفسج وقال هذه بركة السنة فأخذها وشمها فكانت القاضية ، واصبح ميتا ، فورثه السلطان واعطوا من تركته الف درهم فاشتروا له تربة في سوق الصالحية.

قال الشيخ شمس الدين فلما كان بعد ذلك بنى الصاحب تقي الدين تربة علي بن مهاجر التكريتي في حيطان التربة خمس دكاكين وادعى أنه ابن عمه.

قال ابو المظفر [سبط] ابن الجوزي بلغ قيمة ما خلف الصاحب كمال الدين ثلاثمائة الف دينار واواني الاشرف سبحة فيها مائة حبة مثل بيض الحمام يعني من التركة ، وكانت وفاته في سنة اربع وثلاثين وستمائة انتهى.

* * *

[التربة الجمالية الاسنائية]

ومنها التربة الجمالية الاسنائية القوصية (١) بقاسيون.

قال الاسدي في تاريخه في سنة خمس وعشرين وستمائة : عبد الرحيم بن علي بن الحسين بن شيث جمال الدين الاموي القرشي الاسنائي القوصي صاحب ديوان الانشاء للملك المعظم ، ولد بأسنا في سنة سبع وخمسين ، ونشأ بقوص وتفنن بها وبرع في الادب والعلم ،

__________________

(١) مجهولة.

٣١٤

وكان دينا ورعا حسن النثر والنظم منشئا بليغا ولي الديوان بقوص ثم بالاسكندرية ثم بالقدس ، ثم ولي كتابة الانشاء للمعظم ، ويقال وزرله ، قال الضياء : كان يوصف بالمروءة والاحسان إلى الخلق ما قصده أحد في شفاعة فرده خائبا ، وكان يمشي بنفسه مع الناس في قضاء حوائجهم ، وكان كثير الصدقات واسع المعروف غزير الاحسان ، وكان القاضي الفاضل يحتاج اليه في علم الرسائل ، وكان اماما في فنون العلم توفي في المحرم ودفن بتربة له بقاسيون انتهى.

* * *

[التربة الحافظية]

ومنها التربة الحافظية (١) والمسجد بها قبلي جسر كحيل وشمالي التربة القيمرية بدرب الصالحية الشبلي كانت بستانا للنجيب ياقوت خادم [ص ٩٧] تاج الدين الكندي اشترته ارغون الحافظية.

قال الحافظ عماد الدين بن كثير في سنة ثمان واربعين وستمائة : وفيها كانت وفاة الخاتون ارغون الحافظية سميت بالحافظية لخدمتها وتربيتها للحافظ صاحب قلعة جعبر ، وكانت امرأة عاقلة مدبرة عمرت دهرا ، ولها أموال جزيلة عظيمة ، وهي التي كانت تصلح الاطعمة للمغيث عمر بن الصالح ايوب فصادرها الصالح اسماعيل واخذ منها اربعمائة صندوق من المال ، وقد وقفت دارها بدمشق على خدامها واشترت بستان النجيب ياقوت الذي كان خادم الشيخ تاج الدين الكندي وجعلت فيه تربة ومسجدا ووقفت عليهما اوقافا جيدة انتهى. ومنها بستان بصارو (٢).

__________________

(١) راجع موضعها في مخطط الصالحية.

(٢) راجع موضعه في مخطط الصالحية.

٣١٥

[التربة الخطابية]

ومنها التربة الخطابية بسفح قاسيون.

قال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة : خطاب باني خان خطاب الذي بين الكسوة وغباغب الامير عز الدين خطاب بن محمود ابن مرتعش (١) العراقي كان شيخا له ثروة من المال والأملاك ، وله حمام بحكر السماق (٢) وقد عمر الخان المشهور المذكور بعد موته الى ناحية كنف المصري (٣) مما يلي غباغب ، وهو بمرج الصفر ، وقد حصل لكثير من المسافرين به رفق ، توفي في تاسع عشر ربيع الآخر ودفن بتربته بسفح قاسيون رحمه‌الله تعالى انتهى.

* * *

[التربة الدوباجية]

ومنها التربة الدوباجية الجيلانية عند المكارية شرقي الجامع المظفري بسفح قاسيون.

[دوباج]

قال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة اربع عشرة وسبعمائة : وقدم سلطان جيلان (٤) وهو شمس الدين دوباج للحج فمات بقباقب

__________________

(١) كذا في الاصل ، وفي تنبيه الطالب المونيخية : مرتعش الغزاقي ، وفي البداية والنهاية «١٤ / ١٢١» محمود بن رتقش العراقي.

