واحدة منذ القدم ، ويظهر هذا التأكيد في خطابه للمسلمين : ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ... ) (١).
والدين واحد في اصوله وفي غاياته وأهدافه وفي وسائله ، متنوع في أدوار المكلّفين بحمله ، فلكلّ مرحلة تاريخية نبيّ خاص وكتاب خاص ينسجم مع أحوال الناس وظروفهم المادية والروحية وطاقاتهم الذاتية ، ولا تناقض بين الكتب المنزلة على الأنبياء ؛ فلكلّ مرحلة كتاب مصدّق للكتاب الأسبق ومكمل له : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأََحْبَارُ ... وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِْنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ... وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ... ) (٢).
والدين في مرحلة بعثة النبي محمّد صلىاللهعليهوآله هو المرحلة الأخيرة من المراحل التي مّرت بها البشرية ، وبها ختمت الرسالة بعد كمالها ، وهو الحلقة الاخيرة من حلقات الدعوة والهداية.
فالإسلام إذن هو العنوان للدين في جميع مراحله ، وقد أخرج القرآن الكريم الديانات المحرّفة من هذا العنوان ، فأصبحت اليهودية عنواناً لمن حرّف التوراة التي انزلت على موسى عليهالسلام ، وأصبحت النصرانية عنواناً لمن حرّف الانجيل الذي نزل على عيسى عليهالسلام ، وكذا الحال في بقية الديانات المحرّفة ،
__________________
(١) سورة الشورى : ٤٢ / ١٣.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٤٤ ، ٤٦ ، ٤٨.