إذا عرفت هذه الأُمور فنقول : لا شبهة أنّ الموضوع في مسألتنا هذه لم يكن شخصياً ، وإنّما هو كلّي ، وهو عدم كون اللباس من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، كما لا شبهة في عدم كونه ملحوظاً على سبيل صرف الوجود ، لعدم تصوّره في الأحكام التحريمية كما عرفت ، فيدور الأمر بين كونه ملحوظاً على سبيل الانحلال والاستغراق أو على سبيل العموم المجموعي لتمام الأفراد ، وحيث لا يحتمل الثاني في المقام ، إذ مضافاً إلى امتناع إحصائها تبطل الصلاة في بعضها بالضرورة ، فلا جرم يتعيّن الأوّل ، فلكلّ فرد من أفراد ما لا يؤكل نهي يخصه. إذن فكلّ ما أُحرز فيه الصدق وأنّه مما لا يؤكل فهو منهيّ عنه ، وكلّ ما شك في الصدق فقد شك في تعلّق النهي به فيرجع إلى أصالة البراءة حسبما سبق.
هذا إذا أُخذ بظاهر النهي وقلنا بأنّ المستفاد منه الزجر عن لبس ما لا يؤكل ، وأمّا لو أنكرنا ذلك ، نظراً إلى أنّه لا مقتضي للزجر الحقيقي والنهي المولوي ، إذ لا يحتمل أن تكون الصلاة فيما لا يؤكل ذات مفسدة في نفسها تستتبع التحريم النفسي إلا بعنوان التشريع وهو أمر آخر خارج عن نطاق البحث ، وما نحن بصدده فلا جرم يكون النهي في أمثال هذه المقامات من المركّبات الاعتبارية إرشاداً إلى الفساد والمانعية ، كما أنّ الأمر إرشاد إلى الجزئية أو الشرطية.
ونتيجة ذلك تقيّد الصلاة بعدم الوقوع في شيء من أفراد ما لا يؤكل فكانت مقيّدة بهذه الأعدام الخاصة ، كما أنّها مقيّدة بوجودات كذلك ، والكلّ متعلّق للتكليف الغيري الضمني ، إذن فكلّ فرد أُحرز أنّه مما لا يؤكل فقد علمنا بتقيّد الصلاة بعدم الوقوع فيه ، وكلّ ما شك فيه فقد شك في تقييد زائد مدفوع بأصالة البراءة على ما هو الشأن من الرجوع إليها في الأقل والأكثر الارتباطيين.
ولكن هذا كلّه مبني على ما هو الصواب من اعتبار نفس هذه الإعدام في الصلاة ، أعني القول بالمانعية.