ويحدث ابن عباس فيقول : إنى لغلام شاب مع أبى بمنى ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يقف على منازل القبائل من العرب ، فيقول : يا بنى فلان ، إنى رسول الله إليكم ، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد ، وأن تؤمنوا بى ، وتصدقوا بى وتمنعونى ، حتى أبين عن الله ما بعثنى به. قال : وخلفه رجل أحول وضىء ، له غديرتان عليه حلة عدنية. فإذا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوله وما دعا إليه ، قال ذلك الرجل : يا بنى فلان ، إن هذا يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه.
قال : فقلت لأبى : يا أبت ، من هذا الذى يتبعه ويرد عليه ما يقول؟ قال : هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب ، أبو لهب.
* * *
وأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنى عامر بن صعصعة ، فدعاهم إلى الله عزوجل ، وعرض عليهم نفسه ، فقال له رجل منهم : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال : الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء. فقال له : أفنهدف (١) نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟ لا حاجة لنا بأمرك ، فأبوا عليه.
فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم ، قد كانت أدركته السن ، حتى لا يقدر أن يوافى معهم المواسم ، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه
__________________
(١) تهدف ، بالبناء للمجهول : تصير هدفا.