وعند الشافعي : لا يعتق إلا الآباء والأولاد ، وزاد مالك : الأخوة.
قوله تعالى
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) [البقرة : ١١٩]
قراءة أكثر القراء (تُسْئَلُ) برفع التاء واللام ، على جهة الإخبار ، وقراءة عبد الله ولن تسأل وقراءة أبي وما تسأل وهما شاذتان.
وقد دلت الآية : على أن العبد إذا فعل ما كلف من الأمر والنهي ، ولم يؤثر أمره ، ونهيه ـ أنه لا حرج عليه في عدم التأثير (١) ؛ لأن هذه نزلت تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهي كقوله تعالى في سورة الرعد : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد : ٤٠] وكقوله تعالى في سورة الشعراء : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [الشعراء : ٣] وكقوله تعالى في سورة فاطر : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) [فاطر : ٨].
وقيل : المعنى : لا تؤاخذ بذنبهم (٢) ، كقوله تعالى في سورة النور : (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) [النور : ٥٤] وكقوله تعالى في سورة الزمر : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الزمر : ٧].
قال أبو علي : وفي الآية دلالة على أن أحدا لا يؤاخذ بذنب غيره ، وهذا صحيح في أمر الآخرة (٣) ، وأما في أحكام الدنيا ، فقد يطالب الإنسان بجناية غيره كما تحمله العاقلة ، وكما يضمنه المرتهن (٤) على قول ونحوه ، وسيأتي شرح ذلك إن شاء الله تعالى
__________________
(١) في ب (في عدم التألم).
(٢) في ب (لا تؤاخذ بذنوبهم).
(٣) في نسخة (أحكام الآخرة).
(٤) لعله يريد على قول من يقول : تضمن جناية العبد المرهون على المرتهن ، والله أعلم ، وقوله (نحوه) الغاصب. (ح / ص).