فراحوا يحيونَ المواضي بأنفسٍ |
| صفت فسمت مجداً على كل ذي مجد |
وقد أفرغوا فوق الجسوم قلوبهم |
| دروعاً بيومٍ للقيامة محتدّ |
ولما قضوا حق المكارم والعلى |
| ببيض المواضي والمطهمة الجردِ |
وخطّوا لهم في جبهة الدهر غُرةً |
| من الفخر في يوم من النفع مسودِ |
تهاووا على وجه الصعيد كواكباً |
| وقد أكلتهم في الوغى قضب الهُندِ |
ضحىً قبّلتهم في النحور وقبّلوا |
| عشياً نحور الحور في جنة الخلد |
* * *
ولم يبق إلا قطب دائره العُلى |
| يدير رحى الهيجاء كالأسد الورد |
وحيداً أحاطت فيه من كل جانب |
| جحافل لا تحصى بحصرٍ ولا عدّ |
فدىً لك فرداً لم يكن لك ناصرٌ |
| سوى العزم والبتار والسلهب النهد |
وقفت لنصر الدين في الطف موقفاً |
| يشيب له الطفل الذي هو في المهدِ |
وأرخصت نفساً لا توازن قيمة |
| بجملة هذا الكون للواحدِ الفردِ |
ترد سيول الجحفل المجر والحشى |
| لقرط الظما والحرّ والحرب في وقد |
بعضب الشبا ماضٍ كأنّ فرنده |
| سَنا البرق في قط الكتائب والغدِ |
وتحسب في الهامات وقع صليله |
| بكل كميّ دارعٍ زجل الرعد |
فيكسو جسومَ الدارعين مطارفاً |
| من الضرب حمزاً ان تعرّى من الغمد |
ولما دنا منه القضا شام سيفَه |
| وليس لما قد خطه الله من ردّ |
هوى للثرى نهبَ الأسنة والظبا |
| بغلة قلب لم تذق بارد الورد |
هوى فهوى ركن الهداية للثرى |
| وأمسى عماد المجد منفطم العقد |
وقام عليه الدين يندب صارخاً |
| ويلطم في كلتا يديه على الخدّ |
* * *
تحامته ان تدنو عليه عداته |
| صريعاً فعادوا عنه مرتعش الأيدي |
فيا غيرة الإسلام أين حماته |
| وذي خفراتُ الوحي مسلوبة البرد |
تجول بوادي الطف لم تلف مفزعاً |
| تلوذ به من شدة الضرب والطرد |
وتستعطف الأنذال في عبراتها |
| فتجبهُ يا لله بالسبّ والردّ |
برغم العُلى والدين تُهدى أذلةً |
| فمن ظالمٍ وغدٍ إلى ظالمٍ وغدِ |