رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-278-4
الصفحات: ٦١١

الإجماع كما عن الخلاف وفي الغنية (١) الصحيح : « السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة ، فإن وقعت اغرم الضارب خمسمائة درهم ، وإن لم تقع واسودّت أُغرم ثلثي ديتها » (٢).

وليس فيه كسائر فتاوي الأصحاب والإجماعات المنقولة التفصيل بما في المبسوط ، كما اعترف به فيه ، فقال بعد الحكم بالحكومة : وقد روى أصحابنا فيها مقدّراً ذكرناه في النهاية (٣) ، يعني ثلثي ديتها.

فهو ضعيف جدّاً ، إلاّ أن يحمل النص وكلام الأصحاب على المقيّد كما يومئ إليه عبائر جمع منهم (٤) ، حيث علّلوا الحكم زيادةً على النص بأنّ ذلك بمنزلة الشلل ، وهو لا يحصل إلاّ في المقيّد ، فتأمّل.

وفي المقام أخبار أُخر (٥) شاذّة ، ومع ذلك أكثرها بحسب السند قاصرة أو ضعيفة ، وبعضها قابل للجمع بينه وبين الرواية المعمولة.

( وكذا روي في انصداعها ) ونقلقلها ( ولم تسقط ) ثلثا الدية ، كما قطع بها الشيخان وجماعة (٦) ، بل ادّعى عليها في الروضة (٧) الشهرة ( و ) هي تصلح جابرة لما ( في ) سند ( الرواية ) من ال ( ضعف ) إن وجدت ، لكنّا لم نقف عليها ، وبه صرّح جماعة كالفاضل المقداد والصيمري‌

__________________

(١) الخلاف ٥ : ٢٤٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٤ / ٩ ، الفقيه ٤ : ١٠٢ / ٣٤٦ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٥ / ١٠٠٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٠ / ١٠٩٥ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٠ ح ١.

(٣) النهاية : ٧٦٨.

(٤) كالشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢١٨ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١٤ : ٣٩٢ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٥٠.

(٥) انظر الوسائل ٢٩ : ٣٤٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٠.

(٦) المقنعة : ٧٥٧ ، النهاية : ٧٦٨ ؛ وانظر الشرائع ٤ : ٢٦٦ ، والقواعد ٢ : ٣٢٧.

(٧) الروضة ١٠ : ٢١٨.

٤٦١

وغيرهما (١) ، فهي مرسلة سنداً ومتناً لا تصلح الشهرة لها جابرة ؛ إذ الجبر فرع وضوح الدلالة ، وهو غير معلوم بعد عدم ظهور متن الرواية ، ومع ذلك فالمروي في كتاب ظريف والرضوي (٢) كما حكي أنّ فيه نصف ديتها ، لكن لم أجد به قائلاً.

( و ) حيث ضعف التمسك بهذه الروايات كان ( الحكومة أشبه ) عملاً بالقاعدة فيما لم يرد له تقدير في الشريعة.

( وفي قلع ) السنّ ( السوداء ثلث الدية ) لها وهي صحيحة ، على الأظهر الأشهر بين الطائفة ، كما صرّح به جماعة (٣) ، بل عليه الإجماع عن الخلاف وفي الغنية (٤) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى صريح الخبر أنّ « في السنّ السوداء ثلث ديتها » (٥).

وعموم آخر : « كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح » (٦) لكنّه يتمّ على تقدير [ تحقق (٧) ] الشلل بالسواد.

خلافاً للشيخ في النهاية وعن الجامع (٨) ، فالربع ؛ للخبر (٩).

__________________

(١) التنقيح ٤ : ٥٠٠ ، غاية المرام ٤ : ٤٥٢ ، كشف اللثام ٢ : ٥٠٤.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٣ / ذيل ٥ ، التهذيب ١٠ : ٢٩٥ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٩ : ٢٩٧ أبواب ديات الأعضاء ب ٨ ح ١ ، فقه الرضا عليه‌السلام : ٣١٩ ، المستدرك ١٨ : ٣٨٠ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٧ ح ١.

(٣) منهم المحقق في الشرائع ٤ : ٢٦٦ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٥٠.

(٤) الخلاف ٥ : ٢٤٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٥) التهذيب ١٠ : ٢٧٥ / ١٠٧٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٥١ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٣ ح ٢.

(٦) الكافي ٧ : ٣٣٠ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٤ / ١٠٠٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٥ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ١.

(٧) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

(٨) النهاية : ٧٦٧ ، الجامع : ٥٩٢.

(٩) التهذيب ١٠ : ٢٦١ / ١٠٣١ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٩ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٠ ح ٣.

٤٦٢

وفيه مع ضعف سنده عدم مقاومته لما مرّ ، سيّما مع تأيّده بأنّ في اسودادها ثلثي ديتها كما مضى ، فينبغي أن يكون في قلعها سوداء ثلثها.

وله في المبسوط (١) ، فالحكومة ؛ لضعف الأخبار ، فيرجع إلى القاعدة.

وهو حسن لولا الشهرة الجابرة له.

وفي كتاب ظريف : « فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها اثنا عشر ديناراً ونصف دينار » (٢). وهو يؤيّد ما في النهاية ، لكن نسخه مختلفة ، ففي الكافي والتهذيب كما ذكر ، وفي الفقيه : « فديتها خمسة وعشرون ديناراً » (٣).

( ويتربّص بسنّ الصغير الذي لم يثغر ) مدّة يمكن النبات فيها عادة ( فإن نبتت فله الأرش ) والحكومة ( وإن لم تنبت فله دية المثغر ) على الأصح ، وفاقاً لجماعة (٤).

( وفي رواية ) عمل بها جماعة (٥) أنه ( فيها بعير من غير تفصيل ) فيها بين صورتي النبات وعدمه ( وهي رواية ) النوفلي عن ( السكوني ) (٦) ( و ) رواية ( مسمع ) (٧) ( ، والسكوني ضعيف ) على المشهور ، وصاحبه‌

__________________

(١) المبسوط ٧ : ١٤٢.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٣ / ذيل ٥ ، التهذيب ١٠ : ٢٩٥ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٩ : ٢٩٧ أبواب ديات الأعضاء ب ٨ ح ١.

(٣) الفقيه ٤ : ٥٨.

(٤) منهم الشيخ في المبسوط ٧ : ١٣٨ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢١٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٤.

(٥) منهم الشيخ في المبسوط ٧ : ١٣٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤٤٨ ، وفخر المحققين في إيضاح الفوائد ٤ : ٦٤٨.

(٦) التهذيب ١٠ : ٢٦١ / ١٠٣٣ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٣ ح ٣.

(٧) التهذيب ١٠ : ٢٥٦ / ١٠١٠ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٣ ح ٢.

٤٦٣

مجهول ( والطريق إلى مسمع في هذه ) يعني روايته ( ضعيف أيضا ) بسهل وغيره ، ومع ذلك معارضتان بأجود منهما ، وقد مضى تمام التحقيق في المسألة في كتاب القصاص في أواخر القسم الثاني منه في قصاص الأطراف.

( وفي ) قطع ( اليدين ) ونحوهما الرجلان معاً ( الدية ) كاملة ( وفي ) قطع ( كل واحدة ) منهما ( نصف الدية ) اتفاقاً ، فتوًى ونصّاً مستفيضاً ، عموماً وخصوصاً ، ففي الصحيح : « ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين والعينين » (١) ونحوه عموماً ما مرّ مراراً.

وخصوصاً الصحيح الآخر : « وفي اليد نصف الدية » (٢).

ونحوه الموثّقان : عن اليد؟ قال : « نصف الدية » (٣).

ونحوه الخبر بزيادة : « وفي اليدين جميعاً الدية ، وفي الرجلين كذلك » (٤).

وإطلاقها كالفتاوي وصريح جملة منها يقتضي عدم الفرق بين اليمنى واليسرى ، واليد الواحدة خلقةً أو بآفة والمتعدّدة ، وظاهر بعض‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣١٥ / ٢٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٠ / ٩٨٩ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٣ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٦ / ٩٧٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٥.

(٣) أحدهما في : الكافي ٧ : ٣١١ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٦ / ٩٧٣ ، الوسائل ٢٩ : ٢٩٧ أبواب ديات الأعضاء ب ٧ ح ٣.

والآخر في : التهذيب ١٠ : ٢٤٦ / ٩٧٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٨٨ / ١٠٨٨ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٦ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١٠.

(٤) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٦ ، الفقيه ٤ : ٩٩ / ٣٢٩ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٥ / ٩٧١ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٦.

٤٦٤

الأصحاب (١) أنّ عليه إجماع الطائفة ، وهو حجة أُخرى ، مضافاً إلى الإطلاقات ، فلا يلتفت إلى قوّة اليمنى وكثرة منافعها ، وكون اليد الواحدة خلقةً بمنزلة اليدين كما عين الأعور خلقةً ؛ لأنّ ذلك خارج بالنص والإجماع ، وإلحاقها بها قياس.

( وحدّها ) أي اليد التي لها الدية ( المعصم ) أي الزند عندنا على الظاهر ، المصرَّح به في عبارة بعض أصحابنا (٢) ، معرباً عن دعوى إجماعنا عليه ، وهو القرينة على المراد منها في الأخبار ، ولولاه لأشكل الحكم ، إمّا للإجمال ، أو لتبادر جملة العضو إلى المنكب منها عند الإطلاق الموجب لحمل اللفظ عليه.

وتدخل دية الأصابع في ديتها حيث يجتمعان في قطع واحد ، بلا خلاف ، بل عليه الإجماع في شرح الشرائع للصيمري (٣) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى إطلاق الأخبار بأنّ في اليدين أو إحداهما الدية أو نصفها.

( وفي ) قطع ( الأصابع ) العشرة من اليدين كانت أو من الرجلين ( الدية ) كاملة إجماعاً على الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة (٤) حدّ الاستفاضة ، وهو الحجة ، مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة الآتي إلى جملة منها الإشارة.

( وفي ) قطع ( كل واحدة ) منها ( عشر الدية ) دية النفس ، على‌

__________________

(١) انظر كشف اللثام ٢ : ٥٠٤.

(٢) كما في كشف اللثام ٢ : ٥٠٤.

(٣) انظر غاية المرام ٤ : ٤٥٤.

(٤) منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١ ، والعلاّمة في التحرير ٢ : ٢٧٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٤.

