قوله تعالى
(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) [البقرة : ١٠٦]
هذه الآية الكريمة دالة على جواز النسخ ، وهو إجماع المسلمين (١) ، وخالف من أهل القبلة أبو مسلم بن بحر الأصفهاني ، وقال : المراد ما ننسخ من آية في شرائع من تقدم وكتبهم ، لا في القرآن (٢) ، وهو محجوج بالإجماع ، وبأن الآية عامة ، وفي المنتهى خلافه في الوقوع ، لا في الجواز.
وتدل الآية على جواز نسخ التلاوة دون الحكم ، وعكسه ، وعلى نسخهما معا.
وهذا قول المجاهير من علماء أهل البيت عليهمالسلام ، والمعتزلة ، والفقهاء ؛ لأن قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) المراد : من حكم آية ، أو من تلاوة آية ، وقوله : (نَنْسَخْ) قراءة الجماهير بفتح النون والسين ، والمراد الرفع ، وقراءة ابن عامر نُنْسِخْ بضم النون ، وكسر السين ، أي : نأمر جبريل عليهالسلام بأن يجعلها منسوخة.
وقوله تعالى : (أَوْ نُنْسِها) قرئ بضم النون ، وكسر السين ، بمعنى ننسيها من حفظها ، أو بمعنى : نتركها لا تنسخ (٣).
__________________
(١) أي : في ألفاظه ، وأما في الجملة فلا يجوز اتفاقا. عمدة ، هكذا في الحاوي ، وكتب أصحابنا.
(٢) ويحمل كلما ورد من آيات النسخ على التخصيص ، قال : إذ هو نوع منه ، وهذا قد تؤل به كلامه.
(٣) ولا يخفى على الحاذق أن قوله : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) لا ينطبق على هذا القول كما ينبغي. نيسابوري (ح / ص).
(٤) وفي حاشية للمولى العلامة (مجد الدين المؤيدي) (تفسير (نُنْسِها) بعد النسخ لا يستقيم ، لكونه معطوفا على جواب الشرط فهو جاء لما ننسخ فيصير المعنى : ما ننسخ من آية نأت بخير منها ، أو مثلها ، أو لا ننسخها ، والتفسير الصحيح لننسها ـ