رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-278-4
الصفحات: ٦١١

( ويقطع ) العضو ( الأشلّ ) بمثله ، و ( بالصحيح ما لم يعرف أنّه لا ينحسم ) بلا إشكال فيه ، وفي تعيّن الدية مع المعرفة بإخبار أهل الخبرة بعدم الانحسام وانسداد أفواه العروق ، ولا خلاف فيهما أيضاً ، بل عليهما الإجماع في الغنية (١) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى العمومات في الأوّل ؛ ولزوم صيانة النفس المحترمة عن التلف ، مع إمكان تدارك الحق بالدية ، ويخطر بالبال ورود رواية (٢) لها عليه دلالة في الثاني ، ونسبة الحكم فيه في المسالك وغيره (٣) إلى المشهور ربما توهّم وجود خلاف فيه أو إشكال ، ولكن لا أثر لهما.

وحيث يقطع الشلاّء يقتصر عليها ولا يضم إليها أرش التفاوت ؛ للأصل ، وعدم دليل على الضمّ مع (٤) تساويهما في الحرمة (٥).

( ويقتصّ المسلم من الذمّي ويأخذ منه ) فضل ( ما بين الديتين ) للصحيح : عن ذمّي قطع يد مسلم؟ قال : « تقطع يده إن شاء أولياؤه ، ويأخذون فضل ما بين الديتين » الحديث (٦).

وفي سنده إضمار ، وفي ذيله مخالفة للأصل ، لكن لم أجد خلافاً فيما يتعلّق منه بما نحن فيه حتى من نحو الحلّي (٧) ، وظاهر التنقيح (٨) عدم‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٠.

(٢) الكافي ٧ : ٣١٧ / ١ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٦ / ١٠٨٢ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٢ أبواب قصاص الطرف ب ١٠ ح ١.

(٣) المسالك ٢ : ٤٨٣ ، المفاتيح ٢ : ١٢٩.

(٤) في « س » زيادة : عدم.

(٥) في « ب » و « س » : الحرية.

(٦) التهذيب ١٠ : ٢٨٠ / ١٠٩٦ ، الوسائل ٢٩ : ١٨٣ أبواب قصاص الطرف ب ٢٢ ح ١.

(٧) السرائر ٣ : ٤٠٣.

(٨) التنقيح ٤ : ٤٥٢.

٣٢١

الخلاف فيه ، حيث لم يتعرض لذكر هذا الحكم ، ولو وجد فيه خلاف لنقله وتعرّض له ، كما هو دأبه.

ويعضده ما مرّ من ردّ فضل ما بين الديتين إذا قتل المسلم بالذمّي باعتياده القتل له أو مطلقاً ، وأنّه لو قتل ذمّي مسلماً دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، وأنّ لهم الخيرة بين قتله واسترقاقه ، حيث إنّه لم يكتف في الاقتصاص منه بنفسه ، بل يضمّ إليه ماله ، فتدبّر.

( ولا يقتصّ للذميّ من المسلم ، ولا للعبد من الحرّ ) بل يجب الدية ؛ لفقد التساوي في الإسلام والحرّية المشترط في القصاص ، كما مرّ إليه الإشارة.

مضافاً إلى خصوص الخبر المتقدّم قريباً : « ولا قصاص بين الحر والعبد » (١) في الثاني.

والصحيح : « لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات ، ولكن يؤخذ من المسلم [ جنايته للذمّي (٢) ] على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم » (٣) في الأوّل.

وأمّا ما في ذيل الصحيح المتقدم من أنّه : « إن قطع المسلم يد المعاهد خيّر أولياء المعاهد ، فإن شاءُوا أخذوا الدية ، وإن شاءُوا قطعوا يد المسلم وأدّوا إليه فضل ما بين الديتين ، وإذا قتل (٤) المسلم صنع كذلك » (٥) فقد مرّ‌

__________________

(١) راجع ص : ٣١٧.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : دية الذمّي ، وما أثبتناه من المصادر هو الأنسب.

(٣) الكافي ٧ : ٣١٠ / ٩ ، التهذيب ١٠ : ١٨٨ / ٧٤٠ ، الإستبصار ٤ : ٢٧٠ / ١٠٢٢ ، الوسائل ٢٩ : ١٠٨ أبواب القصاص في النفس ب ٤٧ ح ٥.

(٤) كذا ، وفي المصادر : قتله.

(٥) راجع ص ٣١٩.

٣٢٢

الجواب عن أمثاله في الشرط الثاني من شرائط قصاص النفس من الشذوذ ، واحتمال التقية ، أو الاختصاص بصورة الاعتياد خاصّة ، كما فصّلته النصوص ثمّة.

( ويعتبر التساوي في الشجاج ) أي الجرح والشقّ بال ( مساحة طولاً وعرضاً ) اتفاقاً على الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (١).

قيل : لإشعار لفظ القصاص به (٢).

وللاعتبار ، فلا يقابل ضيّقة بواسعة ، ولا يقنع بضيّقة عن واسعة ، بل يستوفي بقدر الشجّة في البُعدين.

( لا نزولاً ) وعمقاً ، بإجماعنا الظاهر ، المصرّح به في جملة من العبائر (٣) ، وهو الحجة المؤيدة بما قيل (٤) ، سيّما (٥) مع اختلاف الرؤوس في السمن والضعف وغلط الجلد ودقّته.

ولكن في صلوحه حجة مستقلّة نظر ؛ لما قيل (٦) من أنّ ذلك ليس بموجب ؛ إذ يؤتى بما يمكن ويسقط الباقي ويؤخذ أرش الزائد ، كما ذكروه في المساحة طولاً من أنّه يلزم اعتبار التساوي فيها ولو استلزم استيعاب رأس الجاني لصغره دون المجني عليه وبالعكس ، ولا يكمل الزائد عنه من القفاء ولا من الجبهة ؛ لخروجهما عن محل الاستيفاء ، بل يقتصر على‌

__________________

(١) انظر كشف اللثام ٢ : ٤٧٩.

(٢) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٧٩.

(٣) انظر مجمع الفائدة والبرهان ١٤ : ١١٦ ، المفاتيح ٢ : ١٣١ ، كشف اللثام ٢ : ٤٧٩.

(٤) قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٣١.

(٥) ليست في « ب ».

(٦) قالبه الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١٤ : ١١٦.

٣٢٣

ما يحتمله ( العضو ، ويؤخذ للزائد بنسبة المتخلّف إلى أصل الجرح من الدية ، فيستوفى بقدر ما يحتمله ) (١) الرأس من الشجّة وينسب الباقي إلى الجميع ويؤخذ للفائت بنسبته ، فإن كان الباقي ثلثاً فله ثلث دية تلك الشجّة ، وهكذا.

ومثل ذلك جارٍ فيما نحن فيه لولا الإجماع على أنّه لا يعتبر التساوي فيه ( بل يراعى ) فيه ( حصول اسم الشجّة ) المخصوصة التي حصلت بها الجناية من خارصة ، أو باضعة ، أو غيرهما ، حتى لو كان عمق المتلاحمة مثلاً نصف أنملة جاز في القصاص الزيادة عليه ما لم ينته إلى ما فوقها ، فيمنع عنها حينئذٍ ؛ لاختلاف الاسم.

( ويثبت القصاص فيما لا تغرير ) (٢) ( فيه ) بالنفس أو الطرف ، ولا يتعذّر فيه استيفاء المثل ( كالخارصة ) والباضعة والسمحاق ( والموضحة ) وسيأتي تفسيرها مع ما بعدها ، وكذا كل جرح يمكن استيفاء المثل فيه من دون تغرير بأحدهما.

( ويسقط فيما فيه التغرير ) أو يتعذّر أن يكون المثل فيه مستوفى ( كالهاشمة ، والمنقّلة ، والمأمومة ، والجائفة ، وكسر الأعضاء ) ولا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده إلاّ فيما سيأتي إليه الإشارة.

والحجّة بعده العموم فيما ليس فيه تغرير. والأصل ، مع لزوم صيانة النفس أو الطرف المحترمين عن التلف ، واعتبار المماثلة في غيره.

ولو قيل فيه بجواز الاقتصار على ما دون الجناية من الشجّة التي‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ب ».

(٢) في المختصر المطبوع والنسخ هنا وفي الموارد الآتية : التعزير ، وما أثبتناه هو الصحيح.

٣٢٤

لا تغرير فيها وأخذ التفاوت بينها وبين ما استوفاه ، فيقتصّ من الهاشمة بالموضحة ويؤخذ للهشم ما بين ديتهما ، وعلى هذا القياس كان وجهاً.

ولكن ظاهر الأصحاب على الظاهر ، المصرّح به في المسالك (١) الاقتصار على الدية مطلقا ، ويشهد لهم النصوص ، منها : « الجائفة ما وقعت في الجوف ليس لصاحبها قصاص إلاّ الحكومة ، والمنقّلة تنقل منها العظام وليس فيها قصاص إلاّ الحكومة ، وفي المأمومة ثلث الدية ليس فيها قصاص إلاّ الحكومة » (٢).

ومنها : « في الموضحة خمس من الإبل ، وفي السمحاق دون الموضحة أربع من الإبل ، وفي المنقّلة خمس عشرة من الإبل ، وفي الجائفة ما وقعت في الجوف ليس فيها قصاص إلاّ الحكومة ، والمنقّلة تنقل منها العظام وليس فيها قصاص إلاّ الحكومة ، وفي المأمومة تقع ضربة في الرأس إن كان سيفاً ، فإنّها تقطع كل شي‌ء وتقطع العظم فتؤمّ المضروب ، وربما ثقل سمعه ، وربما اعتراه اختلاط ، فإن ضرب بعمود أو بعصا شديدة فإنّها تبلغ أشدّ من القطع يكسر منها القِحف ، قِحف الرأس » (٣).

ومنها : « لا قصاص في عظم » (٤).

لكنّها مع قصور السند الخبران الأوّلان منها مقطوعان لم يسند إلى إمام ، والأخير منها معارض بالصحيح : عن السنّ والذراع يكسران عمداً‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٤٨٣.

(٢) الفقيه ٤ : ١٢٥ / ٤٣٦ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٩ أبواب قصاص الطرف ب ١٦ ح ١.

(٣) التهذيب ١٠ : ٢٩٤ / ١١٤٣ ، الوسائل ٢٩ : ١٨٠ أبواب قصاص الطرف ب ١٦ ح ٢. والقِحف : العظم الذي فوق الدماغ من الجمجمة. لسان العرب ٩ : ٢٧٥.

(٤) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : ١٤٣ / ٣٦٨ ، الوسائل ٢٩ : ١٨٦ أبواب قصاص الطرف ب ٢٤ ح ٢.