٤٦٥

الأظهر الأشهر بين الطائفة ، بل عليه المتأخّرون كافّة ، وصرّح جماعة (١) منهم بالشهرة ؛ للمستفيضة ، ففي الصحيح : عن الأصابع أسَواء هنّ في الدية؟ قال : « نعم » (٢).

وفيه : « أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية ، في كل إصبع عشر من الإبل » الخبر (٣).

وفي الموثق : عن الأصابع هل لبعضها على بعض فضل في الدية؟ فقال : « هنّ سواء في الدية » (٤).

وفي الخبر : « في الأصابع في كل إصبع عشر من الإبل » (٥) إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

( وقيل ) كما عن الخلاف والوسيلة والإصباح وابن زهرة (٦) : إنّ ( في الإبهام ثلث دية اليد ) الواحدة ، وفي الأربع الباقية الثلثان بينها بالسوية ، وادّعى الأوّل والأخير عليه إجماع الإمامية ، وقال به الحلبي (٧) أيضاً ، لكن في اليد خاصّة ، وقال في الرِّجل بالتسوية ؛ لما في كتاب ظريف من قوله‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٥٠٢ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١٤ : ٤٠١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٥١.

(٢) الكافي ٧ : ٣٢٨ / ١٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٧ / ١٠١٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٩١ / ١٠٩٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٦ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ٣.

(٣) الفقيه ٤ : ١٠٢ / ٣٤٥ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٧ / ١٠١٦ ، الإستبصار ٤ : ٢٩١ / ١١٠٠ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٦ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ٤.

(٤) الفقيه ٤ : ١٠٢ / ٣٤٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٩ / ١٠٢٣ ، الإستبصار ٤ : ٢٩١ / ١١٠١ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٧ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ٦.

(٥) الإستبصار ٤ : ٢٩٢ / ١١٠٢ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ذيل ح ٧.

(٦) الخلاف ٥ : ٢٤٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٧) الكافي في الفقه : ٣٩٨.

٤٦٦

« في الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار .. وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث دينار .. ودية الأصابع [ والقصب (١) ] التي في القدم للإبهام ثلث دية الرجلين ثلاث مائة وثلاثون ديناراً وثلث دينار » إلى أن قال : « ودية كل إصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث دينار » (٢) ونحوه الرضوي كما حكي (٣).

وفي الجميع نظر ؛ لوهن نقل الإجماع بمخالفة الأكثر ، مع معارضته باستفاضة نقل الشهرة الموهنة على خلافه ، وقصور الخبرين عن المقاومة للمستفيضة من وجوه عديدة.

( ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث عقد ) في كل عقدة ثلث ديتها ( وفي الإبهام ) تقسم ديتها ( على اثنتين ) في كل منهما نصفها ، بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع عن الخلاف وفي الغنية (٤) ؛ للقوي : « أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقضي في كل مفصل من الأصابع بثلث عقل تلك الإصبع إلاّ الإبهام [ فإنّه (٥) ] كان يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الإبهام ؛ لأنّ لها مفصلين » (٦).

__________________

(١) في النسخ : والعَصَب ، وما أثبتناه من المصادر.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٤ / ١٠ ، ٣٣٨ / ١١ ، الفقيه ٤ : ٦٠ / ١٩٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٩٥ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٠٢ أبواب ديات الأعضاء ب ١٢ ح ١ ، ٣٠٨ أبواب ديات الأعضاء ب ١٧ ح ١.

(٣) حكاه في كشف اللثام ٢ : ٥٠٥ ، وهو في فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٢٣.

(٤) الخلاف ٥ : ٢٤٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٥) في النسخ : فإنّها ، وما أثبتناه من المصادر.

(٦) الفقيه ٤ : ١١٣ / ٣٨٥ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٧ / ١٠١٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٥٠ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٢ ح ١.

٤٦٧

وأمّا ما في كتاب ظريف والرضوي كما حكي ممّا يخالف ذلك فشاذّ لا عامل به.

( وفي ) قطع ( الإصبع الزائدة ثلث ) دية ( الأصلية ) بلا خلاف أجده ، وبه صرّح بعض الأجلة (١) ، بل عليه الإجماع في الغنية (٢) ؛ لبعض المعتبرة ولو بالشهرة : « في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة » (٣).

وأمّا الخبر : « الخلقة التي قسّمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين ، ما زاد أو نقص فلا دية له » (٤) فمع ضعف سنده محمول على قطعها منضمّة ، ويحمل الأوّل على قطعها منفردة ؛ جمعاً.

( وفي شلل الأصابع أو اليدين ) أو الرجلين ( ثلثا ديتها ) بلا خلاف أجده ، بل عن ظاهر المبسوط وصريح الخلاف وفي الغنية (٥) أنّ عليه الإجماع ؛ للمروي في الصحيح وغيره : « إذا يبست من الكفّ فشلّت أصابع الكفّ كلّها فإنّ فيها ثلثي الدية دية اليد » قال : « وإن شلّت بعض الأصابع وبقي بعض فإنّ في كل إصبع شلّت ثلثي ديتها » قال : « وكذلك الحكم في الساق والقدم إن شلّت أصابع القدم » (٦).

__________________

(١) الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٦.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٣) الكافي ٧ : ٣٣٨ / ١١ ، الفقيه ٤ : ١٠٣ / ٣٤٩ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٦ / ١٠١١ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٥ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ٢.

