إلا بعناية توسيط المصلّي نفسه ، حيث إنّ اللباس الذي هو شرط في الصلاة ولو في الجملة لمّا كان محيطاً بالمصلّي بوصفه العنواني فكأنّ الصلاة أيضاً بنفسها وقعت فيه ، وإلا فمع الغضّ عن هذا التوسيط لا مصحح لإطلاق الظرفية ، إذ لا علاقة ولا ارتباط بينهما بوجه. فالإسناد أولاً وبالذات إلى المصلّي وبعنايته يسند إلى الصلاة تجوزاً وتوسعاً في الإطلاق. ونتيجة ذلك أنّ مركز التقييد هو المصلّي نفسه ، كما هو مفاد موثقة سماعة ومآل موثقة ابن بكير حسبما عرفت.
هذا تمام الكلام في الأُمور التي ينبغي تقديمها أمام المقصود. وحيث أحطت بها خبراً فهذا أوان الخوض فيه والبحث عن أصل المسألة فنقول والعون منه مأمول :
يقع الكلام تارة بالنظر إلى الأدلّة الاجتهادية ، وأُخرى فيما تقتضيه الأُصول العملية بعد فقد تلك الأدلّة ، فهنا مقامان :
أمّا المقام الأول : فقد استدلّ لجواز الصلاة في اللباس المشكوك بوجوه :
أحدها : ما عن المحقق القمي من انصراف النصوص المانعة عن الصلاة فيما لا يؤكل إلى صورة العلم ، فالمشكوك غير مشمول للدليل من أصله. ومقتضى ذلك صحة الصلاة الواقعة فيه حتى واقعاً ، إذ الإحراز جزء من موضوع الفساد ، وهو منفي على الفرض ، فلا مجال للقول بأنّ المانع موجود غير أنّ المصلي جاهل به.
ومن ثم بنى قدسسره في أجوبة مسائله على أنّ صحة الصلاة في المشكوك صحة واقعية (١).
وفيه : أنّ هذه الدعوى مع أنّه لا قائل بها دون إثباتها خرط القتاد ضرورة أنّ الألفاظ موضوعة لمعانيها الواقعية دون المعلومة المحرزة. فالانصراف المدعى في المقام مما لا أساس له بتاتاً.
__________________
(١) جامع الشتات ٢ : ٧٧٦ السطر ٢٦.