(٢) حكر السماق حده من طريق جامع تنكز الى مقابر الصوفية الى الطريق الذي به القنوات الى الطريق الآخذ على مدرسة شاذ بك انظر اخر المدرسة المسمارية في تنبيه الطالب ومختصره للعلموي (ص ١٣٢).

(٣) كذا في الاصل ، وفي التنبيه : كتف المصري ، وفي البداية والنهاية : الكتف المصري.

(٤) ويقال لها كيلان اسم لصقع واسع يحدها من الشرق اقليم مازندران ومن الغرب موقان ومن الجنوب عراق العجم ومن الشمال بحر

٣١٦

من ناحية تدمر ، ونقل فدفن بقاسيون ، وعملت له تربة مليحة ، وعاش اربعا وخمسين وهو الذي رمى قطلوشاه بسهم فقتله وانهزم التتار ولله الحمد انتهى.

وقال ابن كثير في سنة اربع عشرة وسبعمائة المذكورة : وفي خامس شوال دفن الملك شمس الدين دوباج ابن ملك شاه بن رستم (١) صاحب جيلان بتربته المشهورة به بسفح قاسيون وكان قد قصد الحج في هذا العام فلما كان بقباقب ادركته منيته يوم السبت سادس وعشرين رمضان. فحمل الى دمشق وصلي عليه ، ودفن في هذه التربة ، اشتريت له وتممت وجاءت حسنة وهي مشهورة عند المكارية شرقي الجامع المظفري وكان له في مملكة جيلان خمسا وعشرين سنة وعمره اربع وخمسون سنة واوصى ان يحج عنه جماعة ففعل ذلك وخرج الركب في ثالث شوال واميره شمس الدين سنقر الابراهيمي وقاضيه محيي الدين قاضي الزبداني انتهى.

* * *

وقال السيد في ذيل العبر في سنة اربع عشرة وسبعمائة ، ومات

__________________

طبرستان واليها ينسب الشيخ عبد القادر الجيلاني او الكيلاني. وبها المساجد والمدارس وتسمى بها الخوانق ولا يزال بين ملوكهم الخلف فاذا قصدهم عدو خارجي عنهم تألفوا واجتمعوا عليه حتى ان هولاكو جهز اليهم جيشا عدته سبعون الفا صحبة نائبه قطلوشاه فلم ينل منهم قصدا وكان آخر الامر ان قتل قطلوشاه وهلك جل من معه (عن صبح الاعثى باختصار ٤ / ٣٨٠ و/ ٣٨١).

(١) كذا في الاصل وتنبيه الطالب وفي الدرر الكامنة لابن حجر (٢ / ١٠٣) دوباج بن قطلي شاه بن رستم. وسيأتي نص المؤلف بعد اسطر عن السيد الحسيني بانه دوباج بن فينشاه بن رستم ، وفي تنبيه الطالب النسخة المونيخية : دوباج بن فيشاه والراجح ان نص السيد الحسيني مصحف عن ملكشاه وان ذلك هو الصواب في اسم ابي دوباج.

٣١٧

صاحب جيلان الملك شمس الدين دوباج بن فينشاه بن رستم بقرب تدمر ونقل فعمل له تربة عند قبة الرقي انتهى.

[التربة الزاهرية]

ومنها التربة الزاهرية شرقي (١) مدرسة ابي عمر على حافة نهر يزيد بقاسيون. قال صلاح الدين الصفدي في أول حرف الشين المعجمة : شاذي الملك الاوحد ابن الامير الكبير تقي الدين بن الزاهر مجير الدين داود بن المجاهد شيركوه صاحب حمص ابن محمد بن شيركوه بن شاذي الحمصي ثم الدمشقي ، ولد سنة ثمان واربعين ، وتوفي سنة خمس وسبعمائة بالبقاع ، ونقل الى دمشق ودفن بتربة ابيه بقاسيون ، كان احد الامراء الكبار ، حفظ القرآن وساد اهل بيته ، وكان ذا رأي وسؤدد وفضيلة وشكل ومهابة ، سمع من الفقية [ص ٩٨] اليونيني وابن عبد الدائم ، وسمع ولده الملك صلاح الدين من ابن البخاري وحدث ، سمع منه علم الدين البرزالي ، وكان قد اختص بالافرم وولاه امر ديوانه وتدبير امره ، ولما توجه الافرم بالعسكر الى جبل كسروان توجه معه ومرض هناك ونقل بعد ما توفي رحمه‌الله انتهى.

