بل المانع إنّما هي المعارضة ، ولا تعارض في المقام ، لعدم جريان الأصل في ناحية الأقل ، إذ الذي يكون طرفاً للعلم الإجمالي هو الأقل لا بشرط كما عرفت وهو يتضمّن التوسعة والإطلاق من حيث الانضمام مع الأكثر وعدمه ورفع مثله مخالف للامتنان ، فلا يكون مشمولاً لحديث الرفع المبني على الامتنان. كما لا يكون مشمولاً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لتماميّة البيان بالنسبة إليه كما هو واضح.
وأمّا وجوب الأكثر فحيث إنّه يتضمن الضيق وفيه كلفة زائدة ، ولم يتم البيان بالنسبة إليه فهو مجرى لأصل البراءة الشرعية والعقلية من دون معارض.
الرابع : قد عرفت أنّ الشك إن كان راجعاً إلى مقام الجعل وفي أصل ثبوت التكليف فهو مورد لأصل البراءة ، كما أنّه إن رجع إلى مقام الامتثال فهو مورد لقاعدة الاشتغال.
وأمّا إذا رجع إلى مقام الانطباق فشكّ في صدق عنوان المأمور به على الموجود الخارجي فهل هو مجرى للبراءة أو الاشتغال؟ لم أرَ من تعرض للمسألة مستقصى.
وتوضيح الحال أن يقال : إنّ صور المسألة ست ، فانّ الفعل الاختياري الذي تعلّق به التكليف إمّا أن يكون له متعلق كذات الخمر بالإضافة إلى شربه المحرّم ، وكذات العقد بالنسبة إلى الوفاء به ، ويعبّر عنه بالموضوع أو بمتعلّق المتعلّق. وإمّا أن لا يكون له تعلّق بشيء آخر كالتكلم أو الذكر أو الدعاء أو القراءة ونحوها مما لا تضاف إلى شيء آخر ، وقد تعلق بها أحكام إلزامية. وعلى الثاني : فامّا أن يكون التكليف وجوبياً أو تحريماً. وعلى الأول : فامّا أن يكون الموضوع أمراً جزئياً شخصياً أو يكون كلّياً. والطبيعة الكلّية إما أن تؤخذ بنحو صرف الوجود وعلى سبيل البدل ، أو بنحو الطبيعة السارية. والسريان إمّا أن يكون بنحو العموم الاستغراقي أو المجموعي. فهذه أقسام ستة.