٣٢٥

ألهما أرش ، أو قود؟ فقال : « قود » قلت : فإن أضعفوا الدية؟ قال : « إن أرضوه بما شاء فهو له » (١).

وظاهر الشيخين (٢) العمل به مقيّداً بما إذا كان المكسور شيئاً لا يرجى صلاحه.

وفي الموثّق كالصحيح : « وأمّا ما كان من الجراحات في الجسد فإنّ فيها القصاص ، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها » (٣).

واعلم أنّ عدّ الهاشمة وما بعدها ممّا لا قصاص فيه للتغرير أو غيره هو المشهور بين الأصحاب.

خلافاً للنهاية والمقنعة والديلمي (٤) ، فلم يعدّوا منه ما عدا المأمومة والجائفة ، بل صرّحوا بثبوت القصاص في الجراح مطلقا عداهما ؛ معلّلين نفي القصاص فيهما بأنّ فيه تغريراً بالنفس.

وهذا التعليل كما ترى لا يختصّ بهما ، بل جارٍ في نحو الهاشمة والمنقّلة ، ولذا اعترض الحلّي على الشيخ في النهاية ، فقال بعد نقل كلامه فيها ـ : إلاّ أنّه رجع في مسائل خلافه ومبسوطه إلى ما اخترناه ، وهو الأصح ؛ لأنّ تعليله في نهايته لازم له في الهاشمة والمنقّلة (٥).

ولنعم ما ذكره ، ولذا اعتذر في المختلف عن الشيخين ، فقال : كأنّهما‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣٢٠ / ٧ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٥ / ١٠٧٧ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٦ أبواب قصاص الطرف ب ١٣ ح ٤.

(٢) المقنعة : ٧٦١ ، النهاية : ٧٧٢.

(٣) التهذيب ١٠ : ٢٧٧ / ١٠٨٤ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٧ أبواب قصاص الطرف ب ١٣ ح ٥.

(٤) النهاية : ٧٧٥ ، المقنعة : ٧٦٦ ، المراسم : ٢٤٧.

(٥) السرائر ٣ : ٤٠٨.

٣٢٦

لم يصرّحا بثبوت القصاص في الهاشمة والمنقّلة ، بل بتعميم القصاص في الجراح ، والهشم والنقل كأنّهما خارجان عن الجراح (١).

وعليه فيرتفع الخلاف ، لكن عن ابن حمزة (٢) التصريح بثبوت القصاص في الهاشمة والمنقّلة ، وهو ضعيف في الغاية.

( وفي جواز الاقتصاص ) من الجاني ( قبل الاندمال ) أي قبل برء المجني عليه من الجراحة ( تردّد ) من عدم الأمن من السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس ، فيسقط القصاص في الطرف ، ومن عموم قوله سبحانه ( وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) (٣) وقوله تعالى ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا ) الآية (٤) ، لمكان الفاء المفيدة للتعقيب بلا مهلة ، والأصل عدم حصول السراية.

( أشبهه : الجواز ) مع استحباب الصبر إلى الاندمال ، وفاقاً للإسكافي والخلاف (٥) ، وعليه عامّة المتأخرين ، بل لم أقف على مخالف لهم عدا الشيخ في المبسوط ، فاختار المنع ؛ لما مرّ ، على ما ذكره جماعة (٦) ، وعبارته المحكية في المختلف غير مطابقة للحكاية ، بل ظاهرة في الكراهة ، فإنّه قال بعد نقل القول بالمنع إلاّ بعد الاندمال ـ : وهو الأحوط عندنا ؛ لأنّها ربما صارت نفساً (٧). ولفظ الأحوط يشعر بالاستحباب.

__________________

(١) المختلف : ٨١٢.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٨١٢ ، وهو في الوسيلة : ٤٤٤ ، ٤٤٥.

(٣) المائدة : ٤٥.

(٤) البقرة : ١٩٤.

(٥) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٨٢١ ، الخلاف ٥ : ١٩٦.

(٦) منهم الفاضلان الآبي في كشف الرموز ٢ : ٦٢٤ ، والمقداد في التنقيح الرائع ٤ : ٤٥٣ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٤٢.

(٧) المختلف : ٨٢١ ، وهو في المبسوط ٧ : ٧٥.

٣٢٧

( ويجتنب القصاص في الحرّ الشديد ، والبرد الشديد ، ويتوخّى ) فيه ( اعتدال النهار ) بلا خلاف أجده ، قالوا : حذراً من السراية ، وربما يؤيّده ما مرّ في الحدود من تأخيرها إلى ذلك الوقت.

وظاهر التعليل كالعبارة وغيرها من عبائر الجماعة وجوب التأخير ، واختصاصه بقصاص الطرف دون النفس ، واستظهر بعض الأصحاب (١) الاستحباب ، وهو بعيد ، كاحتمال آخر : العموم لقصاص النفس أيضا.

( ولو قطع ) شخص ( شحمة اذُن ) آخر ( فاقتصّ منه فألصق المجني عليه ) الشحمة بمحلّها ( كان للجاني إزالتها ) بلا خلاف على الظاهر ، المصرّح به في التنقيح ، قال : وإنّما الخلاف في العلّة ، فقيل : ( ليتساويا في الشين ) كما ذكره المصنف ، وقيل : لأنّها ميتة لا تصحّ الصلاة معها. ويتفرّع على الخلاف أنّه لو لم يزلها الجاني ورضي بذلك كان للإمام إزالتها على القول الثاني ؛ لكونه حامل نجاسة لا تصحّ الصلاة معها (٢).

