الفصل الثاني
السلم والقتال بين الأصالة والاستثناء
الإسلام دين الرحمة والمسامحة والعفو ، دين التآلف والوئام والتعاون ، دين السلام والأمان ، وهي الاسس الثابتة التي يتعامل بها مع جميع الناس ، وأما كون أحد الأمرين ( القتال ، أو السلم ) أصلاً والآخر فرعاً ، فمختلَف فيه ، فمَن نظر إلى الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والسيرة العملية للمعصومين عليهمالسلام التي تتحدّث عن الحرب ، ربّما حكم بأن الأصل هو القتال ، ومَن نظر إلى ما ورد في القرآن والسنة بشأن السلم والأمان وحقن الدماء حكم بأصالة السلم وطروء القتال نتيجةً لظروف خارجية وداخلية وتحديات خطيرة تمسّ الدين في كيانه ووجوده.
والصحيح انّه لا أصالة لأي منهما ، فلا أصالة للسلم على حساب الحرب ، ولا للحرب على أساس السلم ؛ لأنّ كلاًّ من السلم والحرب أصل في موضوعه وظروفه ، وأصل على طبق المصلحة الإسلامية العاجلة والآجلة المترتّبة عليه ، ففي الظروف التي يمكن للسلم أن يحقّق النتائج الايجابية للإسلام وللمسلمين يكون أصلاً في التعامل ، فإذا انقلب السلم إلى موقف ضعف أو حالة خطر على الإسلام والمسلمين كانت الحرب هي السبيل المشروع لتحقيق الأهداف.