كما لو صلّى فيه ركعة ثمّ اتفق نزعها في الركعة الثانية ثم حدث الانكشاف في الركعة الثالثة مثلاً ، فإنّ القاعدة جارية حينئذ ، إذ حين اللبس كان جاهلاً معذوراً على الفرض فتشمله القاعدة بلحاظ ذلك الجزء ، وعند الانكشاف لم يكن لابساً له. فجواز الصلاة مع المشكوك كان ظاهرياً ، وبعده تبدل إلى الواقعي ببركة الحديث.
نعم ، إذا كان لابساً له حال الانكشاف لم تنفع القاعدة حينئذ ، فإنّها وإن جرت بالإضافة إلى الأجزاء السابقة لكنها لا تنفع بالنسبة إلى اللاحقة التي منها آن الانكشاف ، المعتبر فيه الخلو عما لا يؤكل كبقية الآنات الصلاتية ، لعدم تكفّل الحديث إلا لتصحيح العمل السابق وترميم الخلل الواقع فيه ، دون ما لم يأت به بعدُ من الأجزاء اللاحقة كما هو ظاهر جدّاً ، ففي مثله يكون الجواز ظاهرياً بحتاً فيحكم بالبطلان عند انكشاف الخلاف.
والمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ كون الجواز ظاهرياً أم واقعياً يدور مدار جريان حديث لا تعاد وعدمه ، وقد عرفت جريانه في بعض الصور ، فيتبدّل فيه الجواز الظاهري إلى الواقعي ، وهو ما إذا كان الانكشاف بعد الفراغ عن الصلاة أو في الأثناء لكن بعد النزع ، فيحكم بالصحة. وأمّا إذا كان الانكشاف قبله فلا تبدّل ولا انقلاب ، بل الجواز ظاهري بحت يرتفع بقاءً لدى الانكشاف فيحكم بالبطلان ووجوب الإعادة.
الجهة الثالثة : قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أنّه لا بدّ على كلا القولين من الشرطية أو المانعية من إحراز الصحة عند الشروع في الصلاة ، وأنّ اللباس ليس من غير المأكول ، إمّا بأمارة أو بأصل ، لحكم العقل بلزوم إحراز الشرط أو انتفاء المانع في مقام الامتثال ، فالصحة الظاهرية لا بدّ من إحرازها على كل حال ، وإلا فالعمل بدونه محكوم بالبطلان بقاعدة الاشتغال.
وما يقال من اختصاص ذلك بالقول بالشرطية للزوم إحراز الشرط بلا إشكال ، دون المانعية فإنّ مجرد الشك في وجود المانع كافٍ في الحكم بعدمه بقاعدة المقتضي والمانع ، بعيد عن الصواب.