فبعثوا عبد الله بن أبى ربيعة ، وعمرو بن العاص بن وائل ، وجمعوا لهما هدايا للنجاشى ، ولبطارقته ، ثم بعثوا إليه فيهم وقالوا لهما : ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشى فيهم ، ثم قدما إلى النجاشى هداياه ، ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم.
فخرجا حتى قدما على النجاشى. فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن بكلما النجاشى ، وقالا لكل بطريق منهم : إنه قد لجأ إلى بلد الملك غلمان منّا سفهاء ، فإذا كلمنا الملك فيهم ، فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم. فقالوا لهما : نعم.
ثم إنهما قدّما هدايا هما إلى النجاشى ، فقبلها منهما ، ثم كلماه وكلمه البطارقة ، فغضب النجاشى وقال : لا أسلمهم أبدا حتى أدعوهم فأسألهم عما يقولون ، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاورونى.
فأرسل النجاشى إلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعاهم فقال لهم : ما هذا الدين الذى فارقتم فيه قومكم؟
فقال له جعفر بن أبى طالب : أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، فصدقناه وآمنا به ، فعدا علينا قومنا فعذبونا ليردونا إلى عبادة الأوثان ، فلما قهرونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك.
فقال لهما النجاشى : انطلقا ، فلا والله لا أسلمهم إليكما ، ولا يكادون.
* * *