(٤) الكافي ٧ : ٣٣٠ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٤ / ١٠٠٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٥ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ١.

(٥) المبسوط ٧ : ١٤٣ ، الخلاف ٥ : ٢٤٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٦) الكافي ٧ : ٣٢٨ / ٩ ، الفقيه ٤ : ١٠٣ / ٣٤٨ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٧ / ١٠١٧ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٠ / ١٠٩٧ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٧ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ٥ ، بتفاوت يسير.

٤٦٨

ويرشد إليه أنّ في قطع الشلاّء ثلث ديتها اتفاقاً ظاهراً ، ونسبه بعض الأصحاب (١) إليهم كافّة مشعراً بكونه إجماعاً ، وادّعاه في الغنية صريحاً ، ويدلّ عليه الخبران أيضاً ، في أحدهما : « في كلّ إصبع من أصابع اليدين ألف درهم .. وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح » (٢).

والثاني : فيمن قطع يد رجل له ثلاث أصابع من يده شلل .. « وقيمة الثلاث أصابع الشلل مع الكفّ ألف درهم ؛ لأنّها على الثلث من دية الصحاح » (٣).

وأمّا النصوص (٤) الدالّة على أنّ في شلل اليدين ، وكذا الأصابع الدية ، كالصحيحة ، فشاذّة لا عامل بها أجده ، وإن تضمّنت الصحيح وغيره ، مع مخالفتها الاعتبار ، وعدم مقاومتها لما مر من الإجماع والأخبار ، فلتطرح ، أو تحمل على التقية ؛ لكونها مذهب الشافعي كما حكاه بعض الأجلّة (٥) ، أو يقرأ : « سلّت » فيها بالسين المهملة لا المعجمة ، بمعنى انتزعت وقطعت ، فلا معارضة.

( وفي الظفر إذا ) قلع و ( لم ينبت ، أو نبت أسود عشرة دنانير ، فإن

__________________

(١) انظر كشف اللثام ٢ : ٥٠٦.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٠ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٤ / ١٠٠٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٥ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ٣٠٦ / ١٤ ، التهذيب ١٠ : ١٩٦ / ٧٧٧ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٢ أبواب ديات الأعضاء ب ٢٨ ح ٢.

(٤) أنظر الوسائل ٢٩ : ٣٤٦ ، ٣٤٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ٣ ، ٨ ، وص ٣٥٧ أبواب ديات المنافع ب ١ ح ١.

(٥) حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٦.

٤٦٩

نبت أبيض فخمسة دنانير ) وفاقاً للمشهور كما ادّعاه جماعة (١) حدّ الاستفاضة ؛ لرواية مسمع : « في الظفر إذا قطع ولم ينبت ، أو خرج أسود فاسداً عشرة دنانير ، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير » (٢).

( وفي ) سند ( الرواية ضعف ) بجماعة ، لكنه مجبور بالشهرة ، كما اعترف به الفاضلان في الشرائع والتحرير (٣).

وأمّا الصحيح المطلق فيه لخمسة دنانير (٤) فشاذّ ، لا عامل به ، محتمل للتقييد بالرواية بحمله على ما لو عاد أبيض ، ولا بُعد في هذا الحمل ولا غرابة ، وإن حكم بها شيخنا في الروضة (٥) ؛ إذ لا وجه له سوى صحة المطلقة وضعف المفصّلة ، وإلاّ فهي أصرح دلالةً بها تفوق على الصحيحة بحيث يجب حملها عليها بلا شبهة ، والضعف منجبر بالشهرة ، والصحيحة بإطلاقها شاذّة لا عامل بها ، كما عرفت ، واعترف هو به في المسالك (٦) ، ورفع اليد عن مثلها بالرواية المنجبرة بالشهرة ليس بأوّل قارورة.

فلا غرابة فيه ، بل الغرابة إنّما هي فيما ذهب إليه الحلّي (٧) وتبعه جماعة ومنهم هو في المسالك والروضة (٨) ، وهو وجوب عشرة دنانير متى‌

__________________

(١) منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٤ : ٥٠٢ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٣٠ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٦.

(٢) الكافي ٧ : ٣٤٢ / ١٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٦ / ١٠١٢ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٩ أبواب ديات الأعضاء ب ٤١ ح ١.

(٣) الشرائع ٤ : ٢٦٨ ، التحرير ٢ : ٢٧٤.

(٤) الكافي ٧ : ٣٢٨ / ١١ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٧ / ١٠١٦ ، الوسائل ٢٩ : ٣٥٠ أبواب ديات الأعضاء ب ٤١ ح ٢.

(٥) الروضة ١٠ : ٢٣١.

(٦) المسالك ٢ : ٥٠٣.

(٧) السرائر ٣ : ٣٨٨.

(٨) المسالك ٢ : ٥٠٣ ، الروضة ١٠ : ٢٣١.

٤٧٠

قلع ولم يخرج ، ومتى خرج أسود فثلثا ديته ؛ لأنّه في معنى الشلل ؛ ولأصالة البراءة من الزائد ، مع ضعف المأخذ ، وبُعد مساواة عوده لعدمه.

