لأمر الله ، فأرسل الله عليهم ضبابة وسحابة سوداء لا يتباصرون تحتها ، وأمروا أن يختبئوا بأفنية بيوتهم ، ويأخذ الذين لم يعبدوا العجل سيوفهم ، وقيل لهم : اصبروا ، ولعن الله من مد طرفه ، أو حل حبوته ، أو اتقى بيد أو رجل ، فيقولون : آمين. فقتلوهم إلى المساء ، حتى دعا موسى وهارون ، وقالا : يا رب هلكت بنو إسرائيل ، البقية البقية ، أي : سلم البقية ، فكشفت السحابة ، ونزلت التوبة ، فسقطت الشفار من أيديهم (١) ، وكانت القتلى سبعين ألفا.
قوله تعالى
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [البقرة : ٥٥]
قيل : القائلون بهذه المقالة هم الذين عبدوا العجل ، وقيل : غيرهم ، وكانت مقالتهم هذه كفرا لرد (٢) ما جاء به موسى عليهالسلام ، وأما تجويز الرؤية ، فإن كان معها تجسيم كانت كفرا ، وإن لم يكن معها تجسيم ، كأن يقول : إنه يرى من غير مقابلة ، فعن أبي علي ، وأبي هاشم ، والمؤيد بالله ، وهو قول الأكثر : إنه لا يكون كفرا ، وعن أبي القاسم : يكون كفرا.
قوله تعالى
(ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة : ٥٦]
قيل : إنه تعالى أحياهم بدعاء موسى عليهالسلام ، وكانت إماتتهم كالإغماء لم يعاينوا أحوال الآخرة ؛ إذ لو كان كذلك لم يصح تكليفهم ؛ لأنهم قد انتهوا إلى حالة الإلجاء
__________________
(١) في بعض النسخ (من بين أيديهم) (ح / ص).
(٢) في أ (برد ما جاء به موسى عليهالسلام).