فليس له سوى التسليم فيه |
|
وليس له سوى ما يصطفيه |
فإن أولته لم تحظ منه |
|
بعلم في القيامة ترتضيه |
ـ الوجه الرابع ـ (نُورٌ عَلى نُورٍ) نور الشرع (عَلى نُورٍ) بصر التوفيق والهداية ، فإذا اجتمع النوران بان الطريق بالنورين ، فلو كان واحدا لما ظهر له ضوء ، ولا شك أن نور الشرع قد ظهر كظهور نور الشمس ، ولكن الأعمى لا يبصره ، كذلك من أعمى الله بصيرته لم يدركه فلم يؤمن به ، ولو كان نور عين البصيرة موجودا ولم يظهر للشرع نور بحيث أن يجتمع النوران فيحدث الضوء في الطريق لما رأى صاحب نور البصيرة كيف يسلك ، لأنه في طريق مجهولة لا يعرف ما فيها ولا أين تنتهي به من غير دليل موقّف ، ولما كان القرب بالسلوك والسفر إليه ، لذلك كان من صفته النور لنهتدي به في الطريق ، فإنه لو لا ما دعاك وبيّن لك طريق القربة وأخذ بناصيتك فيها ما تمكن لك أن تعرف الطريق التي تقرب منه ما هي ، ولو عرفتها لم يكن لك حول ولا قوة إلا به ـ الوجه الخامس ـ (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الذي مثله بالمصباح شبّه النور الإلهي بنور المصباح وإن بعدت المناسبة ، ولكن اللسان العربي يعطي التفهم بأدنى شيء من متعلقات التشبيه ، فتكون المعارف على حسب ما وقع به التشبيه ، لأن المعارف متنوعة بالذي يريد صاحبها ، منها يدل عليه بأمر يناسبه ـ من وجه ما ـ مناسبة لطيفة لدلالة غيبية ، كما قال : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) بشروطه من الزجاجة ، التنزيه الذي هو الجسم الشفاف الصافي ، فكان قوله في الزجاجة مقام الصفا ، في المشكاة مقام الستر من الأهواء ، فلم تصبه مقالات القائلين فيه بأفكارهم (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) وهو الإمداد (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) في مقام الاعتدال لا تميل عن غرض إلى شرق فيحاط بها علما ، ولا إلى غرب فلم تعلم رتبتها (نُورٌ عَلى نُورٍ) وجود على وجود ، وجود عيني على وجود مفتقر.
الله نور تعالى أن يماثله |
|
نور وقد لاح لي في نار نبراس |
لو قال خلق به من دون خالقه |
|
لكفروه وما في القول من باس |
لأنه مثل لو قلته قيل هل |
|
لداء هذا الذي قد قال من آسي |
فالولي هو من يعرف ما ضرب الله له الأمثال ، فيشهد الجامع بين المثل وبين ما ضرب