التفصيل بالأمن من الناظر وعدمه إناطة الحكم بنفس الأمن ، فمعه يجب القيام وإن اتّفقت الرؤية خارجاً أثناء الصلاة ، ومع عدمه يجب الجلوس وإن لم يتّفق. وهذا كما ترى لا ينطبق على ما هو المتراءى من ظاهر الأخبار من دوران الحكم مدار نفس الرؤية الخارجية ، التي لازمها بطلان الصلاة قائماً معها حتى لو كان آمناً ، وصحّتها مع عدمها وإن لم يأمن كما لو صلّى في الشارع العام واتّفق عدم الرؤية.
ويمكن أن يقال : إنّ العمدة من الأخبار هي صحيحة عبد الله بن مسكان كما عرفت ، والمذكور فيها قوله : « إذا كان حيث لا يراه أحد » والظاهر من كلمة « حيث » معرضية المكان للرؤية وشأنيته لها ، وكونه بحيث يصلح لأن يراه أحد ، دون نفس الرؤية بوجودها الواقعي ، فتنطبق حينئذ على الأمن المذكور في عبارة الأصحاب ، بل عبارتهم تفسير للمعنى ونقل لمضمون الصحيحة ، بل وغيرها كما لا يخفى.
الثاني : مقتضى إطلاق الأخبار عدم خصوصية للناظر ، فيعتبر الأمن عن رؤية كلّ أحد ، لكن القرينة القطعيّة الارتكازيّة تشهد بأنّ المراد الناظر المحترم الذي يجب التستّر عنه كما عبّر به في كلمات الأصحاب ، فلا عبرة بنظر الصبي الذي هو كالحيوان ، إذ لا حرمة له ، ولا الزوجة أو الأمة ، لعدم وجوب التستّر [ عنهما ].
المقام الثاني : في وجوب الركوع والسجود أو الإيماء إليهما.
أمّا في حالة الجلوس فالظاهر عدم الخلاف بين الأصحاب في وجوب الإيماء لغير المأموم ، كما تقتضيه النصوص التي منها صحيحة زرارة المتقدّمة (١).
وأمّا في حالة القيام فالمشهور المعروف هو وجوب الإيماء أيضاً ، لكن عن
__________________
(١) في ص ٣٩٧.