كانت الملائكة تقاتل الجن ، فسبوا إبليس وهو صغير ، فكان مع الملائكة يعبد الله ، فلما أمروا بالسجود أمر معهم (١) ، ودليل أمره بالسجود قوله تعالى في سورة الأعراف : (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [الأعراف : ١٢] وقد قال تعالى في صفة الملائكة عليهمالسلام : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ) [التحريم : ٦] والملائكة لا نسل لهم ، ولإبليس نسل ، قال تعالى : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ) [الكهف : ٥٠] وإبليس خلق من النار ، وأما الملائكة فعن الحسن : من النور ، وعن أبي علي : من الريح ، والملائكة قد جعلهم الله تعالى رسلا ، قال تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) [فاطر : ١] ورسل الله معصومون. وقيل : إنه كان من الملائكة ، وإن الاستثناء متصل ، قال الحاكم : والأول الوجه ، لقوله تعالى : (كانَ مِنَ الْجِنِ) [الكهف : ٥٠].
وقال الزمخشري : يجوز أن يكون الاستثناء متصلا ، وإن كان من الجن ؛ لأنه كان مغمورا بين الملائكة ، لكونه واحدا من ألوف فغلبوا في قوله : (فَسَجَدُوا) ثم استثناه استثناء واحد منهم ، ويجوز أن يجعل منقطعا.
الحكم الرابع : أنه من رد أمر الله اعتقادا أنه ليس بحكمة ، أو ترك
__________________
ـ ولازمه ملازمة خدمة ، وكان قصيرا نحيفا في قامة يساوي الجالس ، وكان من جبال العلم ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم (من أراد أن يقرأ القرآن غضا طريا فليقرأه على ابن أم عبد) وكانت كنيته وسئل عنه علي عليهالسلام ، فقال : «قرأ القرآن ووقف عنده ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه».
وهو الذي زرع الفقه ، وتلقاه علقمة ، ثم إبراهيم ، ثم أبو حنيفة ، مات رضي الله عنه سنة ٣٢ ه أو سنة ٣٣ ه وهو ابن بضع وستين سنة ، وصلى عليه عثمان ، وقيل : الزبير ، وقيل : عمار رضي الله عنه ودفن بالبقيع. (تراجم الجنداري).
(١) يقال : هنا مأمور لدخوله في ضمن المأمورين ، وما في سورة الأعراف تصريح ، وهو ينبي عن دخوله هنا والله أعلم.