ونحن الآن لسنا بصدد التعرّض لهذه التفريعات ، إذ سيجيء البحث حولها عند التكلم فيما تقتضيه الأُصول العملية إن شاء الله تعالى (١). وإنّما المهم في المقام تحقيق الصغرى وأنّ المستفاد من الأدلّة أيّ من المحتملات الثلاثة المتقدمة فنقول :
لا ريب أنّ الشرطية أو المانعية إنّما تنتزعان من اعتبار تقيّد الواجب بشيء وجوداً أو عدماً ، فاعتبار القيدية لا بدّ وأن تلاحظ بالإضافة إلى ذات المأمور به ، ولا يكاد يكون شيء شرطاً في شيء أو مانعاً عنه إلا بعد أخذه في الواجب نفسه ، وإلا فاعتباره في شيء آخر خارج عن حريم المأمور به لا يستوجب الانتزاع المزبور بالضرورة. وعليه فالتقييد الاعتباري لا مناص من أن يكون ملحوظاً بالإضافة إلى نفس الصلاة ، بمعنى أنّ طرف الاعتبار ومتعلقه إنّما هو الصلاة نفسها على جميع التقادير.
والبحث المعقول في المقام إنّما هو في أنّ مركز هذا الاعتبار ومورده هل هو الصلاة نفسها أو اللباس أو المصلي ، وأنّ هذا التقييد المعتبر في الصلاة هل هو بلحاظ نفسها أو أحد الأمرين الآخرين. فهل الصلاة يعتبر فيها أن لا تقع في محرم الأكل أو تقع في غير ما لا يؤكل ، أو أنّ المعتبر فيها أن لا يكون اللباس متخذاً من غير المأكول ، أو أنّ المعتبر فيها أن لا يكون المصلي لابساً أو مصاحباً لجزء مما لا يؤكل. فالنزاع في مركز هذا الاعتبار.
والتحقيق : أنّ احتمال كون القيد ملحوظاً في ناحية اللباس ساقط جزماً ، لما عرفت في مطاوي ما تقدم عند بيان الفرق بين الجزء والشرط (٢) أنّه لا معنى لأخذ شيء قيداً في الواجب وجوداً أو عدماً إلا فيما إذا كان القيد أيضاً متعلّقاً للأمر بتبع الأمر المتعلق بالمركّب ، لكون التقييد به مأخوذاً في الواجب وإن كان ذات القيد خارجاً عنه ، في قبال الجزء الذي هو داخل قيداً وتقيداً. ومن هنا
__________________
(١) في ص ٢٣٩ فما بعدها.
(٢) في ص ٢١٦.