لأنا نقول ـ بعد تسليم اتفاقهم على ذلك ، مع أن بعضهم جوّز الرجوع إلى الثالث إذا اقتضاه الأصل ، مضافا إلى أن الظاهر من الشيخ قدسسره القائل بالتخيير (١) هو التخيير الواقعي الموجب لطرح قول الإمام عليهالسلام على ما استظهره المحقّق منه (٢) ، وأورد عليه : بأنه لا ينفع القول بالتخيير فرارا عن اطّراح قول الإمام عليهالسلام ؛ حيث إنه مع اتفاقهم على أحد القولين بعد الاختلاف مستلزم لبطلان التخيير الذي حكم به الإمام ؛ فإنّ التخيير إذا كان حكما ظاهريّا يدور مدار الشكّ والتحيّر ، فلا يمنع من قيام القاطع على الحكم الرافع لموضوعه ، وإن لم يعقل الحكم بالتخيير الواقعي بين الحكمين لواقعة واحدة. ومن هنا ذكر في « المعالم » (٣) وتبعه غير واحد (٤) : بأن مراده هو التخيير الظاهري وإن أخطأ في الحكم بعدم جواز الاتفاق على أحد القولين بعد الاختلاف ـ : نمنع من إرادتهم إطلاق القول بذلك حتى فيما لا يوجب الرجوع إلى الثالث الطرح من حيث العمل ، وإن كان التأمّل يشهد بإرادتهم إطلاق القول بذلك ، كما يظهر بالرجوع إلى كلماتهم ؛ حيث إن ظاهرهم كون الثالث طرحا للحكم الذي قال به الإمام عليهالسلام وجعله حكم الواقعة ، ولا دخل له بالطرح العملي
__________________
(١) عدّة الأصول : ج ٢ / ٦٣٧.
(٢) معارج الأصول : ١٩٢.
(٣) معالم الدين وملاذ المجتهدين : ١٨١.
(٤) انظر حاشية سلطان المبدوّة بقوله : « هذا ممنوع في العمل ... الى آخره » وكذا « القوانين » : ج ١ / ٣٨٣ ، والفصول : ٢٥٧.