قال العلماء في عدة المتوفى عنها : المتقدم في التلاوة ناسخ للمتأخر ؛ لأن المتلو أولا متأخر في النزول (١).
وقوله تعالى : (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أي : ابتدأ إنزاله فيه ، وأراد في ليلة القدر ، وقيل : أنزل جملة إلى سماء الدنيا ، ثم أنزل منجما.
وقيل : المعنى أنزل في شأنه القرآن ، وهو قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) كما يقال : أنزل في علي كذا وكذا. وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنزلت صحف إبراهيم عليهالسلام أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين ، والإنجيل لثلاث عشرة ، والقرآن لأربع وعشرين».
وقوله تعالى : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) إن قيل : ما وجه إعادة هذا ، وقد تقدم ذكره ، قال الحاكم : وإنما أعيد ؛ لأن أول الآية كان مع التخيير في الحاضر الصحيح ، وبيّن أوّلا حكم المسافر والمريض ، فلما نسخ التخيير في المقيم ، وضيق عليه بحتم الصوم ، كان من الجائز أن يظن أن التضييق يعم الحاضر والمسافر والمريض ، فأعيد ذكر المسافر والمريض لبيان بقاء الرخصة فيهما.
وقوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) قال أبو حنيفة : وهو موسع لا وقت لها (٢) ؛ لأن الآية لم تفصل.
وعن الحسن وجماعة : هو مضيق إذا برئ أو صح.
وقال الشافعي : مؤقت بما بين رمضانين ، فإذا دخل رمضان آخر
__________________
(١) ومثل هذا في الحاكم ، ولفظه (فأوجب الصوم حتما ونسخ التخيير ، وإن كان موصولا به في التلاوة ، لأن الإنفصال يعتبر عند الإنزال لا عند التلاوة ، وعلى هذا قال العلماء في عدة المتوفى عنها زوجها أن المقدم ناسخ ، والمتأخر في التلاوة منسوخ إذ لا معتد بالتلاوة والمتلو أولا هو المنزل آخرا).
(٢) وفي نسخة (قال أبو حنيفة لا وقت لها وهو موسع).