ووجه الغرابة في ذلك أنّ فيه اطراحاً للروايات جملةً ، سيّما الصحيحة ؛ لعدم معلومية عملهم بها بالمرّة ، فتأمّل ، بخلاف الضعيفة ؛ لعملهم بها في الصورة الأُولى.

فإن كانت هي الحجة لهم فيها فلتكن حجة في صورة نباته أسود أيضاً ، والأدلّة التي ذكروها في مقابلها لا تقاومها ؛ لكونها ما بين عام يجب تخصيصه بها ، واستبعاد ونحوه ممّا هو اجتهاد صرف لا يسمع في مقابلتها.

وإن لم تكن هي الحجة لهم فلا دليل لهم على اعتبار العشرة دنانير عدا تخيّل الإجماع عليه.

وفيه نظر ، فإنّ للإسكافي (١) هنا قولاً ثالثاً ، وهو أنّ في ظفر إبهام اليد عشرة دنانير ، وفي كلّ من الأظفار الباقية خمسة ، وفي ظفر إبهام الرِّجل ثلاثون ، وفي كل من الباقية عشرة ، كلّ ذلك إذا لم ينبت أو نبت أسود معيباً ، وإلاّ فالنصف من ذلك.

وهو كما ترى صريح في عدم ثبوت العشر في كلّ من الأصابع.

والذبّ عنه بعدم قدح في خروجه لمعلومية نسبه حسن لو حصل القطع بقول المعصوم عليه‌السلام بالعشر مطلقاً من اتفاق من عداه ، وقد يمنع.

ولو سلّم فلا يمكن ذلك من شيخنا ، كما لا يذهب على من له انس بطريقته في الإجماع ، ولا يخفى.

فانحصر الحجة على العشر في الرواية ، فإن تمسّكوا بها له فليقولوا به مطلقاً ويرفعوا اليد عن الأدلّة التي ذكروها ؛ لما ذكرنا ، وإلاّ فلا أعرف‌

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ٨٠٧.

٤٧١

دليلهم على ثبوت العشر حيث اعتبروه أصلاً.

ومع ذلك لا وجه لطرحهم الرواية الصحيحة وعدم العمل بإطلاقها عدا ندرتها وشذوذها ، وهو بعد تسليمه يرفع أصل ما استبعده من الفقهاء.

وفي كتاب ظريف : « في كل ظفر من أظفار اليد خمسة دنانير ، ومن أظفار الرجل عشر » (١) ولم أرَ به عاملاً ، فهو شاذّ كالصحيحة.

( وفي كسر الظهر ) مع عدم صلاحه بالعلاج والجبر ( الدية ) كاملة ( وكذا لو احدودب ) بالجناية ، فخرج ظهره وارتفع عن الاستواء ( أو صار بحيث لا يقدر على القعود ) أصلاً ، بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في الأوّل في الغنية (٢) ، وحكي عن الخلاف (٣) في الأخيرين ، وهو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة عموماً وخصوصاً ، فمن الأوّل ما مرّ مراراً ، ومن الثاني في الأوّل الصحيح : في الرجل يكسر ظهره ، فقال : « فيه الدية كاملة » (٤) ونحوه غيره (٥).

ومنه في الثاني في كتاب ظريف : « فإن أحدب منها الظهر فحينئذٍ تمّت ديته ألف دينار » (٦).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣٣٤ / ١٠ ، الفقيه ٤ : ٥٨ / ١٩٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٩٥ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٠٢ أبواب ديات الأعضاء ب ١٢ ح ١.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٣) الخلاف ٥ : ٢٥٣.

(٤) الكافي ٧ : ٣١١ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٥ / ٩٧٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٤ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٤.

(٥) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٧ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٧.

(٦) الكافي ٧ : ٣٤٢ / ذيل ١٢ ، الفقيه ٤ : ٥٨ / ١٩٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٩٥ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣١١ أبواب ديات الأعضاء ب ١٨ ح ١.

٤٧٢

ونحوه الخبر : « الظهر إذا أحدب ألف دينار » (١).

ومنه في الثالث الخبر : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أنّ فيه الدية » (٢).

وقصور السند أو ضعفه حيث كان بالعمل منجبر.

( ولو صلح ) بعد الكسر أو التحديب بحيث يقدر على المشي والقعود كما كان يقدر عليهما ولم يبق عليه من أثر الجناية شي‌ء ( فثلث الدية ) على المشهور ، كما في المسالك والروضة وغيرهما (٣) ، ولم أعرف مستنده ، وبه صرّح جماعة (٤).

قيل : ويمكن أن يكونوا حملوه على اللحية إذا نبتت ، وقد مرّ ، أو على الساعد (٥) ، ففي كتاب ظريف أنّ فيه : « إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس » (٦) بناءً على أنّ المراد به الساعدان جميعاً (٧). وهو كما ترى ، بل الظاهر وصول نصّ إليهم لم يصل إلينا.

وهنا أقوال أُخر غير معلومة المأخذ عدا ما في الغنية (٨) : من أنّ فيه‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣١١ / ١ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٥ / ٩٦٨ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٣ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٢.

(٢) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٨ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٨ / ٩٧٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٠٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١٤ ح ١.

(٣) المسالك ٢ : ٥٠٣ ، الروضة ١٠ : ٢٣٢ ، غاية المرام ٤ : ٤٥٧.

(٤) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ١٤ : ٤٠٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٦.

