ذكرنا أنّ شرط الواجب أو المانع عنه لا بدّ وأن يكون فعلاً اختيارياً للمكلّف كي يمكن أخذ التقييد به في الواجب.
ومن الواضح أنّ اتصاف اللباس أو المحمول بكونه مأخوذاً من المأكول أو من غيره أمر واقعي خارج عن اختيار المكلّف ، إذ ليس هو فعلاً من أفعاله بل صفة خارجية قائمة بالغير تابعة لأسبابها ، فلا يعقل تعلق التكليف به وجوداً أو عدماً حتى يكون قيداً في المأمور به.
وما يتراءى في كلمات الفقهاء من إطلاق الشرط عليه فيقال إنّ من شرائط اللباس أن لا يكون من غير المأكول فهو مسامحة في التعبير ، حيث أُسند ما هو شرط في الصلاة أو المصلي إلى اللباس لما بينهما من نوع من الملازمة كما لا يخفى.
وعليه فالأمر دائر بين أن يكون التقييد معتبراً في ناحية الصلاة أو المصلي دون اللباس. فالمحتملات ثنائية لا ثلاثية.
وحينئذ نقول : ظاهر قوله عليهالسلام في موثق سماعة : « ولا تلبسوا منها شيئاً تصلّون فيه » (١) اعتبار القيدية في ناحية المصلّي ، حيث تعلّق النهي المنتزع منه المانعية به ، وليس بإزائه ما ينافي هذا الظهور سوى قوله عليهالسلام في موثق ابن بكير : « فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكلّ شيء منه فاسدة ، لا تقبل تلك الصلاة ... » إلخ (٢) فإنّها ظاهرة في الجملة في اعتبار القيد في ناحية الصلاة نفسها ، من جهة إسناد الفساد إليها.
لكن دقيق النظر يقضي بعدم المنافاة ، وأنّ هذه أيضاً ظاهرة في رجوع القيد إلى المصلّي كما في موثقة سماعة ، نظراً إلى أن لبس ما لا يؤكل فعل من أفعال المكلف كنفس الصلاة ، ولا معنى لأن يكون أحد الفعلين ظرفاً للفعل الآخر سواء أُريد به ظرف الزمان أو المكان ، فلا معنى لكون لبس الوبر ظرفاً للصلاة
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٥٣ / أبواب لباس المصلي ب ٥ ح ٣.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢ ح ١.