٢ ـ إنّ لفظي الصحيح والفاسد لهما إطلاقان أحدهما بالنسبة إلى المركّبات التكوينيّة وثانيهما بالنسبة إلى المركّبات الاعتباريّة كالمعاملات والعبادات فإذا اطلقا على المركّبات التكوينيّة كان معناهما مشتملين على الوجودين المضادّين لأنّهما حينئذ كيفيّتان وجوديّتان عارضتان للشيء في الوجود الخارجي باعتبار اتّصافه بكيفيّة ملائمة لطبيعة النوعيّة فيقال بطّيخ صحيح بالملاك المذكور كما أنّه إذا اتّصف بكيفيّة منافرة أو بأثر لا يرقب من نوعه يقال بطّيخ فاسد لمرارته أو فساده فالتقابل بينهما تقابل التضادّ.
وإذا اطلقا على المركّبات الاعتباريّة كان معناهما كمعنى التامّ والناقص فالصحيح هو الجامع للأجزاء والشرائط والفاسد هو الذي لا يجتمع فيه الأجزاء والشرائط فالتقابل بينهما تقابل العدم والملكة ألا ترى أنّهم يقولون هذه المعاملة صحيحة وتلك فاسدة مع أنّ المعاملة الفاسدة هي التي لا تجتمع فيه الأجزاء والشرائط ولا يزيد عليه بوجود ضدّ وهكذا يكون الإطلاق في العبادات فإنّ إطلاق الفاسد عليها نوعا من جهة فقدان الأجزاء أو الشرائط لا وجود الأضداد وعليه فلفظي الصحيح والفاسد من الألفاظ المشتركة والشاهد عليه أنّه لا حاجة في استعمالهما في التامّ والناقص إلى ملاحظة العلاقة أو تخيّل وجود المنافر وليس ذلك إلّا لكونهما من الألفاظ المشتركة والمراد من لفظي الصحيح والفاسد في عنوان البحث أعني أنّ ألفاظ العبادات هل هي أسام لخصوص الصحيحة أو الأعمّ منها هو المعنى الثاني.
فالصحّة بمعنى التماميّة ويقابلها الفساد وهو بمعنى عدم التماميّة وتقابلهما تقابل العدم والملكة لا تقابل التضادّ ولا خلاف بين الفقهاء والمتكلّمين وعلماء الأخلاق والنفس في أنّ الصحّة بمعنى التماميّة والفساد بمعنى عدمها وإنّما اختلفوا في ذكر محقّقاتهما ولوازمها وعليه فتفسير الصحّة بإسقاط القضاء كما عن الفقهاء أو بموافقة الشريعة الموجبة لصدق الطاعة واستحقاق الثواب كما عن المتكلّمين أو بالمقرّبيّة أو المعراجيّة