(٥) في النسخ : الساعدين ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.

(٦) الكافي ٧ : ٣٣٥ ، الفقيه ٤ : ٦٠ ، التهذيب ١٠ : ٣٠١ ، الوسائل ٢٩ : ٣٠١ أبواب ديات الأعضاء ب ١١ ح ١.

(٧) قاله في كشف اللثام ٢ : ٥٠٦.

(٨) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

٤٧٣

عشر الدية مدّعياً عليه إجماع الإمامية ، وحكي أيضاً عن الإصباح وموضع من السرائر والمقنعة (١).

والحجة عليه بعد الإجماع المزبور ما في كتاب ظريف من أنّه : « إن كسر الصلب فجبر على غير عيب فمائة دينار ، وإن عثم فألف دينار » (٢) وبه أفتى في الإرشاد (٣) أيضاً ، فقال : ولو كسر الصلب وجبر على غير عيب فمائة دينار ، فإن عثم فألف ، مع أنّه قال قبل ذلك بلا فاصلة : فإن صلح أي الظهر فالثلث.

وهو غريب ، إلاّ أن يبنى على الفرق عنده بين الظهر والصلب ، كما يستفاد منه أيضاً في التحرير (٤) ، ولكنّه خلاف ظاهر الأصحاب ، بل صريح بعضهم كشيخنا في الروضة (٥) ، حيث فسّر الصلب بالظهر ، وبه صرّح في مجمع البحرين وغيره (٦).

( وفي ) قطع ( ثديي المرأة ديتها ) كاملة ( وفي كل واحدة نصف الدية ) إجماعاً على الظاهر ، المصرّح به في الغنية والتحرير والروضة وغيرها من كتب الجماعة (٧) ؛ للقاعدة المتقدمة غير مرّة في أنّ كل ما في الإنسان منه اثنان فيه ديته ، وفي أحدهما نصفها.

__________________

(١) الإصباح ( الينابيع الفقهية ٢٤ ) : ٢٩٣ ، السرائر ٣ : ٤١٠ ، المقنعة : ٧٦٧.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٨ ، الفقيه ٤ : ٦٢ ، التهذيب ١٠ : ٣٠٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٠٤ أبواب ديات الأعضاء ب ١٣ ح ١.

(٣) الإرشاد ٢ : ٢٣٩.

(٤) التحرير ٢ : ٢٧١.

(٥) الروضة ١٠ : ٢٣٢.

(٦) مجمع البحرين ٢ : ١٠١ ، لسان العرب ١ : ٥٢٦.

(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١ ، التحرير ٢ : ٢٧٣ ، الروضة ١٠ : ٢٣٣ ، وانظر مرآة العقول ٢٤ : ٩٣ ، وفيه : بلا خلاف.

٤٧٤

مضافاً إلى خصوص الصحيح المتضمّن لقول الأمير عليه‌السلام : « في رجل قط ثدي امرأته : إذاً أُغرّمه لها نصف الدية » (١).

وكذا في حلمتي ثدييها عند جماعة (٢) ؛ للقاعدة المزبورة.

واستشكله آخرون (٣) : من ذلك ، ومن أنّ الدية تجب في الثديين وهما بعضهما ، فينبغي أن يكون فيهما بعضها بالحساب.

والحمل على اليد والرجل حيث تجب الدية بقطع الأصابع منهما خاصّة وبقطعها مع الكفّ أو القدم أيضاً ، ونحو ذلك قياس مع الفرق بالإجماع والنص وعدمهما ، وبإطلاق اليد والرجل على أبعاضهما عرفاً كثيراً كما في آيتي الوضوء (٤) وقطع السارق (٥) ، بخلاف الثدي ؛ لعدم إطلاقه على الحلمة كإطلاقهما على أبعاضهما.

وهذا الوجه حسن إن منع عموم ما يدل على القاعدة بحيث يشمل لمفروض المسألة ، وإلاّ فلا وجه له ؛ فإنّ الحكم بالدية لذلك حكم بالنص لا بالقياس.

وحيث أوجبناها لحلمتيها فلإن نوجبها في حلمتي الرجل بطريق أولى ؛ لعدم ثديين له تكونان بعضاً منهما حتى يجري فيهما وجه المنع عن‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣١٤ / ١٧ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٢ / ٩٩٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٥٤ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٦ ح ١.

(٢) منهم الشيخ في المبسوط ٧ : ١٤٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤٥٠ ، والحلّي في السرائر ٣ : ٣٩٤.

(٣) منهم المحقق في الشرائع ٤ : ٢٦٨ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ٢ : ٦٦٠ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ٣٢٨.

(٤) المائدة : ٦.

(٥) المائدة : ٣٨.

٤٧٥

الدية في حلمتيها ، كما لا يخفى ، وبه أفتى الفاضل في جملة من كتبه (١) تبعاً للشيخ في المبسوط والخلاف والحلّي (٢) مدّعيين أنّه مذهبنا.

( وقال ابن بابويه ) في الفقيه وابن حمزة (٣) : إنّ ( في ) كل من ( حملة ثدي الرجل ثمن الدية مائة وخمسة وعشرون ديناراً ) وفيهما معاً ربع الدية ، استناداً إلى كتاب ظريف (٤).

