قد بعثته قريش إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ليشد العقد ، ويزيد فى المدة ، وقد رهبوا الذى صنعوا. فلما لقى أبو سفيان بديل بن ورقاء ، قال : من أين أقبلت يا بديل؟ وظن أنه قد أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : تسيرت فى خزاعة فى هذا الساحل ، وفى بطن هذا الوادى ، قال : أو ما جئت محمدا! قال : لا. فلما راح بديل إلى مكة ، قال أبو سفيان : لئن جاء بديل المدينة لقد علف بها النوى ، فأتى مبرك راحلته ، فأخذ من بعرها ففته ، فرأى فيه النوى ، فقال : أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا.
ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبى سفيان. فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلىاللهعليهوسلم طوته عنه ، فقال : يا بنية ، ما أدرى أرغبت بى عن هذا الفراش أم رغبت به عنى؟ قالت : بل هو فراش رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنت رجل مشرك نجس ، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال : والله لقد أصابك يا بنية بعدى شر ، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكلمه ، فلم يرد عليه شيئا ، ثم ذهب إلى أبى بكر ، فكلمه أن يكلم له رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ما أنا بفاعل ، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه ، فقال : أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فو الله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به.
ثم خرج فدخل على علىّ بن أبى طالب رضوان الله عليه ، وعنده فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورضى عنها ، وعندها الحسن بن علىّ ، غلام يدب بين يديها ، فقال : يا على ، إنك أمس القوم بى رحما ، وإنى قد جئت فى حاجة ، فلا أرجعن كما جئت خائبا ، فاشفع لى إلى رسول الله ، فقال : ويحك يا أبا سفيان! والله لقد عزم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أمر ، ما نستطيع أن نكلمه فيه. فالتفت إلى فاطمة فقال : يا ابنة محمد ، هل لك أن تأمرى بنيك هذا فيجير بين