أقول : والأوّل خيرة الشيخ في الخلاف والمبسوط (٣) ، مدّعياً في صريح الأوّل وظاهر الثاني الإجماع ، وهو الحجّة المعتضدة بالنص الذي هو الأصل في هذه المسألة : « أنّ رجلاً قطع من اذُن الرجل شيئاً ، فرفع ذلك إلى علي عليه‌السلام فأقاده ، فأخذ الآخر ما قطع من اذُنه فردّه على اذُنه فالتحمت وبرئت ، فعاد الآخر إلى علي عليه‌السلام فاستقاده ، فأمر بها فقطعت ثانية وأمر بها فدفنت ، وقال عليه‌السلام : إنّما يكون القصاص من أجل الشين » (٤) وقصور سنده‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ١٤ : ١٣١.

(٢) التنقيح ٤ : ٤٥٤.

(٣) الخلاف ٥ : ٢٠١ ، المبسوط ٧ : ٩٢.

(٤) التهذيب ١٠ : ٢٧٩ / ١٠٩٣ ، الوسائل ٢٩ : ١٨٥ أبواب قصاص الطرف ب ٢٣ ح ١.

٣٢٨

أو ضعفه منجبر بالعمل.

والثاني خيرة الحلّي في السرائر والفاضل في التحرير والقواعد وشيخنا في المسالك (١) ، وهو غير بعيد.

والذي يختلج بالبال إمكان القول بالتعليلين ؛ لعدم المنافاة بينهما ، مع وجود الدليل عليهما ، فيكون للإزالة بعد الوصل (٢) سببان : القصاص ، وعدم صحة الصلاة ، فإذا انتفى الأوّل بالعفو مثلاً بقي الثاني كما في مثال العبارة ، ولو انتفى الثاني بقي الأوّل كما في المثال المزبور.

ولو أوجب الإزالة ضرراً لا يجب معه إزالة النجاسة للصلاة في الشريعة ، وكما لو قطع الشحمة فتعلّقت بجلده فاقتصّ منها وألصقها الجاني كان للمجني عليه إزالتها ليتساويا في الشين ، وليس للإمام ذلك إن عفا عنه المجني عليه ؛ للضرر ، أو لأنّها لم تبن من الحي لتكون ميتة.

ولو اقتصرنا على التعليل الثاني لم يكن ذلك للمجني عليه أيضاً في المثال الثاني ؛ لحصول الاقتصاص بالإبانة المخصوصة المماثلة لجناية الجاني.

( ويقتصّ الأنف الشامّ بعادم الشمّ ، و ) كذا ( الأُذن الصحيحة بالصمّاء ) بلا خلاف ظاهر ، مصرّح به في بعض العبائر (٣) ؛ لعموم ( وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ ) (٤) مع حصول الاعتداء بمثل ما اعتدى بناءً على خروج المرضين عن العضوين وثبوت أحدهما في الدماغ والآخر‌

__________________

(١) السرائر ٣ : ٤٠٥ ، التحرير ٢ : ٢٥٨ ، القواعد ٢ : ٣٠٧ ، المسالك ٢ : ٤٨٤.

(٢) في « س » : الأصل.

(٣) المفاتيح ٢ : ١٢٩.

(٤) المائدة : ٤٥.

٣٢٩

في الصماخ أو ما وراءه ، فلا تعلّق للمرض بالمحل ، حتى لو قطع أنفه أو اذُنه فأزال شمّه أو سمعه فهما جنايتان لا يرتبط أحدهما بالآخر.

( ولا يقطع ذكر الصحيح بالعنّين ) ويقطع بذكر الصغير والمختون (١) والأغلف ومسلوب الخصيتين ، بلا خلاف ؛ للعموم في المثبت ، والإلحاق بأشلّ اليد والإصبع ، المساعد بالاعتبار في المنفي ، ولذا قالوا في قطع ذكر العنّين بثلث الدية ، وادّعى عليه الشيخ في الخلاف إجماع الطائفة (٢).

ولكن في القوي : أن فيه الدية (٣) ، وحكي القول بمضمونه عن الصدوق والإسكافي (٤).

وهو ضعيف عن المقاومة لما مرّ ، فليطرح ، أو يحمل على بيان إرادة نفي القصاص وثبوت أصل الدية في الجملة لا بيان كمال الدية ، أو على التقية فقد حكي عن الشافعية قطع الصحيح بالعنّين (٥) ، بناءً على أنّ العنن نقص في الدماغ والقلب ، لا شلل في الذكر.

( ويقلع عين الأعور ) (٦) أي ذي العين الواحدة خلقةً ، أو بآفة ، أو قصاص ، أو جناية ( بعين ذي العينين ) المماثلة لها محلا ( وإن عمي ) بذلك الأعور وبقي بلا بصر ، بلا خلاف يظهر ، وبه صرّح جمع ممن‌

__________________

(١) فيه « ح » و « ن » : والمجنون.

(٢) الخلاف ٥ : ٢٠٢.

(٣) الكافي ٧ : ٣١٣ / ١٣ ، الفقيه ٤ : ٩٧ / ٣٢٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٩ / ٩٨٣ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٩ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٥ ح ٢.

(٤) نقله عنهما في المختلف : ٨١٦.

(٥) حكاه عنهم في كشف اللثام ٢ : ٤٨٠.

(٦) في المختصر المطبوع زيادة : الصحيحة.

٣٣٠

تأخّر (١) ، بل عليه الإجماع عن الخلاف (٢) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى عموم الأدلة ( وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ) (٣) وخصوص المعتبرة ، ففي الصحيح والقريب منه بفضالة عن أبان اللذين قد أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنهما العصابة : أعور فقأ عين صحيح ، فقال : « تفقأ عينه » قال : قلت : يبقى أعمى ، فقال : « الحقّ أعماه » (٤).

ومقتضى الأصل وإطلاقها كالفتاوي وصريح جماعة من أصحابنا (٥) عدم ردّ شي‌ء على الجاني ، مع أنّ دية عينه ضعف دية عين المجني عليه في ظاهر الأصحاب ، كما يأتي.

( وكذا يقتصّ له ) أي للأعور ( منه ) أي من ذي العينين ( بعين واحدة ) بلا خلاف أجده إلاّ من الإسكافي (٦) ، فجوّز الاقتصاص له منه بعينيه أيضاً مع ردّ نصف الدية.

وهو مع شذوذه ، وعدم وضوح مستنده ، ومخالفته لظاهر النص الآتي مضعّف بأنّ العينين إن تساويا عينه فلا ردّ ، وإلاّ فلا قلع.

وما يقال : من أنّ عدم المساواة لا يمنع الاقتصاص ، فإنّ الأُنثى يقتصّ لها من الذكر مع الردّ في موضعه مع أنّها غير مساوية له.

__________________

(١) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١٤ : ٨٣ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٤١.

(٢) الخلاف ٥ : ٢٥٢.

(٣) المائدة : ٤٥.

(٤) الكافي ٧ : ٣٢١ / ٩ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٦ / ١٠٧٩ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٨ أبواب قصاص الطرف ب ١٥ ح ١.

(٥) منهم ابن إدريس في السرائر ٣ : ٣٨١ ، والمحقق في الشرائع ٤ : ٢٣٦ ، والعلاّمة في التحرير ٢ : ٢٥٨.

(٦) حكاه عنه في التنقيح ٤ : ٤٥٦.

٣٣١

مضعّف بأنّ الاقتصاص بين الذكر والأُنثى إنّما هو في شي‌ء واحد بواحد مثل النفس بالنفس ، لا اثنين بواحد كما هنا ، وأنّ نفس الأُنثى نصف الذكر ، فهو ضعفها ، بخلاف عين الأعور ، فإنّها إمّا واحدة مثل أُخرى أو مثلهما ، وهو ظاهر ، ولذا لا يقتصّ لعين الرجل الواحدة عيني المرأة مع التساوي ، ويقتصّ لعيني المرأة عيني الرجل مع الردّ.

وبالجملة : لا ريب في ضعف هذا القول ، كالمحكي عن كثير من الأصحاب (١) من إطلاقهم تخيّر الأعور بين الاقتصاص بالعين الواحدة وأخذ الدية كاملة ، مع أنّ موجب العمد ليس إلاّ الأوّل ، وإنّما يثبت الثاني صلحاً ، كما مرّت إليه الإشارة ، وبهذا هنا صرّح جماعة (٢).

( و ) حيث اقتصّ له بالعين الواحدة فـ ( في ردّ ) الجاني عليه ( نصف الدية ) دية النفس ( قولان ، والمروي ) (٣) في الصحيح وغيره : ( الردّ ).

ففي الأوّل : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل أعور أُصيبت عينه الصحيحة ففقئت : أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ ديةً كاملةً ويعفى عن عين صاحبه » (٤).

وفي الثاني : عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور؟ فقال : « عليه الدية كاملة ، فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتصّ من صاحبه ويأخذ منه‌

__________________

(١) حكاه عنهم في غاية المراد ٤ : ٣١٤ ، والتنقيح ٤ : ٤٥٤.

(٢) منهم الشهيدان في غاية المراد ٤ : ٣٧٢ ، والمسالك ٢ : ٤٨٤ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٤ : ٤٥٤.

(٣) في المختصر المطبوع : أشبههما.

(٤) الكافي ٧ : ٣١٧ / ١ ، التهذيب ١٠ : ٢٦٩ / ١٠٥٧ ، المقنع : ١٨٣ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣١ أبواب ديات الأعضاء ب ٢٧ ح ٢.

٣٣٢

خمسة آلاف درهم فعل ؛ لأنّ له الدية كاملة ، وقد أخذ نصفها بالقصاص » (١).

وهو خيرة الشيخ رحمه‌الله في النهاية وأتباعه والفاضل في المختلف والشهيدين في النكت والمسالك والروضة (٢) ، وغيرهم (٣).

ولا يخلو عن قوة ؛ لصحة سند الرواية ، واعتضادها بغيرها من الرواية الأُخرى ، وما اتفقوا عليه من أنّ دية عين الأعور خلقةً أو بآفة دية النفس كاملةً ، كما هو ظاهر الروايتين ، وبه صرّح في الثانية وغيرها من المعتبرة الآتية هي مع نقل الإجماعات المحكية على ذلك حدّ الاستفاضة في كتاب الديات إن شاء الله تعالى.

خلافاً لجماعة ومنهم المفيد والشيخ في المبسوط والحلّي والفاضلان في الشرائع والتحرير (٤) ، فلم يوجبوا الردّ ؛ لقوله تعالى ( وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ) (٥) فلو وجب معها شي‌ء آخر لم يتحقّق ذلك ، خصوصاً على القول بأنّ الزيادة على النص نسخ ، وأصالة البراءة من الزائد.

ويضعّف الأصل بلزوم العدول عنه بما مرّ ، وبه يضعّف أيضاً ما قبله على تقدير تسليم عمومه ، وإلاّ فلا عموم له ؛ لأنّ العين مفرد محلّى باللاّم ، وغايته الإطلاق الغير المعلوم الانصراف إلى نحو المقام ؛ لندرته (٦) ،

__________________

(١) التهذيب ١٠ : ٢٦٩ / ١٠٥٨ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣١ أبواب ديات الأعضاء ب ٢٧ ح ٤.

(٢) النهاية : ٧٦٦ ، وتبعه الديلمي في المراسم : ٢٤٤ ، والحلبي في الكافي : ٣٩٦ ، المختلف : ٨٠٣ ، غاية المراد ٤ : ٣٧٣ ، المسالك ٢ : ٤٨٤ ، الروضة ١٠ : ٨٢.

(٣) التنقيح ٤ : ٤٥٥.

(٤) المقنعة : ٧٦١ ، المبسوط ٧ : ١٤٦ ، السرائر ٣ : ٣٨١ ، الشرائع ٤ : ٢٣٦ ، التحرير ٢ : ٢٥٨.

(٥) المائدة : ٤٥.

(٦) في « ن » زيادة : فتأمّل.

٣٣٣

مع أنَّ موجب إكمال الدية إنّما هو من حيث البصر أي المنفعة ، لا من حيث العين والجارحة ، ولذا مع التراضي على الدية تجب الدية كاملةً اتفاقاً ، فتوًى وروايةً.

وأمّا ما يقال في الجواب : من أنّ الآية حكاية عن التوراة فلا يلزمنا ، فمدفوع بإقرارها في شرعنا اتفاقاً ، فتوًى ونصّاً ، مع أنّ الأصل بقاء ما كان ، فتأمّل جدّاً.

ثم إنّ إطلاق العبارة ونحوها يقتضي عدم الفرق في الحكم على الجاني بردّ نصف الدية على الأعور إن قلنا به بين كون عورة خلقةً أو بآفة أو غيرهما ، وخصّه جماعة بالأوّلين ، وتحقيق الكلام فيه يأتي إن شاء الله تعالى.

( وسنّ الصبي ) إذا جني عليها عمداً ( ينتظر به ) مدّة جرت العادة بالنبات فيها ، وفي كتب الفاضل سنة (١) ، واستغربه جماعة ومنهم الشهيد رحمه‌الله قال : فإنّي لم أقف عليه في كتب أحد من الأصحاب مع كثرة تصفّحي لها ، ككتب الشيخين وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس وابني سعيد وغيرهم من القائلين بالأرش مع العود ، وابن الجنيد ومن تبعه من القائلين بالبعير مطلقاً ، ولا في رواياتهم ، ولا سمعته من الفضلاء الذين لقيتهم ، بل الجميع أطلقوا الانتظار بها ، أو قيّدوه (٢) بنبات بقية أسنانه بعد سقوطها ، وهو الوجه ؛ لأنّه ربما قلع سنّ ابن أربع سنين ، والعادة قاضية بأنّها لا تنبت إلاّ بعد مدّة تزيد على السنة قطعاً ، وإنّما هذا شي‌ء اختصّ به المصنف قدّس الله روحه فيما علمته في جميع كتبه التي وقفت عليها ،

__________________

(١) انظر القواعد ٢ : ٣٢٧ ، التحرير ٢ : ٢٦٠ ، التبصرة : ٢٠٩ ، الإرشاد ٢ : ٢٠٧.

(٢) في النسخ : قيّد ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.

٣٣٤

حتى أنّه في التحرير علّله بأنّه الغالب ، ولا أعلم وجه ما قاله ، وهو أعلم بما قال.

نعم في رواية أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « السنّ إذا ضربت انتظر بها سنة ، فإن وقعت اغرم الغارم (١) خمسمائة درهم ، وإن لم تقع واسودّت أُغرم ثلثي الدية » (٢) وهذه وإن كانت صحيحة إلاّ أنّها لا تدل على المطلوب ؛ إذ موضوعها سنّ ضربت ولم تسقط ، قال : ويمكن أن يعتذر له بأنّ المراد به إذا قلعها في وقت تسقط أسنانه فيه ، فإنّه ينتظر سنة ، ولا ريب أنّ هذا إذ ذاك غالب (٣) ، انتهى ما ذكره.

ولنعم ما أفاده ، إلاّ أنّ ما ذكره كباقي الجماعة من أنّهم لم يجدوا ذلك في كتب أحد من الأصحاب غريب ، فقد ذكره الماتن في الشرائع (٤) أيضاً ، اللهم إلاّ أن يكون قرؤوه « سنّة » بتشديد النون وإضافة الظاهر إلى المضمر ، كما احتمل في عبارة الفاضل أيضاً ، لكنّه بالنسبة إلى عبارته في الإرشاد (٥) في غاية البُعد ، بل لا تقبله كما لا يخفى على من راجعه ، وكذا التعليل السابق المحكي عن التحرير (٦).

وكيف كان ( فإن عادت ففيها الأرش ) والحكومة ، وهي التفاوت لو‌

__________________

(١) كذا ، وفي المصادر : الضارب.

(٢) الكافي ٧ : ٣٣٤ / ٩ ، الفقيه ٤ : ١٠٢ / ٣٤٦ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٥ / ١٠٠٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٠ / ١٠٩٥ ، الوسائل ٢٩ : ٢٩٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٨ ح ٤.

(٣) غاية المراد ٤ : ٣٧٩ ، ٣٨٠.

(٤) الشرائع ٤ : ٢٣٧.

(٥) الإرشاد ٢ : ٢٠٧.

(٦) التحرير ٢ : ٢٦٠.

٣٣٥

كان عبداً بين قيمته لو لم تسقط سنّه تلك المدّة وقيمته وقد سقطت فيها ، وفاقاً للمشهور على الظاهر ، المصرّح به في المسالك (١) ، بل عليه الإجماع عن الخلاف وفي السرائر (٢) ، وهو الحجّة.

مضافاً إلى المرسلة كالصحيحة : في سنّ الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت ، قال : « ليس عليه قصاص ، وعليه الأرش » (٣).

( وإلاّ ) تعد وحصل اليأس من عودها ولو بإخبار أهل الخبرة لـ ( كان فيها القصاص ) كما نصّ به جماعة (٤) ؛ لعموم الأدلة ؛ فإنّه قلع السنّ الحاصلة في الحال وأفسد المَنبِت فيقابل بمثله.

وحكي في المسالك (٥) قول بالعدم ؛ لأنّ سنّ الصبي فضلة في الأصل نازلة منزلة الشعر الذي ينبت مرّة بعد اخرى ، وسنّ البالغ أصلية فلا يكون مماثلة لها.

وذهب جماعة (٦) إلى أنّ في سنّ الصبي بعير مطلقا من غير تفصيل إلى العود وعدمه ؛ للخبرين : « إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قضى في سنّ الصبي قبل أن يثغر بعيراً في كل سنّ » (٧).

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٨٥.

(٢) الخلاف ٥ : ٢٤٤ ، السرائر ٣ : ٣٨٦.

(٣) الكافي ٧ : ٣٢٠ / ٨ ، الفقيه ٤ : ١٠٢ / ٣٤٣ ، التهذيب ١٠ : ٢٦٠ / ١٠٢٥ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٧ أبواب قصاص الطرف ب ١٤ ح ٢.

(٤) المسالك ٢ : ٣٨٥.

(٥) منهم الشيخ في المبسوط ٧ : ٩٧ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٤ : ٤٥٧.

(٦) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ٤٤٨ ، والعلاّمة في المختلف : ٨٠٦ وقد حكاه فيه عن الإسكافي.

(٧) أحدهما في : الكافي ٧ : ٣٣٤ / ١٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٦ / ١٠١٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٩٩ ، ٣٣٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٨ ح ٦ ، وب ٣٣ ح ٢.

والآخر في : التهذيب ١٠ : ٢٦١ / ١٠٣٣ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٨ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٣ ح ٣.

٣٣٦

وقصور سندهما بل ضعف أحدهما جدّاً يمنع عن العمل بهما ، سيّما في مقابلة ما مضى ، وإن نسبه (١) في المبسوط إلى أصحابنا (٢) ، وفي المختلف إلى أكثرهم (٣) ، مشعرين بدعوى الإجماع والشهرة عليهما ؛ لوهنها ، مع عدم صراحتها بل ولا ظهورها فيهما ، ومعارضتها بمثلها بل وأقوى منهما.

وعن الإسكافي (٤) قول ثالث مفصّل بين عودها فالبعير ، وعدمه واليأس منها فالدية ، ولم أعرف مستنده ، سيّما في مقابل ما تقدم من الأدلّة.

ثم إنّ هذا كلّه في سنّ الصبي قبل أن يثغر ، أمّا إذا ثغر أي سقطت أسنان اللبن منه ونبتت ثم جنى عليها بعد ذلك فلها أحوال :

منها : أن لا تعود أبداً بحيث حصل اليأس منها عادةً ، فيثبت بدلها إمّا القصاص أو الدية ، لكن لا يعجل بهما ، بل إن قضى أهل الخبرة بعودها في مدّة أُخِّر إلى انقضائها إن قلنا بعدم القصاص والدية مع عودها مطلقاً ، بل الأرش خاصّة ، وإلاّ جاز التعجيل بهما كذلك.

ومنها : أن تعود ناقصةً أو متغيّرةً ، فيثبت الأرش ، وكذا لو عادت تامّةً ، وقيل (٥) : لا أرش ولا دية هنا ؛ لأنّ ما عاد قائم مقام الأوّل ، فكأنّه‌

__________________

(١) في « ن » : نسبها.

(٢) المبسوط ٧ : ١٣٨.

(٣) المختلف : ٨٠٦.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٨٠٦.

(٥) قال في المهذّب ٢ : ٤٨٣ : وإن رجعت كما كانت سالمة من التغيّر والنقصان لم يكن فيها قصاص ولا دية.

٣٣٧

لم يفت ، وصار كما لو عاد السنّ غير المثغر.

والأظهر وفاقاً للفاضلين وغيرهما (١) ثبوته ؛ لأنّه نقص دخل على المجني عليه بسبب الجاني فلا يهدر ؛ للحديث (٢) ؛ ولزوم الظلم ، وعود السنّ نافى القصاص والدية ، لا أرش النقص.

قيل (٣) : وفي المسألة وجه ثالث بعدم سقوط القصاص مطلقا ؛ لأنّه لم تجر العادة بنبات سنّ الثغر ، وما اتفق نعمة وهبة جديدة من الله سبحانه ، فلا يسقط ما على الجاني استحقه.

( ولو جنى ) على العين ( بما أذهب النظر ) والبصر منها خاصّة ( مع سلامة الحدقة اقتصّ منه ) أي من الجاني بما يمكن معه المماثلة بإذهاب البصر وإبقاء الحدقة.

