فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ، ثم قال : أيها الناس ، أنفذوا بعث أسامة ، فلعمرى لئن قلتم فى إمارته لقد قلتم فى إمارة أبيه من قبله ، وإنه لخليق للإمارة ، وإن كان أبوه لخليقا لها.
ثم نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وانكمش (١) الناس فى جهازهم ، واستعز برسول الله صلىاللهعليهوسلم وجعه ، فخرج أسامة ، وخرج جيشه معه حتى نزلوا الجرف ، من المدينة على فرسخ ، فضرب به عسكره ، وتتام إليه الناس ، وثقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأقام أسامة والناس ، لينظروا ما الله قاض فى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فاجتمع إليه صلىاللهعليهوسلم نساء من نسائه : أم سلمة ، وميمونة ، ونساء من نساء المسلمين ، منهن : أسماء بنت عميس ، وعنده العباس عمه ، فأجمعوا أن يلدوه (٢). وقال العباس : لألدنه ، فلدوه. فلما أفاق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : من صنع بى هذا؟ قالوا : يا رسول الله ، عمك. قال : هذا دواء أتى به نساء جئن من نحو هذه الأرض ، وأشار نحو أرض الحبشة. ثم قال : ولم فعلتم ذلك؟ فقال عمه العباس : خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب ، فقال : إن ذلك لداء ما كان الله عزوجل ليقذفنى به ، لا يبق فى البيت أحد إلا لد إلا عمى ، فلقد لدت ميمونة وإنها لصائمة ، لقسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عقوبة لهم بما صنعوا به.
* * *
__________________
(١) انكمش : أسرع.
(٢) أى أن يجعلوا الدواء فى شق منه.