وببالي أنّه قدسسره حكم بنجاسة بول الجلال أخذاً بإطلاق قوله عليهالسلام : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١) الشامل للعنوان الأصلي والعرضي. فتسليم التعميم هناك دون المقام مع أنّ الموضوع فيهما شيء واحد وهو عنوان ما لا يؤكل ، الذي رتّب عليه نجاسة البول وعدم جواز الصلاة فيه غير ظاهر الوجه.
الجهة الثامنة : ذكر بعضهم أنّه يختلف جريان الأُصول باختلاف كيفية اعتبار المانعية من حيث تعلّقها بالصلاة أو اللباس أو المصلي.
فإن كانت معتبرة في الصلاة نفسها ، بأن اعتبر فيها أن لا تقع في غير المأكول من دون إضافة إلى المصلّي أو اللباس ، فينبغي حينئذ التفصيل بين ما لو كان المشكوك فيه مصاحباً مع المصلّي عند مفتتح الصلاة ، وما لو طرأ عليه في الأثناء. فيحكم بالصحة في الثاني ، للشك في عروض المانع بعد أن كانت الصلاة خالية عنه ، فتستصحب الصحة ويدفع المانع المشكوك حدوثه بالأصل. وبالبطلان في الأول ، لعدم الحالة السابقة ، إذ الصلاة من أوّل حدوثها يشك في صحتها وفسادها ، لاحتمال اقترانها بالمانع من أول الأمر ، فيحكم بالبطلان لقاعدة الاشتغال.
وإن كانت معتبرة في اللباس فهي محكومة بالفساد في كلتا الصورتين ، إذ لا أصل يتضح به حال اللباس من حيث اتخاذه من محلّل الأكل أو محرّمة ، بل هو من حين وجوده يشك في اتصافه بكونه جزءاً لما يؤكل أو ما لا يؤكل ، فسواء طرأ لبسه أثناء الصلاة أم لبسه قبل الشروع فيها يحتمل اقتران الصلاة بالمانع من دون أن يكون له أصل دافع.
وإن كانت معتبرة في المصلي يحكم بصحة الصلاة حينئذ على التقديرين ، إذ المصلي قبل أن يلبس المشكوك لم يكن لابساً لما لا يؤكل يقيناً فيستصحب عدمه إلى ما بعد اللبس ، وبه يحرز انتفاء المانع المستلزم لصحة الصلاة.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.