ومن هنا استدل في محكّي « الغنية » على تنجّس الماء القليل بملاقاة النجاسة ووجوب الاجتناب عنه بما دلّ على وجوب هجر النجاسات من الآية الشريفة (١) ؛ فإنه لو لا الملازمة المدعاة لم يكن معنى للاستدلال المذكور أصلا ، كما لا يخفى.
ثانيهما : ما في بعض الأخبار من استدلاله عليهالسلام على حرمة الطعام الذي مات فيه الفأرة بأن الله تعالى حرّم الميتة من كلّ شيء ، حيث قال عليهالسلام للرّاوي ـ بعد حكمه عليهالسلام بوجوب الاجتناب عن السّمن والزّيت اللّذين مات فيهما الفأرة وقول السائل عقيبه : إنّ الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي لأجلها ـ : إنك لم تستخفّ بالفأرة وإنّما إستخففت بدينك ، إن الله حرّم الميتة من كل شيء (٢).
ولو لا استلزام تحريم الشيء ووجوب الاجتناب عنه تحريم ما يلاقيه ووجوب الاجتناب عنه ، لم يكن أكل الطعام استخفافا بتحريم الميتة ، فلم يكن معنى لقوله عليهالسلام : « إن الله حرّم الميتة من كل شيء » فيدلّ الرواية على كون الكبرى والملازمة بين وجوب الاجتناب عن الشيء ووجوب الاجتناب عمّا يلاقيه مفروغا عنه ومسلّما في الخارج ؛ إذ لو لا مسلّميّة الكبرى لم تصحّ الاستدلال
__________________
(١) المدّثر : ٥.
(٢) التهذيب : ج ١ / ٤٢٠ باب « تطهير البدن والثياب من النجاسات » ـ ح ٤٦ ، الاستبصار :
ج ١ / ٢٤ باب « حكم الفأرة والوزغة والحيّة والعقرب اذا وقع في الماء وخرج منه حيّا ... » ـ ح ٣ ، عنهما وسائل الشيعة ج ١ / ٢٠٦ باب « نجاسة المضاف بملاقاة النجاسة ... » ـ ح ٢.