ويكون السجود بمعنى التحية ، ويكون بمعنى التعظيم ، وقد ذكر في سجود الملائكة لآدم وجوه :
الأول : أن ذلك على وجه التكرمة والتحية لآدم ، والعبادة لله تعالى وحده لا لآدم ، وهذا مروي عن كثير من المفسرين ، وكان السجود في ذلك الوقت تحيتهم ، وامتد ذلك إلى وقت سجود آخوة يوسف ، وقيل : كان آدم على معنى القبلة ، كما أمرنا بالسجود إلى الكعبة.
وقيل : السجود هاهنا بمعنى الإمالة ، أي : مالوا إلى آدم إكراما له ، وكذا إلى يوسف.
وقيل : العبادة فيه لله تعالى ، وإن اقترن به تعظيم الغير ، كما نعظم الرسول بفعل ما بلغنا أنه فعله (١).
وقيل : المراد بالسجود الخضوع والتواضع ، لا حقيقة السجود.
وقيل : المعنى في قوله تعالى : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) [يوسف : ١٠٠] أي : لله تعالى شكرا على النعمة. فعلى هذا السجود لغير الله تعالى على وجوه :
الأول : أن يكون على وجه العبادة ، فذلك كفر بلا إشكال.
الثاني : أن يكون على وجه التحية والإكرام ، غير معتقد أنه يستحق العبادة قال في شرح الإبانة : لا يكفر عند السادة والفقهاء ، وأبي هاشم ، والمرشد (٢) ، والقاضي ، ولكن يكون آثما (٣) ، فعلى هذا القول يكون ما ورد في السجود منسوخا إن حمل على حقيقة السجود والناسخ له
__________________
(١) لأن في التأسي به صلىاللهعليهوآلهوسلم تعظيما له ، وهو عبادة مقترنة بتعظيمه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) لعله يريد أبا عبد الله البصري ، فإنه كان يلقب بالمرشد. وينظر.
(٣) وبنى عليه الإمام المهدي عليهالسلام في أزهاره ، وشرف الدين في أثماره ، وحكاه حميد عنهم في فتحه ، وكذا في البحر ، حيث لا حامل له على ذلك من إكراه ، أو غرض كانفساخ نكاح ، ونحو ذلك.