قيل (٤) : بذرّ كافور ونحوه ، أو ( بأن يوضع على أجفانه القطن المبلول ) حذراً من الجناية عليها ( ويفتح العين ويقابل بمرآة محماة ) بالنار ( مقابلة للشمس حتى يذهب النظر ) كما فعله مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام على ما دلّ عليه بعض النصوص (٥).

وهو مع ضعف سنده ليس فيه ما يومئ إلى تعيّنه بعد احتمال كونه أحد أفراد الواجب التخييري ، فما يظهر من العبارة هنا وفي التحرير‌

__________________

(١) الشرائع ٤ : ٢٣٧ ، المختلف : ٨٠٦ ، المسالك ٢ : ٤٨٥.

(٢) الكافي ٧ : ٣٢٠ / ٨ ، الفقيه ٤ : ١٠٢ / ٣٤٣ ، التهذيب ١٠ : ٢٦٠ / ١٠٢٥ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٧ أبواب قصاص الطرف ب ١٤ ح ٢.

(٣) المسالك ٢ : ٤٨٦.

(٤) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٧٦.

(٥) الكافي ٧ : ٣١٩ / ١ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٦ / ١٠٨١ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٣ أبواب قصاص الطرف ب ١١ ح ١.

٣٣٨

والقواعد (١) من تعيّنه لا وجه له ، ولذا نسبه الماتن في الشرائع والشهيد في اللمعة (٢) إلى القيل المشعر بالتمريض ، وهو حسن.

لكن في الروضة (٣) أنّ القول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب.

ووجهه غير واضح ، ولا ريب أنّ الاستيفاء على هذا الوجه أحوط ، وإن كان تعيّنه محل بحث.

ثم إنّ ظاهر العبارة وغيرها مواجهة الجاني للمرآة المواجهة للشمس لا لها نفسها ، والظاهر من الرواية غيره وأن النظر في المرآة بعد استقبال العين بالشمس ، فإنّ متنها هكذا :

« دعا علي عليه‌السلام بمرآة محماة (٤) ثم دعا بكرسف فبلّه ، ثم جعله على أشفار عينيه على حواليها ، ثم استقبل بعينه عين الشمس » قال : « وجاء بالمرآة ، فقال : انظر ، فنظر فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة وذهب البصر » (٥).

( ولو قطع ) شخص ( كفّاً مقطوعة الأصابع ، ففي رواية : يقطع ) المقطوع ( كفّ القاطع ويردّ عليه ) أي على القاطع ( دية الأصابع ).

وعمل بها الشيخ والقاضي والفاضل في الإرشاد والقواعد‌

__________________

(١) التحرير ٢ : ٢٥٩ ، القواعد ٢ : ٣٠٧.

(٢) الشرائع ٤ : ٢٣٦ ، اللمعة ( الروضة البهية ١٠ ) : ٨٣.

(٣) الروضة ١٠ : ٨٤.

(٤) كذا ، وفي المصادر : فحماها.

(٥) الكافي ٧ : ٣١٩ / ١ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٦ / ١٠٨١ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٣ أبواب قصاص الطرف ب ١١ ح ١.

٣٣٩

والتحرير (١) ، ونسبه في المسالك (٢) إلى أتباع الشيخ ، بل زاد فنسبه كالشهيد في النكت (٣) إلى الأكثر ، فإن صحّت شهرة جابرة ، وإلاّ فالرواية ضعيفة.

وقال الحلّي : إنّها مخالفة لأُصول المذهب ؛ إذ لا خلاف بيننا أنّه لا يقتصّ العضو الكامل للناقص ، قال : والأولى الحكومة في ذلك وترك القصاص وأخذ الأرش فيه (٤).

وظاهر المتن وغيره وصريح المختلف (٥) التوقف فيه ، ولا يخلو عن وجه ، وإن كان القول الأوّل لعلّه أوجه ، والثاني أحوط.

( ولا ) يجوز أن ( يقتصّ عمّن لجأ إلى الحرم ، و ) لكن ( يضيّق عليه في المأكل والمشرب حتى يخرج ثم يقتصّ منه ) بلا خلاف أجده ، ونفاه صريحاً في المسالك (٦) ، بل عليه الإجماع عن الخلاف وفي التنقيح (٧) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى عمومات الأمن لمن دخله من الآية (٨) والرواية ، ففي الصحيح : الرجل يجني في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم ، قال : « لا يقام عليه الحدّ ولا يطعَم ولا يسقى ولا يكلَّم ولا يبايَع ، فإنّه إذا فعل به ذلك يوشك أن يخرج فيقام عليه الحدّ ، وإن جنى في الحرم جنايةً أُقيم عليه‌

__________________

(١) النهاية : ٧٧٤ ، حكاه عن القاضي في المختلف : ٨١٠ ، الإرشاد ٢ : ١٩٩ ، القواعد ٢ : ٣٠٢ ، التحرير ٢ : ٢٥٦.

(٢) المسالك ٢ : ٤٨٢.

(٣) غاية المراد ٤ : ٣٣٢.

(٤) السرائر ٣ : ٤٠٤.

(٥) انظر المهذّب البارع ٥ : ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، المختلف : ٨١٠.

(٦) المسالك ٢ : ٤٩٠.

(٧) الخلاف ٥ : ٢٢٤ ، التنقيح ٤ : ٤٦٠.

(٨) آل عمران : ٩٧.

٣٤٠