الركوع ؛ لأن لا ركوع في صلاة اليهود ، وقيل : المراد بالركوع هنا الخضوع ، وقيل : أراد الصلاة نفسها ، ويكون هذا تأكيدا.
وقيل : أراد بذلك صلاة الجماعة ، وعير عن الصلاة بالركوع ؛ لأنه بعض أجزائها ، كما عبر عنها بالسجود ، ويكون هذا حكما رابعا ، وهو : وجوب صلاة الجماعة ، وهذا قد ذهب إليه طائفة من العلماء منهم أبو العباس ، وأحد قولي الشافعي ، وابن حنبل ، وأهل الظاهر على خلاف في ذلك ، هل هي فرض عين أو فرض كفاية؟ وهل الجماعة شرط في الصحة؟ وأكثر العلماء يذهبون إلى أنها سنة ، ويحملون الأمر بالركوع على الخضوع ، وأنه تعالى خصه من حيث أنه لا ركوع في صلاة اليهود ، أو على صلاة الجماعة ، ويكون الأمر بها على سبيل الندب ؛ لأنه قد ورد قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ نيفا وعشرين جزءا) (١) والتفضيل لا يكون إلا بين الجائزين.
قال في شرح الإبانة : «ولأن صلاة الجماعة لو وجبت في الأداء لوجبت في القضاء» وأكثر الشروط والأركان دلالته من جهة السنة في الصلاة والزكاة.
قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [البقرة : ٤٤] (٢)
__________________
(١) أخرج نحوه البخاري في كتاب الأذان باب فضل صلاة الجماعة ، ومسلم أيضا نحوه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب فضل صلاة الجماعة.
(٢) الهمزة للتقرير ، والتعجب من حالهم ، والبر سعة الخير والمعروف ، وقوله (أَفَلا تَعْقِلُونَ) توبيخ عظيم ، والمعنى : أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه ، وكأنكم في ذلك مسلوبوا العقول ؛ لأن العقول تأباه وتدقعه ، ونحوه (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ).