نعتمد عليه في المنع عن جريان أصالة الحلّ ، فانّ ما يترتب على هذا الأصل هو الحلية الفعلية ، والموضوع في المقام هو الحلية الذاتية ، فلا تصلح أصالة الحلّ لإثبات موضوع الجواز ، وهكذا في جانب الحرمة.
وعليه فلو عثرنا على حيوان شك في تذكيته من دون أي أمارة عليها فمقتضى أصالة عدم التذكية وإن كان هو عدم جواز أكل لحمه إلا أنّه لا يترتب عليها عدم جواز الصلاة في أجزائه ، إذ لا تثبت بالأصل المزبور الحرمة الطبعية الشأنية الّتي هي الموضوع لعدم الجواز ، إلاّ إذا كانت تلك الحرمة أو الحلية مجرى للأصل كما لو شك في الاستبراء من الجلل أو في أصل عروضه حسبما عرفت.
الوجه الثاني : التمسك بأصالة الطهارة بتقريب : أنّه لو تردد اللباس بين اتخاذه من حيوان طاهر مأكول اللحم كالغنم ، أو نجس غير مأكول كالكلب كان مقتضى أصالة الطهارة جواز الصلاة فيه ، فاذا جاز ثمّة جاز في بقية الشبهات بعدم القول بالفصل.
ويندفع : بأنّ أصالة الطهارة لا يترتب عليها إلا آثار الطهارة وأحكامها ومن البيّن أنّ جواز الصلاة لم يكن أثراً للطهارة بمجردها ، بل شريطة عدم كون اللباس مما لا يؤكل ، بشهادة عدم الجواز في وبر الأرانب مثلاً مع أنّه طاهر ، نعم طهارة اللباس في مفروض المثال ملازم لكونه مأخوذاً من المأكول ، إلا أنّ ذلك من اللوازم العقلية التي لا تكاد تثبت حتى بالأُصول المحرزة فضلاً عن غيرها كأصالة الطهارة.
على أنّا لو سلّمنا حجية الأُصول المثبتة فغايته جواز الصلاة في خصوص المثال ، لإحراز كونه من المأكول بالتعبد الشرعي ، فما هو الموجب للتعدي إلى ما لا تعبد فيه بعد ثبوت الفارق الظاهر المانع عن التمسك بعدم القول بالفصل كما لا يخفى.
الوجه الثالث : استصحاب الإباحة الثابتة قبل البلوغ ، بدعوى جواز أكل لحم كافة الحيوانات محلّلها ومحرّمها قبل وضع قلم التكليف ، وبعد البلوغ