فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) [البقرة : ١٩١] وسيأتي ما فيها ، وهل هي محكمة أو منسوخة؟ وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (إن أبغض الناس عند الله ثلاثة : رجل قتل غير قاتله ، ورجل قتل برجل قتل في الجاهلية ، ورجل قتل في الحرم) ويروى (أعتى الناس) قال الشافعي : المراد بهذا على وجه الابتداء ، واتفقوا في القصاص في الأعضاء ؛ لأنه لا كفارة فيها ، فأشبهت الأموال (١) ، والنفس مشبهة بقتل الصيد لوجوب الكفارة (٢) ، فإن ارتكب ما يوجب القتل في الحرم ، فقال الشيخ أبو جعفر : يجوز استيفاؤه فيه لأنه هتك الحرمة.
وقال الهادي عليهالسلام : يستوفى خارج مكة (٣) ، قيل : أراد بمكة الحرم ، وقيل : المدينة.
فصل
وقد ألحق بحرم مكة حرم المدينة في تحريم صيده عندنا والشافعي ، خلافا للإمام زيد وأبي حنيفة.
حجتنا ما تقدم من الأثر ، ولقوله تعالى في سورة المائدة : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) قال في الانتصار : الحرم جمع حرام ، وهذا اللفظ قد يطلق على من كان في المدينة ، ولهذا قال الشاعر (٤) :
__________________
(١) والمختار في الفروع أنه لا يجوز فيها أيضا. (ح / ص).
(٢) أي : الضمان. (ح / ص).
(٣) وهو المختار في كتب الفروع. (ح / ص).
(٤) الشاعر : هو الراعي النميري ، عبيد بن حصن بن معاوية بن جندل النميري ، أبو جندل من الشعراء المحدثين ، كان من أجلة قومه ، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الابل ، وكان بنو نمير أهل مجد وسؤدد ، وقيل : كان راعي إبل من أهل بادية البصرة ، عاصر جريرا والفرزدق ، وكان يفضل الفرزدق ، فهجاه جرير هجاء مرا ، وهو من أصحاب الملحمات ، وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.