الاتفاق عليه : اعتبار القدرة العقلية في التكاليف ليس إلاّ ، فإن رجع عدم الابتلاء إلى انتفاء القدرة فلا بحث وإلاّ فلا معنى لقدحه في التكليف إلاّ أنه يجده المنصف المتأمّل المتتبّع.
ألا ترى فتوى الفقيه بوجوب تعلّم مسائل الحيض والنفاس مثلا على العامي الغير المزوّج؟ وكذا بوجوب تعلّم مسائل الجهاد على العوام؟ وهكذا ...
مع أنه لا يمتنع عقلا تحقّق الحاجة إليه بالنسبة إلى هذه المسائل حاشا ثم حاشا ، مع أنه يجب تعلّمها واستنباطها على المستنبط وأضرابها من المسائل الفقهيّة من حيث حفظ أحكام الشرع من الاندراس ، وإلاّ لم يكن حاجة إليها أصلا ، فكم من مسألة غير معنونة في كلماتهم يعلم حكمها بحكم الحدس القطعي عندهم.
ثمّ إن الوجه في اعتبار التعيين بالنسبة إلى البعض في عنوان هذا الوجه يظهر مما ذكرنا له في الوجه السابق ، فإن عدم الابتلاء بالنسبة إلى أحدهما لا على التعيين يرجع ـ على تقدير تحقّقه ـ إلى عدم الابتلاء بالمجموع من حيث المجموع فلا ينافي الابتلاء بكل واحد بخصوصه.
ثمّ إن هذا كله فيما لو علم انتفاء الخطاب التنجيزي بالنسبة إلى بعض أطراف الشبهة بأحد الوجوه والأمور الثلاثة ، وأمّا لو شكّ فيه من جهة الشكّ في الابتلاء بالنسبة إلى تمام الأطراف وهو الواقع كثيرا من حيث خفاء مراتب الابتلاء والعدم ، فيجيء التعرض لحكمه في كلام شيخنا ونتكلّم فيه أيضا.