إلا طيبا ، لا يدخل فيها مهر بغى ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس.
ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه ، فقال الوليد بن المغيرة : أنا أبدؤكم فى هدمها ، فأخذ المغول ثم قام عليها وهو يقول : اللهم إنا لا نريد إلا الخير ، ثم هدم من ناحية الركنين.
فتربص الناس تلك الليلة وقالوا : ننظر ، فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت ، وإن لم يصبه شىء ، فقد رضى الله صنعنا ، فهدمنا.
فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله ، فهدم وهدم الناس معه ، حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس ـ أساس إبراهيم عليهالسلام ـ وأفضوا إلى حجارة خضراء أخذ بعضها بعضا ، فانتهوا عن ذلك الأساس.
* * *
ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها ، كل قبيلة تجمع على حدة ، ثم بنوها ، حتى بلغ البنيان موضع الركن ، فاختصموا فيه ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى ، حتى أعدوا للقتال.
فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ، ثم تعاقدوا هم وبنو عدى بن كعب ابن لؤى على الموت ، وأدخلوا أيديهم فى ذلك الدم فى تلك الجفنة ، فسموا : لعقة الدم.
فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا ، ثم إنهم اجتمعوا فى المسجد وتشاوروا وتناصفوا.
ثم إن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وكان عامئذ أسن قريش كلها ، قال : يا معشر قريش ، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد ، يقضى بينكم فيه ، ففعلوا.