وقال ابن كثير في سنة ثمان وستمائة : وفي يوم السبت الرابع والعشرين من ذي القعدة توفي الملك الاشرف مظفر الدين موسى بن الملك الزاهر داود ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن الناصر

__________________

(١) في الاصل شمالي والتصحيح من تنبيه الطالب ولان شمالي العمرية التربة المعتمدية راجع موضع الزاهرية في مخطط الصالحية وقد اصبحت الان دارا.

٣١٨

ناصر الدين محمد بن اسد الدين شيركوه بن شادي صاحب حمص ودفن بتربتهم بقاسيون انتهى.

* * *

[التربة السنقرية]

ومنها التربة السنقرية الصلاحية ، قال الاسدي في تاريخه في سنة عشرين وستمائة : سنقر الحلبي الصلاحي الامير مبارز الدين كان من كبار الدولة بحلب ، ثم انتقل عنها الى ماردين فتخيل الاشرف منه فارسل اليه المعظم ووعده بان يعطيه نابلس فلما قدم اعرض عنه المعظم وندم هو على قدومه وتفرق عنه اصحابه قال أبو المظفر ويقال : انه كان مملوك شمس الدولة بن ايوب ، ولم يكن في زمانه [من الصلاحية](١) وغيرهم اكرم ولا اشجع منه وكانت له المواقف المشهورة مع صلاح الدين وغيره ، وكانت الدنيا عنده لا تساوي قليلا ولا كثيرا ، وكان قد وصل معه الى الشام ذهب وجمال وخيل وغيرها ما قيمته مائة الف دينار ، ففرق الجميع ولم يخلف ذهبا ، وكان شبل الدولة صديقه فاشترى له تربة على رأس زقاق شبل الدولة عند المصنع وكانت وفاته في شعبان انتهى.

* * *

[التربة السلامية]

ومنها التربة السلامية غربي سفح قاسيون (٢) قال الذهبي في ذيل العبر في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة : ومات بدمشق ناظر الجيش الصدر قطب الدين موسى بن أحمد ابن شيخ السلامية في ذي الحجة

__________________

(١) زيادة من تنبيه الطالب.

(٢) مجهولة.

٣١٩

عن اثنتين وسبعين سنة ودفن بتربة مليحة انشأها وكان من رجال الدهر وله فضل وخبرة انتهى.

[الشيخ براق]

قال الصلاح الصفدي في حرف الباء : الشيخ براق ورد الى دمشق ومعه جماعة في ايام الافرم بعد قازان كان في الاصل مريدا لبعض الشيوخ في البلاد الرومية وخرج القاضي قطب الدين ابن شيخ السلامية الى القابون وعرضهم واستسماهم وحلاهم (١) وعدهم وجهز بذلك ورقة الى ابواب السلطان ، ولما ارادوا الدخول على الافرم الى الميدان ارسلوا عليه نعامة كان قد عظم امرها وتفاقم شرها فلا يكاد يقاومها احد ، فلما عرضوه لها قصدته فتوجه اليها وركب عليها فطارت في الميدان قدر خمسين ذراعا الى ان قرت. فقال للافرم اطير بها الى فوق شيئا آخر فقال : لا ثم أحسن تلقيه وأكرم نزله وطلب التوجه الى القدس فأعطاه الافرم من خزانته الفي درهم فما قبضها وأخذها جماعته فزار وعاد ودخل البلاد ، ومات تحت السيف صحبة قطليجا نائب قازان ، واول ما ظهر ذلك للقان قازان (٢) فأحضره وسلط عليه سبعا ضاريا فركب على ظهره ولم ينل منه شيئا فاعظم ذلك قازان ونثر عليه عشرة آلاف دينار فراح ولم يتعرض [ص ٩٩] لشيء منها. وكان معه محتسب على جماعته يؤدب كل من ترك سنة من السنن عشرين عصا تحت رجليه ومعه طبلخاناه ، وكان شعاره حلق الذقن وترك الشارب فقط ، وحمل الجوكان على الكتف ، ولكل منهم قرنين [كذا] لباد يشبهان قرني الجاموس ، وهو مقلد بحبل كقاب بقر محفاة؟ وعليهم الاجراس ، وكل منهم مكسور الثنية ، الا انه كان يلازم الصلاة

__________________

(١) أي ذكر حليتهم وأوصافهم.

(٢) الظاهر انه سقط بعض كلمات هنا والمعنى غير ظاهر.

٣٢٠