الله ، قد تخلف أبو ذر ، وأبطأ به بعيره ، فقال : دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه. وتلوّم (١) أبو ذر على بعيره ، فلما أبطأ عليه ، أخذ متاعه فحمله على ظهره ، ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ماشيا. ونزل رسول الله فى بعض منازله ، فنظر ناظر من المسلمين ، فقال : يا رسول الله ، إن هذا الرجل يمشى على الطريق وحده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كن أبا ذر. فلما تأمله القوم قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ، فقال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم : رحم الله أبا ذر ، يمشى وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده.
وقد كان رهط من المنافقين ، يشيرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين فى الحبال .. إرجافا وترهيبا المؤمنين.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمار بن ياسر : أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا (٢) فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا. فانطلق عمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعتذرون إليه.
* * *
ثم أقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نزل بذى أوان ، بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدا لذى العلة والحاجة
__________________
(١) تلوم. تلبث.
(٢) احتراقو : هلكوا.
(م ١٧ ـ الموسوعة القرآنية ـ ج ١)