أو الفقر الذي هو عبارة عن الاتصاف بعدم العلم أو بعدم الغنى لا مجرد العدم ، وغير ذلك من سائر موارد الأعدام والملكات.
الجهة الثانية : لا ريب أنّ المفاهيم المأخوذة في لسان الدليل موضوعاً للحكم أو متعلقاً له لا يراد بها المفهوم من حيث إنّه مفهوم ، بل بما أنّه معرّف للوجودات الخاصة ومشير إلى الأفراد الخارجية ، من دون فرق في ذلك بين الجمل الإنشائية كقول : يجب الحج على المستطيع ، أو أكرم العالم ، أو الخبرية كقولنا : كلّ زوج ينقسم إلى متساويين ، ونحو ذلك. فانّ المفهوم بما هو كذلك غير قابل للحكم عليه [ إلاّ ] بماله تعلّق بالوجود الخارجي كما هو ظاهر.
وعليه فامّا أن يؤخذ المفهوم في مقام الثبوت على نحو يسري إلى جميع الأفراد وبنحو الطبيعة السارية ، مع إلغاء كلّ خصوصية يمكن انقسام الطبيعة بلحاظها إلى قسمين ككون العالم فاسقاً أو عادلاً ، والمستطيع حراً أو عبداً ونحو ذلك من المشخّصات الفردية ، فيجعل الحكم حينئذ على سبيل الإطلاق. أو يؤخذ المفهوم معرّفاً إلى حصة خاصة وصنف مخصوص ، فتلاحظ الطبيعة على نحو تسري إلى بعض الأفراد دون بعض ، فلا بدّ من التقييد حينئذ وجعل الحكم على نحو لا ينطبق إلا على خصوص ذلك البعض.
وبالجملة : فالحكم المجعول في مقام الثبوت لا يخلو عن أحد هذين القسمين ، فامّا أن يكون الموضوع فيه مطلقاً أو مقيداً بصنف خاص وعنوان مخصوص ، ولا ثالث لهما ، لوضوح استحالة الإهمال في الواقعيات ، ضرورة أنّ المولى الحكيم والحاكم الملتفت إلى الجهات التي لا تخفى عليه إمّا أن يرى دخل خصوصية في موضوع حكمه أو يرى عدم الدخل ، ويستحيل في حقه الشك والجهل. فعلى الأول لا بدّ من التقييد ، وعلى الثاني لا مناص من الإطلاق.
نعم ، في مقام الإثبات قد لا يرى مصلحة في البيان ، أو يرى مفسدة فيه فيظهر الحكم مهملاً من دون تعرّض لأحد النحوين ، وهذا لا مانع منه كما لا يخفى. فبينهما واسطة هو الإهمال في مقام الإثبات دون الثبوت. ومن هنا ذكرنا