مما يقول الناس ، فتوبى إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده ، فو الله ما هو إلا أن قال لى ذلك ، فقلص دمعى ، حتى ما أحس منه شيئا ، وانتظرت أبواى أن يجيبا عنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلم يتكلما.
قالت : وايم الله ، لأنا كنت أحقر فى نفسى ، وأصغر شأنا من أن ينزل الله فى قرآنا يقرأ به فى المساجد ، ويصلى به ، ولكنى قد كنت أرجو أن يرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى نومه شيئا ، يكذب به الله عنى ، لما يعلم من براءتى ، أو يخبر خبرا ، فأما قرآن ينزل فىّ ، فو الله لنفسى كانت أحقر عندى من ذلك. قالت : فلما لم أر أبواى يتكلمان ، قلت لهما : ألا تجيبان رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقالا : والله ما ندرى بما ذا نجيبه!
قالت : والله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبى بكر ، فى تلك الأيام ، فلما أن استعجما علىّ ، استعبرت فبكيت ، ثم قلت : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا ، والله إنى لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أنى منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقوننى ، ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره ، فقلت : ولكن سأقول كما قال أبو يوسف : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ).
* * *
فو الله ما برح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما تغشاه ، فسجى بثوبه ، ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فو الله ما فزعت ولا باليت ، قد عرفت أنى بريئة ، وأن الله عزوجل غير ظالمى ، وأما أبواى ، فو الذى نفس عائشة بيده. ما سرى عن