يبقى حوت في البحر إلا أخرج خرطومه يوم السبت ، فإذا مضى تفرقت ، كما قال تعالى في سورة الأعراف : (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) [الأعراف : ١٦٣] فحفروا حياضا عند البحر ، وشرعوا إليها الجداول ، فكانت تدخلها ، ويأخذونها يوم الأحد ، فالحبس في الحياض هو الاعتداء.
وقيل : كانوا يلقون آلة الصيد يوم الجمعة ، ويخرجونها يوم الأحد ، وقيل : اصطادوا يوم السبت ، وكان هذا زمن داود عليهالسلام بأيلة ، وكانوا ثلاث فرق فرقة هتكت الحرمة ، وفرقة أمسكت ولم تنه ، وفرقة أمسكت ونهت ، فمسخ الله تعالى الفرقتين الأوليين ، ونجّى الثالثة.
الثمرة من ذلك : حكمان
الأول : أن استعمال الحيل والذرائع لا يجوز ، وهذا يعارضه قوله تعالى في سورة ص : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) [ص : ٤٤] وفي هذا كلام يأتي بسطه إن شاء الله تعالى في سورة ص.
الحكم الثاني : أن الساكت عن إزالة المنكر عاص ، قال في الإنتصار : أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون : أني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين ألفا من شرارهم ، قال : يا رب هؤلاء الأشرار ، فما بال الأخيار؟ فقال : إنهم لم يغضبوا لغضبي وواكلوهم وشاربوهم.
قوله تعالى
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