قال : كنت عديلا لأبي عبيد القاسم بن سلام سنة من السنين ـ إلى أن قال : فلما صرت إلى المأزمين قال أبو عبيد : لو اشتريت لنا زبدا وتمرا ، فخرجت لابتياعه ، وكنت قد نسيت نفقتي ، فذكرت النفقة ، فرجعت إلى الموضع فإذا النفقة بحالها ، فأخذتها ورجعت فصادفت الوادي مملؤءا قردة وخنازير ، وغير ذلك ، فلما دخلت على أبي عبيد وسألني عن أمري فأخبرته ، وذكرت القردة والخنازير ، فقال : تلك ذنوب بني آدم تركوها وانصرفوا».
قوله تعالى
(فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) [البقرة : ٢٠٠ ـ ٢٠٢]
المناسك هنا : أعمال الحج ، وقيل : الذبائح. والذكر المراد قيل : هو التكبير أيام منى ، وقيل : سائر الأدعية ، وخص الدعاء بتلك المواطن لفضلها ، وقيل : بالتوحيد والتمجيد ، وقيل : بالذكر عقيب قضاء المناسك ، وهو الظاهر.
وقيل : مع قضاء المناسك ، وتقديره : فإذا أخذتم في قضاء المناسك ، والأمر هنا للندب ؛ لأنه لا يجب ذكر يختص به هذا المكان.
وقوله تعالى : (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) قيل : كانت العرب إذا فرغوا من الحج وقفوا عند البيت وذكروا مآثر آبائهم ، فأمر الله تعالى بأن يجعل الذكر له لا لهم ؛ فإنهم كانوا لا يذكرون الله ، بل يقول الرجل : اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة ، كثير المال ، فأعطني مثل ذلك ، وهذا عن كثير من المفسرين.