وإن عرف عدم التأثير محتجا بقوله تعالى في سورة الأعراف : (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف : ١٦٤].
والمعنى : وإذ قالت أمة من صلحاء بني إسرائيل : كفوا عن وعظ من صاد في السبت بعد أن أبلوا الجهد في ذلك ، فلما أيسوا كفوا ، وقالوا لأمة منهم من الصلحاء لم يكفوا عن الوعظ : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ) في الدنيا ، (أَوْ مُعَذِّبُهُمْ) في الآخرة (عَذاباً شَدِيداً) ، فأجابهم الواعظون بأن قالوا : نفعل ذلك معذرة ، أي : إبلاء للعذر إلى ربنا ؛ لئلا نكون ممن قصر في النهي ، ورجاء أنهم يتقون.
قال أبو علي : لم يكن قولهم : (لِمَ تَعِظُونَ) على طريق الإنكار.
واستدلال الإمام بقولهم : (مَعْذِرَةً) ليس بالواضح ؛ إذ هم راجون لتقواهم ؛ فإذا يقال : دلالة الآية على أن من أيس فلا وجوب عليه ، ولهذا ورد في الأثر «إن الكافين بعد الإياس ناجون» ومن يرجو فالوجوب باق ، ولهذا قالوا : (مَعْذِرَةً) أي : لا ننسب إلى التقصير.
والاستدلال بالآية الكريمة مبني على أصل ، وهو أن شرائع من تقدمنا تلزمنا ما لم تنسخ عنا ، وهذا هو المذهب ، وهي خلافية بين الأصوليين ، والظاهر من أقاويل المفسرين أن الساكتة ناجية ؛ لأنهم ثلاث فرق ، وإحدى الروايتين عن ابن عباس : أنها هالكة. لكن الأول هو الظاهر.
قوله تعالى
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٨]
قال الحاكم : الآية تدل على أنه لا ينبغي الاغترار بظاهر أحوال الناس ، فعلى هذا لا يقبل خبر المجهول ، وهذا قول أكثر العلماء من