اذا تزاحمه اداء الدين ، فانّ الاوّل اهمّ فى نظر الشارع قطعا ، والدليل على التخيير عند التساوى هو انّ الحكم باخذ احدهما معينا لا بد له من ترجيح ، والّا لكان تحكما وترجيحا بلا مرجح.
والمفروض مساواتهما فى الرجحان وليس هذا التزام تخصيص فى دليل احدهما ، لانّا نعلم قطعا ببقاء اطلاق الامر فيهما معا ، ولكن الّذى يدعونا الى ترك احدهما تخييرا هو تعذّر الامتثال لهما معا ، فكان العقل لما يرى تساويهما فى نظر الشارع والمصلحة الكامنة الموجبة للطلب وراى عدم امكان الجمع بين الامتثالين حكم بمعذورية المكلّف وترك الامتثال باحدهما لا على التعيين ، فخروج احدهما عن تحت الطلب الفعلى انّما هو من جهة وجود المانع الّذى هو تعذّر الامتثال لا فقدان المقتضى ، لانّ المفروض ان كل واحد منهما واجد للمصلحة المقتضية للامر حال المزاحمة ، نحو وجدانهما ايّاها فى غير حال المزاحمة ، وإلّا لخرج المقام عن مقام تعارض الواجبين المفروض وجوبهما معا فى آن واحد.
ففرق اذا بين انّ كون الخروج عن المطلوبية بسبب فقدان المقتضى مثل قوله : «انقذ (١) الغريق الّا زيد الكافر» وبين ان يكون الخروج باعتبار وجود المانع الّذى هو تعذّر الامتثال.
__________________
(١) ـ جاء فى المطبوع فى هذا الموضع هكذا : انقذ الغريق الشامل لزيد وعمر واذا فرض توقف انقاذ احدهما على عدم انقاذ الآخر فان خروج احدهما الكلى من تحت الطلب الفعلى ليس باعتبار فقدان مقتضى الوجوب فى احد الانقاذين بل باعتبار وجود المانع الذى هو ...
مطارح الانظار : ص ١١٥