٢ ـ لا حاجة في التمايز بين العلوم إلى ضميمة وحدة الغرض لحصول التمايز بالموضوع وحده بل مع حصول التمايز بالموضوع الكلّيّ الجامع على النحو المذكور فلا يبقى إجمال حتّى يرتفع بالأمر المترتّب على مسائل العلم وأبوابه من الغرض فالتمايز بالموضوع مقدّم رتبة على التمايز بالغرض.
٣ ـ لا مجال لدعوى التمايز بنفس القضايا والمسائل مع تقدّم التمايز بنفس الموضوع الجامع. والاستدلال بأنّ بعض العلوم كعلم الجغرافيا لم يكن في ابتداء الأمر إلّا قضايا قليلة قد تكمّلت بمرور الزمان فلم يكن الموضوع عند المؤسّس المدوّن مشخّصا حتّى يجعل البحث عن أحواله أصدق شاهد إذ العلم بأوضاع الأرض من جبالها ومياهها وبحارها وبلدانها لم يتيسّر إلّا بمجاهدة الرجال قد قام كلّ على تأليف كتاب في أوضاع مملكته الخاصّة به حتّى تمّ العلم ، مندفع بأنّ كلّ علم له موضوع وإن كان قضاياه في أوّل الأمر قليلة ولعلّ موضوع علم الجغرافيا هو أوضاع الأرض من جبالها ومياهها وبحارها وبلدانها ومعادنها ونحوها وإن لم يتمكّن الباحث عن تبيين جميع موارد الموضوع المذكور. وهكذا موضوع علم الفقه هو طبيعة الأفعال التي تتعلّق بها الأحكام الخمسة وكلّ حكم وضعيّ يرجع إلى الأحكام التكليفيّة التي تكون أعراضا لطبيعة الأفعال فمثل اشتغال الذمّة بالضمان يرجع إلى وجوب الأداء وهكذا النجاسات ترجع إلى وجوب الاجتناب عنها.
وبالجملة فمع حصول التمايز بالموضوع الجامع الكلّيّ يرتفع الإجمال فلا يبقى مورد للتمايز بالمسائل أو الأغراض فلا تغفل.
* * *
الجهة الرابعة : في موضوع علم الاصول :
ولا يخفى عليك أنّ مقتضى تعريف علم الاصول بالقواعد الممهّدة لاستنباط