وقد عرفت خديجة محمدا حين خرج فى تجارة لها إلى الشام فى رحلته الثانية مع غلامها ميسرة ، وكانت رحلته الأولى إلى الشام حين خرج مع عمه أبى طالب ، وسنه اثنا عشر عاما ، حدثها ميسرة عن صدقه وأمانته فرغبت فيه وسعت إلى الزواج منه.
وولدت خديجة لمحمد أولاده كلهم إلا إبراهيم ، فإنه من مارية القبطية ، فولدت له القاسم ، وبه كان يكنى ، والطيب «الطاهر» ، ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، وفاطمة.
ومات القاسم والطيب فى الجاهلية. وأدركت بناته كلهن الإسلام وأسلمن.
وحين بلغ محمد خمسة وثلاثين أخذت قريش فى تجديد بناء الكعبة ، وكانت قد أصابها حريق ، ومن بعد الحريق سيل. وحين بلغت قريش موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يكون له الشرف فى وضعه موضعه ، وكاد الخلاف يثير بينهم حربا ، ثم انتهوا إلى أن يكون الفصل بينهم إلى أول داخل عليهم من باب بنى شيبة ، وكان محمد أول داخل عليهم من هذا الباب ، فارتضوه حكما فيما شجر بينهم ، فبسط محمد رداءه ووضع الحجر عليه ، وأمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف من أطراف الرداء ، حتى إذا ما استووا رفع الحجر بيديه ووضعه مكانه.
ولقد عرفت قريش محمدا صبيّا فلم تعهد عليه ما تعهد مثله على الصبيان من إسفاف أو تدن ، وعرفته يافعا فلم تعد له نزوة أو زلة ، ثم عرفته زوجا فى سن مبكرة فعرفته أطهر الأزواج ذيلا.
وهو منذ أن درج بين أهله ووعى كان الصادق الأمين ، لا يقول إلا صدقا ، ولا يعطى أو يأخذ إلا أمينا حين يعطى ، أمينا حين يأخذ ، أمينا