والمسألة محل إشكال ، فالاحتياط فيها مطلوب على كل حال ، وإن كان القول بالحكومة في المقامين لا يخلو عن قوّة وفاقاً لجماعة (٥) ؛ للشك في عموم القاعدة لمفروض المسألة ، وعدم دليل يعتدّ به على تقدير ؛ لتعارض كتاب ظريف إن قلنا باعتبار سنده مع الإجماع المستظهر من عبارة الشيخ والحلّي ، ولا مرجّح يطمأنّ به ، فيرجع إلى الضابط فيما لا تقدير له ؛ مضافاً إلى أصالة البراءة.

( وفي ) قطع ( حشفة الذكر فما زاد وإن استؤصل الدية ) كاملة ، إجماعاً على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة (٦) ، وهو الحجة بعد القاعدة المشار إليها غير مرّة.

مضافاً إلى خصوص الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، ففي‌

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٤١ ، التحرير ٢ : ٢٧٣ ، المختلف : ٨٠٩.

(٢) المبسوط ٧ : ١٤٨ ، الخلاف ٥ : ٢٥٧ ، السرائر ٣ : ٣٩٤.

(٣) الفقيه ٤ : ٦٥ ، الوسيلة : ٤٥٠.

(٤) الكافي ٧ : ٣٣٨ ، الفقيه ٤ : ٦٥ ، التهذيب ١٠ : ٣٠٧ ، الوسائل ٢٩ : ٣٠٤ أبواب ديات الأعضاء ب ١٣ ح ١.

(٥) منهم فخر المحققين في الإيضاح ٤ : ٦٩٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٥٠٣.

(٦) منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

٤٧٦

الصحيح وغيره : « في الذكر إذا قطعت الحشفة فما فوق الدية » (١) ونحوهما صحيح آخر (٢) ، لكن من دون قوله : « فما فوق ».

وفي الموثقين : « في الذكر إذا قطع الدية كاملة » (٣).

ونحوه الخبر (٤) ، لكن مقيّداً بذكر الرجل ، وليس المراد من القيد إخراج ذكر الصغير ؛ للاتفاق ظاهراً على دخوله فتوًى ونصّاً ، ففي الصحيح والقوي : « في ذكر الغلام الدية » (٥).

بل المراد والله العالم إخراج نحو ذكر الخنثى إذا لم تعلم حالها ، أو علم كونها أُنثى ، فإنّ في ذكرها والحال هذه إمّا ثلث ديتها كما عن الإسكافي والمقنع (٦) ، لكنّه لم يضف الدية إليها ، بل قال : ثلث الدية ، وأطلقها ؛ أو الحكومة كما صرّح به بعض الفضلاء (٧) ؛ عملاً بالقاعدة فيما لم يرد به تقدير في الشريعة ؛ لعدم نصّ على ما ذكرا من ثلث الدية مطلقاً.

وحيث شمل الحكم ذكر الصبي مطلقا فشموله للشيخ والشابّ العاجز‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣١١ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٥ / ٩٧٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٤ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٤ ؛ وانظر الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٦.

(٢) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٦ / ٩٧٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٥.

(٣) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٧ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٦ / ٩٧٥ ، ٩٧٦ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ ، ٢٨٦ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٧ ، ١٠.

(٤) التهذيب ١٠ : ٢٤٧ / ٩٧٧ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٧ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١١.

(٥) الصحيح في : الكافي ٧ : ٣١٣ / ١٤ ، الفقيه ٤ : ٩٨ / ٣٢٥ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٨ / ٩٨٢ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٩ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٥ ح ١.

والقوي في : الكافي ٧ : ٣١٣ / ١٣ ، الفقيه ٤ : ٩٧ / ٣٢٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٩ / ٩٨٣ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٩ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٥ ح ٢.

(٦) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٨١٦ ، المقنع : ١٨٠.

(٧) انظر كشف اللثام ٢ : ٥٠٨.

٤٧٧

عن الجماع أصلاً أولى ، وبالعموم لجميع هؤلاء صرّح جماعة من أصحابنا (١).

( وفي ذكر العنّين ثلث الدية ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، ومرّ نقل الإجماع عليه عن الخلاف مع نقل الخلاف فيه من كتاب القصاص في القسم الثاني منه في قصاص الأطراف.

وكذا ذكر الأشل فيه ثلث الدّية ، وهو الذي يكون منبسطاً أبداً فلا ينقبض ولو في الماء البارد ، أو يكون منقبضاً أبداً فلا ينبسط ولو في الماء الحارّ ، وإن التذّ صاحبه وأمنى بالدخول أو المساحقة وأولد ؛ لأنّه عضو أشلّ وديته ذلك ، كما أنّ في الجناية عليه صحيحاً حتى صار أشل ثلثي ديته ، وعليه الإجماع في الغنية (٢) ، مع عدم خلاف فيه أجده.

( وفيما قطع منه ) أي من كل من حشفة ذكر الصحيح وذكر العنّين يؤخذ من ديتهما ( بحسابه ) أي بحساب ذلك المقطوع منسوباً إلى مجموع الحشفة في الأوّل ، وإلى مجموع الذكر في الثاني وأشلّه مطلقا.

والفرق بينهما وبين الصحيح أنّ الحشفة في الصحيح هي الركن الأعظم في لذَّة الجماع ووردت بخصوصها الدّية ، بخلافها فيهما ؛ لاستواء الجميع في عدم المنفعة وعدم ورود الدية فيهما لخصوص الحشفة ، مع كونه عضواً فينسب بعضه إلى مجموعة بناءً على الأصل.

( وفي (٣) الخصيتين ) معاً ( الدية ) كاملة إجماعاً ، فتوًى ونصّاً ، عموماً وخصوصاً ، ففي الصحيح : « وفي البيضتين الدية » (٤).

__________________

(١) منهم الشيخ في المبسوط ٧ : ١٥١ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٣٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠٨.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٣) في « ب » و « س » زيادة : سلّ.

(٤) التهذيب ١٠ : ٢٤٥ / ٩٧٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ذيل الحديث ٤.

٤٧٨

( وفي كل واحدة ) منهما ( نصف الدية ) وفاقاً للمقنعة والمبسوط والنهاية والكافي والكامل والإصباح والسرائر والغنية (١) ، وبالجملة : الأكثر ، كما صرّح به جماعة (٢) ، بل عليه المتأخّرون كافّة ، وظاهر الغنية أنّ عليه إجماع الإمامية ، وهو الحجة.

مضافاً إلى النصوص القائلة : إنّ ما في الإنسان منه اثنان في أحدهما نصف الدية (٣).

ويعضده إطلاق ما في كتاب ظريف من قوله : « وفي خصية الرجل خمسمائة دينار » (٤).

( وفي رواية ) صحيحة عمل بها جماعة ، ومنهم الشيخ في الخلاف (٥) مدّعياً عليه الإجماع أنّه ( في اليسرى ثلثا الدية ) وفي اليمنى الثلث ، مع تضمّنها أنّ ما كان في الجسد منه اثنان فيه نصف الدية ، ولذا سأل الراوي عن التفصيل (٦) فقال : أليس قلتَ : « ما كان في الجسد منه اثنان ..؟! » فقال : « ( لأنّ الولد » منها ) أي « من البيضة اليسرى » (٧).

ونحوها المرفوع المروي في الفقيه عن مولانا الصادق عليه‌السلام قال‌ :

__________________

(١) المقنعة : ٧٥٥ ، المبسوط ٧ : ١٥٢ ، النهاية : ٧٦٩ ، الكافي في الفقه : ٣٩٩ ، الإصباح ( الينابيع الفقهية ٢٤ ) : ٢٩٤ ، السرائر ٣ : ٣٩٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.

(٢) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٥٠٣ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٥٢.

(٣) انظر الوسائل ٢٩ : ٢٨٣ ، ٢٨٧ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١ ، ١٢.

(٤) الفقيه ٤ : ٦٥ ، التهذيب ١٠ : ٣٠٧.

(٥) الخلاف ٥ : ٢٥٩ ، الجامع للشرائع : ٥٨٩ ، المهذّب ٢ : ٤٨ ، المراسم : ٢٤٤.

(٦) في « ن » : التفضيل.

(٧) الكافي ٧ : ٣١٥ / ٢٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٠ / ٩٨٩ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٣ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١.

٤٧٩

« الولد يكون من البيضة اليسرى ، فإذا قطعت ففيها ثلثا الدية ، وفي اليمنى الثلث » (١).

وعمل بها من المتأخّرين الفاضل في المختلف (٢) ، مستدلاًّ عليه زيادةً على الروايتين بتفاوتهما في المنفعة فتتفاوتان في الدّية.

وفيه نظر ؛ لأنّه مجرّد مناسبة ، وفي صلوحها حجة مناقشة ، سيّما في مقابلة تلك الأدلّة ، فإذاً الحجة الرواية الخاصة أن سلّمناها.

مع كون الثانية مرفوعة ، ومضمونها كالصحيحة من انحصار الولد في اليسرى ممّا قيل : إنّه قد أنكره بعض الأطباء (٣) ، وإنّه نسبه الجاحظ إلى العامة العمياء (٤).

لكن يمكن الذبّ عن هذا باندفاعه بعد تسليمه بأنّه لا يعارض به ما ثبت بالنص الصحيح عن أئمّة الهدى سلام الله عليهم ، لكن الإشكال في التمسّك به في مقابلة الأدلّة العامّة المعتضدة بالشهرة العظيمة.

وإجماع الخلاف مع وهنه بمخالفة الأكثر معارض بمثله.

وبالجملة : المسألة محل إشكال ، ولا يترك الاحتياط فيها على حال مع الإمكان ، ومع عدمه فالإشكال بحاله ، ولكن مقتضى الأصل المصير إلى ما عليه الأكثر.

وهنا قولان آخران ، أحدهما للإسكافي ، وهو أنّ فيهما معاً وكذا في اليسرى الدية ، وفي اليمنى نصفها (٥).

والثاني للراوندي ، وهو التنصيف في الشيخ اليائس من الجماع‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١١٣ / ٣٨٦ ، الوسائل ٢٩ : ٣١١ أبواب ديات الأعضاء ب ١٨ ح ٢.

(٢) المختلف : ٨٠٩.

(٣) الروضة ١٠ : ٢٣٧.

(٤) كشف اللثام ٢ : ٥٠٨ ، وهو في كتاب الحيوان ١ : ١٢٣.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ٨٠٨.

٤٨٠