وهذا الحمل ليس كحمل الشىء على نفسه بلا فائدة إذ ربما يشكّ في وحدة المعنى في المترادفات فيرتفع الشكّ بصحّة الحمل وعدم صحّة السلب. هذا بخلاف حمل الشّيء على النفس فإنّه ليس فيه هذه الفائدة كما لا يخفى. وعليه فما ذهب إليه المستشكل من نفى الحمل الذّاتيّ في غير محله.
وثانيا : أنّ قوله : «مع مغايرة موضوع القضيّة مع محمولها أنّ عدم صحّة السلب لا يفيد» ممنوع ، فإنّ صحّة حمل الكلّيّ على الفرد كاشفة عن كون اللفظ حقيقة في المعنى الموجود بوجود الفرد فيلاحظ مثلا معنى الحيوان الخاصّ الموجود بوجود زيد ويحمل عليه لفظ الإنسان بماله من المعنى عرفا وارتكازا فمع وجدان صحّة الحمل وعدم صحّة السلب يكشف عن اتّحاد المعنى الموجود بوجود زيد مع ما للإنسان من المعنى وإلّا فلا. وليس الغرض في مثل «زيد إنسان» أنّ معنى زيد بما هو هو عين معنى الإنسان بل الغرض كما عرفت هو اشتمال لفظ زيد على معنى هو متّحد مع ما للإنسان من المعنى لتقرّر حصّته من ماهيّة الإنسان في مرتبة ذات زيد ففي هذه المرحلة لا يلاحظ إلّا ذلك المعنى المتقرّر في مرتبة ذات زيد لا تمام معناه.
ولذلك قال المحقّق الأصفهانيّ بعد تبيين ما ذكر : وأمّا ملاك صحّة الحمل في مثل زيد إنسان فليس قطع النظر عمّا به زيد يكون زيدا بل زيد بما هو زيد انسان بمعنى أنّ هذين المعنيين موجودان بوجود واحد وهذا الوجود ينسب إلى كليهما بالذات أمّا إلى زيد فواضح وأمّا إلى الإنسان فلما سمعت من تقرّر حصّته في مرتبة ذات زيد وليس ملاك الحمل الشائع إلّا كون النظر في الحمل إلى الاتّحاد في الوجود. (١)
فنفي الفائدة في عدم صحّة السلب ممنوع فإنّه كما عرفت يفيد في حمل الكلّيّ على الفرد استعلام حال الفرد بل ربما يفيد أيضا استعلام حال الكلّيّ فيما إذا كان معناه
__________________
(١) نفس المصدر.