ونظير ذلك من يشرب الدواء الكريه مع معرفته بنفعه ، فإنه يسهل عليه ، بخلاف الجاهل ، هذا مثال ضربه الحاكم.
ومثّله الزمخشري : بمن وعد على بعض الصنائع أجرة زائدة ، فإنك تراه في عمله ناشطا ، مع انشراح صدر ، ومضاحكة لمحاضريه ، كأنه مما يستلذ بمزاولته ، بخلاف حال عامل يتسخره بعض الظلمة ، ومن ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وجعلت قرة عيني في الصلاة) (١) وكان يقول : (يا بلال روّحنا) (٢).
قال سيدنا : سمعت من يصف شفاء لمريض ، وهو يقول لبعض خواصه : «ارجع إلى الصلاة» مستدلا بالآية الكريمة.
قوله تعالى
(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) [البقرة : ٤٦]
الثمرة من ذلك : عظم حال التفكر في العاقبة ، وفيما أعد لأهل الثواب والعقاب ؛ لأن ذلك يكون لطفا.
والظن يكون بمعنى العلم ، ومنه قوله تعالى في سورة التوبة : (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) [التوبة : ١١٨] وقال الشاعر (٣) :
__________________
(١) جزء من حديث أخرجه النسائي ٧ / ٦١ ، ٦٢ ، وأحمد انظر الفتح الرباني ٢ / ٢٠٦ رقم ٢٦. والسيوطي في جامع الأحاديث ٣ / ٧٤٧.
(٢) أخرجه أبو داود ٤ / ٢٩٦. وبلال هو : بلال بن رباح ، المؤذن ، وهو ابن حمامة ، أبو عبد الله ، مولى أبي بكر ، وحمامة أمه ينسب إليها ، صحابي جليل ، من السابقين الأولين ، شهد بدرا ، والمشاهد كلها ، مات بالشام سنة ١٧ ه أو سنة ١٨ ه وقيل سنة ٢٠ ه وله بضع وستون سنة ، مذكور في الأذان ، رحمهالله تعالى.
(٣) الشاعر : هو دريد بن الصمة ، وهو يروي في كتب الشعر :
علانية ظنوا بالفي مدجج |
|
سراتهم في الفارسي المسرد |
وهو ضمن أبيات قالها في رثاء أخيه عبد الله بن الصمة ، والمدجج : الفارس الذي تدجج في سلاحه ، أي : تغطى به ، والسراة : علية القوم وسادتهم ، والفارسي المسرد : الدروع الفارسية الحسنة الحبك والنسج ، ومنه قوله تعالى (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ).