فالناس متساوون في التكليف في الاصول والفروع ، فهم مكلفون بالعقيدة والشريعة على حدٍّ سواء ، وقد جعل الله تعالى هذه الحياة قنطرة للحياة الاُخرى التي يتساوى الناس فيها في محكمة العدل الإلهي فلا يظلم أحد قط ، وكلّ منهم يجد ما عمله أمامه ، وقد خاطب القرآن الكريم الناس جميعاً بذلك : ( يَا أَيُّهَا الإِْنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ ) (١) ، والله تعالى جامع الناس بلا تمييز لليوم الآخر : ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) (٢) ، ( وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (٣) ، ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (٤).
فهم متساوون في ذلك اليوم بلا تمييز لعنصر على عنصر أو جماعة على جماعة ، فالجنة مثوى المؤمنين الصالحين ، والنار مثوى الكافرين والطالحين وان انتسبوا إلى الانبياء بأن كانوا أبناءهم أو بناتهم أو نساءهم ، أو ينتمون إلى لغتهم أو قوميتهم أو عنصرهم.
خلق الله تعالى الناس وهم أحرار في ارادتهم واختيارهم ؛ في الاعتقاد به والالتزام برسالته ، وجعلهم متساويين في حرية الارادة والاختيار ، فالله تعالى منحهم العقول والغرائز ليتوصلوا من خلال الآيات والبينات إلى اتخاذ المنهج
__________________
(١) سورة الانشقاق : ٨٤ / ٦.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٩.
(٣) سورة الجاثية : ٤٥ / ٢٢.
(٤) سورة النجم : ٥٣ / ٣١.