ومسعود بن عمرو بن عمير ، وحبيب بن عمرو بن عمير ، فجلس إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودعاهم إلى الله ، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام ، والقيام معه على من خالفه من قومه. فقال له أحدهم : هو ينزع ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك. وقال الآخر : أما وجد الله أحدا يرسله غيرك؟ وقال الثالث : والله لا أكلمك أبدا ، لئن كنت رسولا من الله كما تقول ، لا أنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ، ولئن كنت تكذب على الله ، ما ينبغى لى أن أكلمك. فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف ، وقد قال لهم : إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عنى. وكره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يبلغ قومه عنه فيثيرهم ذلك عليه.
فلم يفعلوا ، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم ، وألجئوه إلى بستان لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ، وهما فيه ، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه ، فعمد إلى ظل شجرة من عنب ، فجلس فيه ، وابنا ربيعة ينظران إليه ، ويريان ما لقى من سفهاء أهل الطائف.
فلما اطمأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : اللهم إليك أشكو ضعف قوّتى ، وقلّة حيلتى ، وهوانى على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربى ، إلى من تكلنى؟ إن لم يكن بك علىّ غضب فلا أبالى ، ولكن عافيتك هى أوسع لى ، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزل بى غضبك ، أو يحل على سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك.
فلما رآه ابنا ربيعة : عتبة وشيبة ، وما لقى ، تحركت له رحمهما (١) ، فدعوا
__________________
(١) الرحم : الصلة والقرابة.
(م ٦ ـ الموسوعة القرآنية ـ ج ١).