وتجمعهما وحدة الدرس وربما جاءنا صبحاً وعصراً ، وأذكر أن تقريرات المجتهد الكبير السيد محمد تقي البغدادي قد كتبها والدي بخطه فاستعارها السيد مير علي وكتبها أيضاً وبحكم هذه الصلة فقد كنت أعيد عليه ما أحفظه من شعر في الإمام الحسين وأستوضح منه معناه وأطلب منه تشكيل القصيدة فلقد كانت ملكته الأدبية أقوى منها عند أبي ، وكان رحمه الله على جانب عظيم من الورع والتقى وعفة اللسان فما سمعته ذكر مخلوقاً بسوء ويحفظ للمجلس وللجليس كرامته فقد كان يقول : إني لأعجب ممن يجالس الناس وهو حاسر الراس وكنت أشاهده لا ينطق إلا إذا سُئل فإذا أجاب عن المسألة يكون جوابه قدر الحاجة خالياً من الفضول ، ولا زلت أتصوره جيداً عندما يترنم بالشعر على الطريقة المعروفة ب ( المثكل ) وهي من الشجاء بمكان وكثيراً ما سأل المغنون والملحنون عنها إذ أنها لم تنتزع من الأطوار المعروفة عند الملحنين وكان يجيدها فكنت أصغي اليه بكلّي ، أما نظمه للشعر فلم يزاوله إلا عندما أصبح مقعداً في بيته بمرض ( الروماتيزم ) فكان يتسلى به ولم أكن أسمع له من الشعر قبل ذلك إلا نادراً فقد عزم والدي على طبع مؤلف جدنا الأكبر السيد عبدالله شبّر في العقائد وهو كتاب ( حق اليقين في معرفة أصول الدين ) فنظم السيد بيتين فكانا على صدر الكتاب الذي طبع بلبنان بمطبعة العرفان ، صيدا سنة ١٣٥٦ ه. وهما :
إذا ما خفت تسقط
في عثار |
|
بمزلق هوّة
وضلال دين |
وجدتَ به
الدلائل واضحات |
|
إذا شاهدته حق
اليقين |
وإني أحتفظ برسالتين قيمتين كتبهما لوالدي عندما سافر إلى ( حيدر آباد دكن ) وفي الرسالتين من النظم الرائق والنثر الفائق ما يعجب وقد نشر شيء من إحداهما في الديوان أما الثانية فقد صدّرها بقطعة من روائعه جاء فيها :
إلى الهند أصبو
كلما طلع النجم |
|
لعلّ له فيما
ألمّ بكم علم |
نحيلا تحداني
السقام فراعني |
|
فلا كيف يضوبني
ولم يحوني كمّ |