الأمور الخارجيّة ، وإن كان هناك مصاديق واضحة لها يعلم صدق المفهوم عليها مع عدم الإحاطة به على وجه التحديد من جهة رجوع الشكّ غالبا إلى دوران المفهوم بين قليل الأفراد وكثيره.
وهذا الذي ذكرنا كأنّه لا يحتاج من جهة وضوحه إلى بسط القول فيه ، وقد أشرنا إليه في الجزء الأول من التعليقة (١) أيضا ، فإنا نرى بالوجدان كثيرا من المفاهيم الواضحة التي لم يتعرض لمعناها في اللغة ـ من جهة وضوحه كلفظ الماء ، مثلا ـ يشكّ في صدقها على بعض الأشياء من جهة عدم الإحاطة بحقيقتها العرفية من غير أن يكون للأمور الخارجيّة مدخل فيه ، فليس السبب فيه إلاّ ما ذكرنا.
فإرجاع الفقيه الأمر إلى العرف في هذه المفاهيم إنّما يفيد في كون الموضوع للحكم الشرعي عنده هو الموضوع العرفي ـ وعدم حقيقة شرعيّة لها ولا متشرّعة ، ولا عرف خاصّ ؛ إذ على تقدير ثبوت أحد الأخيرين لم يتعلّق الحكم الشرعي به ـ لا في تبيّن موضوع الحكم بقول مطلق ؛ ضرورة عدم إفادة الإرجاع إلى العرف ـ والحال ما عرفت ـ إلاّ زيادة التحيّر.
فإذا سئل الفقيه عن الغناء من جهة رفع التحيّر عن المصاديق المشتبهة من جهة المفهوم فأحال في الجواب الأمر إلى العرف فلا فائدة فيه أصلا للعامي ، وإنّما المفيد له بيان الحكم الظاهري له الذي يقتضيه الأصول الشرعيّة عند الشكّ في
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ١ / ١١٥.